تبدو العاصمة الالمانية برلين أكثر مدن العالم جاذبية للمهاجرين الروس، هناك 200 الف روسي يعيشون ويعملون في برلين، منهم 24 الف مسجلين بشكل رسمي في دوائر الهجرة في برلين، اما الاخرون فيعيشون بشكل متقطع او غير مسجلين في الدوائر الرسمية.


صلاح سليمان من برلين: ينتشر الكثير من المطاعم الروسية في ارجاء العاصمة الالمانية، اضافة الي الكثير من النوادي الروسية المختلفة وكثير من محلات quot;الموضهquot; التي تهتم باناقة السيدات بل والرجال ايضا، وفوق هذا وذاك تتركز في المدينة نشاطات quot;المافيا الروسية quot; التي تتخذ من المدينة مركزا لنشاطها في داخل المانيا.

المطاعم الروسية بشكل خاص تسجل نجاحا كبيرا في برلين، فكثير من السياح الوافدين الي المدينة يهتمون بالاقبال عليها لشهرتها وكثرتها وكذلك للتعرف علي المطبخ الروسي وما يقدمه من وجبات دون زيارة روسيا،لذلك فان تناول احدي الوجبات الروسية المعروفة مثل quot;البيف ستراجانوفquot; المكونة من البطاطس المحمرة مع شرائح اللحم المطبوخ مع الفلفل الاخضر قد تعطي مثالا حيا علي نكهة الطعام الروسي اللذيذ.
رغم ان برلين هي مدينة متعددة الثقافات بالنظر الي تجمعات الاجانب التي تعيش فيها مثل الجالية البولندية والتركية والروسية والعربية الا انها لم تصل بعد في الشكل ولا في المضمون الي مدينة نيويورك حيث يعش الصينيون علي سبيل المثال في احياء خاصة بهم ففي برلين ليس هناك احياء خاصة بجالية بعينها.

3.4 مليون نسمة هم عدد سكان برلين، يقدر عدد الاجانب اجمالا فيها بنسبة تقدر ب 440 الف،ينتمون الي 180 قومية مختلفة، بالاضاف الي الجاليات السابقة فإن الجالية العربية في المدينة يصل تعدداها الي 40 الف شخص معظمهم من اللبنانيين والفلسطينيين والفرق واضح في العدد بينهم وبين الجالية الروسية لذلك تنحصر اعمالهم في المحال التجارية والمقاهي والمطاعم التي تقدم المنتجات والمشروبات العربية ويتركز وجودهم في ضاحيتي quot; نويكلونquot; و quot;فيدنجquot;.

الجالية الروسية في برلين تعد الجالية الاكبر علي الاطلاق في كل مدن اوروبا، ففي جولة سريعة في الاحياء التجارية في العاصمة الالمانية، ستجد البضائع الروسية بشكل وفير ستجد ايضا الفودكا الروسية الشهيرة و 16 نوعا منها معروضة في المحلات، ايضا الايقونات الروسية الشهيرة، الحلوي،الشاي، كل المنتجات الخاصة والعامة الروسية بإمكان اي شخص الحصول عليها دون اية مشكلة.

لايزعج الالمان هذا التجمع الروسي علي الاطلاق، بل يرون في ذلك بريقا وتميزا لبلدهم، يمكن بسهولة التعرف علي الروس من خلال فعاليايتهم الكثيرة والمنتشرة في العاصمة برلين، فهناك النوادي، ورياض الاطفال،والصالات التي تعرض فيها الفنون الروسية، ومحلات الموضة، وحتي السونة الروسية المعروفة، التي يقبل عليها الكثيرون نظرا الي فوائدها الصحية للجسم..
يبدو ان تأثير الجالية الروسية الكبير في العاصمة الالمانية قد ترك بصمات واضحةعلي الحياة اليومية فيها،بدأت اللغة الروسية تظهر بوضوح في الحياة اليومية للمواطن، مثلا كبائن التليفونات العامة في الشوارع التي اضيفت اليها اللغة الروسية.

يرتبط الروس بشكل عام في المانيا بشبكة اتصال منظمة، لذلك فهم يحتفلون بأعيادهم القومية والدينية، ويلتقون دون عناء او مشاكل تذكر، ويعود كثير من طقوسهم الاحتفالية الي أواخر القرن التاسع عشر عندما هرب الكثيرون منهم من مذابح الدولة الروسية القيصرية ان ذاك وهم يعتبرون الان ان برلين هي وطنهم الثاني ان لم يكن بالفعل الاول.

ولكن يبدو ان اختيار برلين من قبل المهاجرين الروس لم يكن بسبب القرب الجغرافي فقط من روسيا، انما ايضا لتميز برلين بحياة المدن الصاخبة التي توفر لزائرها كل ما يرضيه من مختلف الاذواق علي مدار السنة، فهي من اكثر العواصم الاوروبية ديناميكية وحيوية وهي مدينة المتاحف والمؤتمرات والجامعات والمكتبات والاسواق المتنوعة، وهناك سببا اخر وهو ان تكاليف العيش والسكن في برلين أرخص بكثير من مثيلاتها في مدن المانية اخري مثل ميونيخ او فرانكفورت،

قلب المدينة النابض يقع بين الكنيسة القريبة جدا من اهم شوارع المدينة التجارية quot;كودامquot; وبين ساحةquot; الكسندر بلاتسquot; الواقعة وسطها الشرقي، وليس بعيدا عن ذلك بوابةquot; براندبورجquot; الشهيرة والتي يقع علي مقربة منها البرلمان الالماني البوندستاج ومقر المستشارية الالمانية هناك ايضا ميدانquot; بوتسدامر بلاتسquot; الذي يطلق عليه التسمية الجديدة وسط برلين الجديد وذلك بعد إعادة بنائه خلال تسعينات القرن الماضي ويضم الميدان سوق quot;اركادنquot; التجاري الشهير بالاضافة الي العديد من المطاعم والبارت التي يحمل الكثير منها ايضا البصمات الروسية.