أحمد نجيم من الدار البيضاء: نهاية كل أسبوع، تقام بالمغرب أعراس بميزانيات كبيرة. الظاهرة الجديدة لهذه الأعراس المسرفة في الإنفاق، دعوة أكبر نجوم لبنان لاحيائها من نانسي عجرم إلى إليسا ورامي عياش. وقد واكبتإيلاف هذه الظاهرة المجتمعية المغربية.

نانسي عجرم
حفلات زفاف الأثرياء المغاربة، تحولت إلى ما يشبه مهرجانا فنيا، إذ توكل مهمة التنظيم إلى شركات لتنظيم الحفلات والسهرات quot;الوكالات هي من يتصل بنا لحضور الحفلاتquot; يقول فنان مغربي ينشط في مجموعة من الحفلات. مع حفلات الزفاف الحالية دخلنا عالم التخصص، لم يعد ممون الحفلات يتكفل بكل شيء، أصبح هناك توزيع للمهام، فممون الحفلات مكلف بإقامة الحفل من الديكور إلى الأكل، وهناك مكلف بالتنسيق مع المغنيين المدعويين، يوقع معهم العقود. صاحب الحفل مدعو مثله مثل غيره يوم حفل الزفاف.
كما يهتم المنظمون بتخليد تلك الذكريات.

هناك شركات للإنتاج أضحت متخصصة فقط في تصوير الأعراس، لها إمكانيات تفوق شركات الإنتاج المكلفة بتصوير أفلام وبرامج للتلفزيون، تنقل الشركة إلى العرس الواحد خمس كاميرات محترفة، ثلاث ثابتة وكاميرتان متنقلتان. هؤلاء يرفضون التعامل مع التلفزيون، وأحيانا يوظفون أشهر المصورين المغاربة العاملين في التلفزيون.

كما يتوفر الوكالة على آلات للمونتاج. طبعا وسط هذه الاحترافية يظل دور ممون الحفلات مركزيا، وبه يتحدد قيمة العرس. فأصحاب الأعراس الغالية الثمن يلجؤون إلى وجبات باهضة الثمن، فالسلاطة مكونة من في الغالب من سمك الهومار(فواكه البحر)، ثمن الطبق الواحد ل10 أشخاص 3 آلاف درهما، بعملية بسيطة ثمن هذه السلاطة للشخص الواحد أغلى من سلاطة أرقى مطعم في الدار البيضاء.

الأعراس المغربية أضحت قبلة للفنانين اللبنانيين quot;هذه آخر صيحة في أعراس البورجوازية المغربية، هي التباهي بإحضار نجوم لبنانquot; يحكي فنان مغربي يحضر بشكل شبه دائم إلى هذه العينة من الأعراس، ثم يضيف quot;كل شيء من لبنان، هذه هي الموضة الجديدة. من الجوقة إلى الرقصات الشعبية كل شيء من لبنانquot;.

فحفل زواج ابن عمر القباج، صاحب فندق quot;حياة ريجنسيquot; البيضاء ببنت الصفريوي، صاحب محل الساعات الشهيرة quot;ميستارquot;، شهد حضور الفرقة الشعبية اللبنانية quot;الدبكةquot;، بالإضافة إلى المغني المغربي عبد العالي الغاوي ونجمة الرقص المغربية نور، بالإضافة إلى فرقة الدبكة اللبنانية، كما نشط حفل الزفاف الفنان المصري خالد سليم الذي حصل على 200 ألف درهما، وكان أصحاب العرس يعولون على فنانين كبيرين من لبنان وهما عاصي الحلاني والنجمة إليسا، غير أنهما لم يحضرا.

نانسي عجرم أضحت نجمة الأعراس المغربية، فخلال أقل من سنة أحيت ثلاث حفلات زفاف، آخرها حفل زفاف بنت الصفريوي برجل الأعمال مامون بناني. نانسي عجرم وجاءت ككل النجمات الكبيرات، بوديكارد يحرصها، كما أنها اشترطت quot;كلشي يوقف الماكلة باش كانت كتغنيquot; تحكي إحدى المدعوات.

قبلها كانت نانسي نشطت حفل زفاف رجل الأعمال هشام آيت منى، وحفل زفاف رجل أعمال بمدينة الناظور. النجمة لا تتحرك إلا بطائرة خاصة رفقة موسيقييها ووكيل أعمالها جيجي مارا، في حفل زفاف الصفريوي الأخير، حصلت هي والجوق المرافق لها والحراس الشخصيون على مليوني درهما، نالت لوحدها 800 ألف درهما، طبعا النجمة حصلت على مبلغ أكثر من المبلغ الذي تطلبه للمشاركة في مهرجانات فنية بالمغرب أو خارجه إذ لا تتجاوز 600 ألف درهما. حتى حفل زفاف أخت زوجة رجل أعمال السوسي عزيز أخنوش بالبيضاء قبل أشهر راهن على الفنانين اللبنانيين، بالإضافة إلى الحاجة حليمة وعبد الرحيم الصويري، نشط الحفل الفنان اللبناني رامي عياش.

هناك بعض رجال الأعمال يستدعون فنانين غير لبنانيين وهي حالات قليلة، كحالة هند عشابي، سيدة أعمال سطع نجمها بسرعة، صاحبة متجر quot;روبيرطو كافاليquot; بالبيضاء، قد استدعت لحفل زفافها المغنية الجزائرية فلة، كما أن كبار العائلات الصحراوية تحضر نجوم الغناء الموريتاني خاصة ديمي بنت أبا.

تقوية العلاقات بالمصاهرة
يعتقد عدد من المواطنين أن أعراس البورجوازية الجديدة فيها مبالغة مستفزة لعدد من المغاربة الذين يعيشون وضعا اجتماعيا غاية في الصعوبة، أو لأناس ألفوا هذه الحياة quot;السيد (في إشارة إلى أنس الصفريوي) رفع الإيقاع بزاف، بهر كلشي اللي حضرquot;، يتحدث فنان حضر الحفل، ثم يضيف quot;العرس كان فيه البذخ كثيرquot;. لكن هؤلاء لا يفعلون ذلك بحثا عن إثارة الاهتمام فقط، فالمصاهرة كانت وسيلة quot;فعالة من أجل توثيق صلات الارتباطات العائليةquot; يقول المؤرخ عبد الهادي التازي، الذي يذكر بعلاقة المصاهرة بين عائلة القباج وعائلات فاسية أخرى كبنجلون واالعلج والعراقي وعمور والصنهاجي وكسوس، كما أن صاحب كتاب quot;أمير المؤمنينquot; الأمريكي وارتر بوري يتحدث عن فاسة كنخبة quot;مدينية استطاعت أن تحافظ على تقاليدها وتحالفاتها ومكتسباتها حتى عندما انتقلت إلى مدن أخرىquot; ففي السبعينات كانت 60 عائلة تهيمن على الصناعة المغربية، نصفها عائلات فاسيةquot; هذه الهيمنة التي مازالت قائمة إلى اليوم كانت من خلال المصاهرات، لذا اختار الصفيروي لتقوية نفوذه مصاهرة عائلة بناني، والغريب أن كليهما يعملان في قطاع العقار، الأول راكم ثروته من السكن الاقتصادي، وأصبح، حسب مجلة quot;لوجورنالquot;، على رأس قائمة عشر أغنياء مغاربة، وحددت ثروته في 24 مليار درهما. أسهم مجموعة quot;الضحىquot; تضاعفت خمس مرات ونصف في أقل من ستة أشهر من طرحها في البورصة، أما الثاني فمتخصص في بناء الفيلات الراقية، لذا فهذا الزواج الذي أنفقت فيه ميزانية مهرجان فني ينشط مدينة بكاملها، كان quot;تقوية للروابطquot; كما يؤكد الأنتربولوجي المغربي عبد الباقي بلفقيه. هناك جانب آخر رمزي هذه المرة يتحدث عنه بلفقيه، وهو quot;الرأسمال الرمزيquot;، فهو يرى أن اللجوء إلى التفاخر بالأعراس ذات الميزانيات الكبيرة له علاقة أولا بquot;رمزية مؤسسة الزواجquot;، موضحا أن الرفع من هذه الرمزية لها علاقة بتحولات مجتمعية كثيرة بدأت تهدد هذه المؤسسة وتشكك فيها كquot;المثلية الجنسيةquot; وquot;الإقامة بين جنسين دون زواجquot; وquot;تأخر سن الزواج للجنسين معاquot;، كل هذه الأمور تؤثر على المؤسسة، فتكون ردة الفعل، يشرح الباحث، على شاكلة أعراس الصفيريوي وأخنوش...وأشار إلى أن هناك تلاقي بثلاثة أمور quot;الرمزيةquot; وquot;الانتماء إلى عائلة معروفةquot; ثم quot;التحالفات الاقتصاديةquot;. ويتحدث الباحث بلفقيه عن عنصر آخر مرتبط بالانتماء الطبقي والتميز quot;الصفريوي يريد أن يقول من خلال عرسه quot;أنا الصفريوي ولد العائلة الفاسية العريقة اللي كيملك ثروة كبيرة خاصني ندير عرس مختلف كلشي يهدر عليهquot;. طبعا نجح في مسعاه هذا وحقق مراده.