المهاجر الاول من لبنان كان منها
مزيارة الشمالية بلدة القصور والتحف الفنية

ريما زهار من بيروت: تقع في محافظة الشمال، قضاء زغرتا، وترتفع عن سطح البحر 750 مترًا، تبعد عن بيروت 106 كلم، ويبلغ عدد سكانها اكثر من 3000 نسمة، تصل اليها عن طريق طرابلس زغرتا، انها بلدة مزيارة الشمالية التي ما ان تطأها قدماك حتى تبهرك قصورها المبنية على اشكال

منزل على شكل طائرة
ندسية مختلفة، فتجد المنزل المبني على شكل طائرة وآخر على شكل اعمدة بعلبك واخرى باشكال تنافس بجمالها اجمل قصور العالم، اما اصل اسم مزيارة فقد يكون تحريفًا لمآزر ويفسر الاهالي الاسم كما يلي، كان في المنطقة آثار قديمة، وكان الاهالي يذهبون لزيارتها فاذا سئلوا اين كانوا اجابوا، بالزيارة، ثم تحرفت هذه العبارة مع مرور الزمن واصبحت مزيارة.

تاريخها وآثارها

يبدأ تاريخ القرية الحديث، مع القرن السابع عشر عندما نزح اليها أربعة إخوة من بكفيا هم خوري ويونس وعبد الاحد ونعمة، وسكنوا بلدة إجبع، غير انهم ما لبثوا ان تركوها لشدة البرد فيها، وانحدروا نحو منخفض يسمى ريشتاعموت، وهي كلمة سريانية تعني رأس الطعم، او رأس اللذة، وسكنوا هناك مدة سبعين عامًا، فلم يناسبهم المناخ كثيرًا فانتقلوا الى quot;حمصquot; المجاورة، وكانت تدعى قديمًا الوطى، وكانت هذه الارض ملكًا لآل رعد، من الضنية، فاتصل هؤلاء بمقدمي بشري الذين قايضوا آل رعد بارض في بحيرة تولا وغيرها.


وتسلم أبناء ريشتاعموت الارض وزرعوها، وكان الشرط بينهم وبين مقدمي بشري، ان يستثمروا الارض طيلة خمس سنوات، على اساس انهم شركاء لا مالكين، دون ان يدفعوا للمقدمين شيئًا طيلة هذه المدة، وبعد زوال المقدمين اصبحت الارض ملكًا لآل عيسى الخوري وآل كرم، وبعد مضي فترة من الزمن، تضايق الاهالي من الجباة الذين كانوا يحضرون من قبل المالكين القدماء، لجباية المواسم والاموال، فذهب الخوري يوسف يونس الى الوالي العثماني في دمشق، وتقدم اليه بعرض مال أورد فيه شكواه، فارسل الوالي الى البلدة من يحقق في الامر، فوجد ان الاهالي يملكون قسمًا كبيرًا من الارض كحق مكتسب، نظرًا للمدة الطويلة التي قضوها هناك، فحكم الوالي بان يدفع الاهالي عن القسم الباقي من الارض، فتصبح الارض كلها لهم، وهكذا كان، فآلت ملكية الارض الى الاهالي وحدهم، واهتموا بالزراعة، ولما انقرضت دودة الحرير، وبدأت الهجرة، كان اول مهاجر لبناني الى البرازيل المدعو الياس الشدياق من مزيارة، كما ان اول مهاجر الى نيجيريا هو الياس الخوري من البلدة ايضًا.
وفي البلدة آثار تدل على ان المنطقة كانت مأهولة في الماضي القديم.

تمثال للمغترب الاول في مزيارة

ومن اهم منتجاتها الزراعية التفاح والاجاص والعنب والحبوب على انواعها.
تروي البلدة ظمأ أهاليها من نبع quot;عين المطرانquot; الذي ينبع من مرتفعات حرج إهدن، أما أبرز أنواع الأشجار والنباتات التي تنبتها أرض مزيارة فهي: السنديان والصنوبر والشربين والسرو والخرنوب. وقد عملت المجالس البلدية المتعاقبة والجمعيات الأهلية في البلدة على غرس عدد لا بأس به من أشجار الكينا والصفصاف والميموزا بهدف إغناء التنوّع النباتي وزيادة المساحات الخضراء.

ام المراحم في مزيارة

وتتواجد في أحراج مزيارة وكرومها النباتات والأعشاب المعروفة في القرى اللبنانية، ومختلف أنواع الزهورات التي تجفف للاستهلاك شتاء.
وككل بلدة لبنانية، يقيم المزياريون في تجمعات سكنية متلاصقة تسمى حارات ومنها في مزيارة القديمة: حارة quot;التحتاquot;، quot;المعلّقةquot;، quot;حارة اللوزquot;، quot;العربةquot; إضافة الى محيط الكنيسة وساحتها. ونتيجة لازدياد عدد السكان، ظهرت حارات جديدة منذ أواخر الأربعينات وهي quot;حارة الجديدةquot; وquot;الضهرquot; وquot;القلعquot;.

من قصورها الجميلة

في القرن السابع عشر، وقعت خلافات بين الأهالي ومشايخ البلدة حول ملكية الأراضي، فهاجر عدد من المزياريين الى البرازيل بهدف تأمين الأموال لاسترداد الأراضي التي خسروها على أثر حكم غيابي قضى بملكية الأراضي للمشايخ. أما أحد أبناء البلدة، ويدعى يوسف الياس الخوري الملقب بـquot;أبو حناquot;، فراح يستدين من متمولي طرابلس ويدين quot;آغوات الضنيةquot;، الى أن جاء وقت عجز فيه هؤلاء عن تسديد الديون نقدًا فسددوها أراض وعقارات، ومنها مزرعة بشنّاتا التي أصبحت مصيفًا للمزياريين؛ ومن quot;بلّوط سنديان بشنّاتاquot;، فرض يوسف الياس الخوري على كل مزياري أن يملأ جرابًا ويزرعه حول البلدة، وعيّن يوم الأحد من كل موسم quot;عيدًاquot; لزرع البلوط، ومن تلك quot;الأعيادquot; أحاطت بمزيارة غابات السنديان الخضراء.

قصر على شكل اعمدة بعلبك

وبعدما عاد المزياريون الى بلدتهم، دفعوا وتملكوا الأراضي وتوسّعوا في جوارها. وتجدر الإشارة الى أن بعضًا من عائلات مزيارة قد اضطر بسبب قساوة طبيعة الأرض الصخرية الى شراء بساتين زيتون في منطقة ساحلية مجاورة لقرية quot;دير نبوحquot;، وكانت هذه العائلات تقيم هناك طيلة موسم قطاف الزيتون نظرًا لصعوبة المواصلات بين مزيارة والساحل، مما أدى مع الوقت الى نشوء قرية quot;صخرةquot; التي سكنها الأهالي بصورة دائمة، وهي اليوم تابعة عقاريًا لبلدة مزيارة.

*تصوير ريما زهار