ستون عاماً على نكبة الذاكرة
حكاية quot; ميرون quot; المستعادة بالرسم والأغنية
عماد الدين رائف من بيروت: توزع الفتاة الفلسطينية اللهجة والهوية والحنين وقتها بين فصلها الدراسي كمعلمة لأطفال اللاجئين الفلسطينين في لبنان، في إحدى مدارس الأنروا، وبين إبداع يتخذ شكل اللحن والأغنية حيناً، والرسم أحياناً. هي أمل كعوش، فنانة فلسطينية صاعدة، كانت عائلتها قد انتزعت من فلسطينها عام 1948 لتحط رحالها في شتات لبنان. في معرض رسوماتها الأول، الذي اختصر رحلة ثلاث سنوات من الرسم quot; غير المقصود quot;، quot; كان شي عم ينجز على الورق ولم يكن يوجد لدي مشروع معرض quot;. تقف أمل بين لوحات صغيرة الحجم زينت جدران الطابق السفلي من مسرح دوار الشمس في بيروت، تجول بين اللوحات التي ارتسمت في معظمها شخصية quot; ميرونها quot;، فتاة - ظل ذات ضفيرتين طويلتين، تجسد من خلالها نفسها وتوقها إلى المكان الغائب وراء الحدود، القريب قرب اليوم في أحاديث الأهل والأصحاب.
من هي quot;ميرونquot; الفتاة؟ كيف ترتبط بميرون المكان الذي تركه أهله قبل ستين عاماً؟ quot;لو ما في إسرائيل كنت هلق بميرون بلدي بفلسطين تحت أغصان الزيتون عم بغني لبلادي أو يمكن عم بسبّا ما حدا إلو معي بكرهها أو بحبّا...quot;، كما تغني أمل، تضيف: quot;فلسطين بالنسبة إلي هي كل فلسطين، ارتباطي بها كبير جداً. وإن عدت إليها يوماً لا بد أن أعود إلى قريتي ميرونquot;.
ميرون الذاكرة والحاضر
يقال إن quot;ميرونquot; تحريف لكلمة ميروم الكنعانية بمعنى مرتفع، وقد تسمّت بهذا الاسم قرية وقعت على السفح الشرقي الخفيف الانحدار من جبل الجرمق، أعلى جبال فلسطين وكانت تشرف على منطقة كثيرة التلال في الجليل الأعلى. يمتد وادي ميرون جنوبي القرية مشكلاً حدها الجنوبي فيما كانت القرية تقع في الجهة الغربية من طريق عكا صفد العام. يطلق على القرية بالقرية العائلية لأن سكانها ينتمون لعائلة واحدة هي عائلة كعوش وينسب اليهم الشهيد جلال محمد كعوش؛ وقد طرد سكانها على دفعتين، الأولى بعيد سقوط صفد في 10 مايو 1948، والأخرى في أواخر أكتوبر بعد أن احتلت القرية نفسها، ولا يعرف على وجه الدقة ماذا حلّ بمن تخلف فيها من المدنيين، وإن دلت وثيقة من وثائق وزارة شؤون الأقليات الإسرائيلية على أن سكان القرية هجروا عقاباً لهم على مقاومتهم. وقد دُمّر القسم العربي من القرية الذي ضم عشية التهجير 83 بيتاً، وما بقي منه عبارة عن بعض الغرف والحيطان الحجرية، وفي أحد هذه الحيطان فتحة على شكل باب، وفي حائط آخر مدخل تعلوه قنطرة. أما فيما عدا ذلك، فإن الأعشاب والأشجار تغطي الموقع الذي بات جزءاً من مستعمرة ميرون التي أسست على أراضي القرية في سنة 1949.
في اللحن واللوحة
في أغنية لها بعنوان quot;يا دنياquot; تقول أمل: quot;غنيّنا عسلها وعذابا/ وان ضحكت بيبانو نيابا/ ولحّق ع قرارا وجوابا...quot;. تكمل أمل عامها الخامس في الكونسرفتوار، المعهد الوطني العالي للموسيقى في بيروت، تدرس الغناء الشرقي، تقول: quot;بالنسبة للموسيقى، لا يوجد لدي إنتاج بشكل رسمي، إنما أشارك في مهرجانات مختلفة، وورش عمل موسيقية قدر المستطاع، أما التسجيلات التي لدي فمعظمها تسجيلات حية في حفلات، والباقي أفكار لمشاريعquot;. حول العمل الموسيقي تضيف: quot;في الموسيقى بطبيعة الحال لا يمكنك العمل منفرداً، فلا بد من وجود موزع واستديو وبطبيعة الحال ممول، وأنا في انتظار تكوين فريق لديه المؤهلات الكافية لإنتاج عمل موسيقيquot;.
التعليقات