ظاهرة جديدة راحت تضرب في شعاب الريف المصري، انها ظاهرة quot;التوك توكquot; انتشرت في قري محافظات الوجه البحري المصرية كالنار في الهشيم، دخلت حياة الفلاحين واصبحت تنافس الحمير والدواب، لاتخطئ العين تلك الحقيقة فقد تخلي القرويون عن ركوب الحمير والدواب ودخلوا الحياة العصرية من بوابة quot;التوك توكquot;.
صلاح سليمان من القاهرة: ونحن نتجول في قرية مصرية نائية وجدنا العشرات منها تتجول في محيط القرية وداخلها، لقد دخلت ثقافة القرويين واثرت علي حياتهم وعاداتهم واصبحت تلك الالة الصغيرة شيئا محببا لهم، فهم يستطيعون الاستعانة به في التنقل بين ارجاء القرية ذات الشوارع الوعرة بل والذهاب في بعض الاحيان للحقل بالنظر الي صغر حجمه وقدرته العالية في سلوك تلك الدروب الغير ممهدة في الحقول، انهم يستطيعون حتي السير به وسط الحيوانات دون ان يسبب اي ازعاج لها لقد اصبح التوك توك هو quot;الحمار الاليquot; في القرية وفق ماوصفه احد الشباب واسمه شريف السيد في العشرين من العمر من من ريف الدقهلية.
الحاج احمد المهدي 65 سنة يري من ناحيته ان التوك توك وسيلة سهلة ومريحة وتناسب اجواء القرية ويضيف.. ابني ينقلني كل يوم بالتوك توك الي الحقل لممارسة عملي هناك واصبحت لااستخدم الحمار في تنقلاتي.
يصل سعر التنقل بالتوك توك في القرية الواحدة بين جنيه واحد واثنين من الجنيهات، اما بين قريتين فانه يعتمد علي المسافة وغالبا ما تصل الي خمسة جنيهات علي اقل تقدير.
كانت محافظة الدقهلية المصرية هي اول من استخدم quot; التوك توكquot; والفكرة ترجع الي بعض رجال الاعمال الذين حاولوا التربح من هذه الظاهرة باستيراد اعداد كبيرة وبيعها للشباب الذين يعانون من البطالة ولا يجدون عملا يتعيشون منه.. وسرعان ما لاقت الفكرة النجاح وسارع الشباب الصغير في اقتراض الاموال لشراء التوك توك الذي يصل سعرة الي قرابة ال18 الف جنيه مصري و تنامت الفكرة وامتدت بشكل كبير لتصل الي المحافظات الاخري حتي انها بدأت في طرق ابواب العاصمة المصرية القاهرة ولكن بحظر كبير علي الاقل حتي الان لشدة معارضة المسؤولين لادخاله القاهرة، فكثير من الذين يعارضون الفكرة يرون انه وسيلة نقل غير حضارية اضافة الي ان الشباب الذين يعملون عليه غير مؤهلين في الاصل للقيادة،لانهم لايحتاجون رخصة قيادة، من جهة اخري يري اخرون ان كثيرين من السائقين الذين يعملون عليه يتعاطون المخدرات وهو الامر الذي يشكل خطورة علي حياة المسافرين.
علي قارعة احدي الطرق استوقفت توك توك ليقلني الي مسافة تبعد حوالي 5 كيلومترات نظير خمسة جنيهات مصرية السائق كان شابا ريفيا مهذبا، وسرعان مااكتشفت انه بساق واحدة لكنه يقود التوك توك بمهارة دون اي مشكلة تبدو للراكب... سألته مالذي دفعه لقيادة التوك توك رغم انه معوق؟ قال :انه يعول افراد الاسرة وهذا العمل ساعده كثير في تدبير نفقات الاسرة بدلا عن الاستسلام ومد اليد لطلب الحاجة.
يمكن وصف التوك توك بانه في الاصل دراجة بخارية تمتلك كل مقوماتها الميكانيكية لكنه يسير علي ثلاث عجلات واحدة في المقدمة واثنين في المؤخرة ومغطي بغطاء رقيق من البلاستيك ويتسع لشخصين يجلسان خلف السائق وهو مناسب للاجواء المصرية، فهو لايستهلك وقودا كثيرا ويمكن ان يوفر لصاحبه دخلا يوميا قد يصل الي اربعين جنيها في اليوم الواحد.
اعجبت فكرة التوك توك بعض المستثمرين من اصحاب الدخول المتوسطة فهم يشترون اعدادا منها ويقومون بتأجيرها الي الشباب الصغير السن نظير مبلغ مالي يتفق عليه معهم وهم بذلك يضمنون دخلا يوميا.
يمكن القول ان صناعة بدأت تنموا وتذدهر من جراء ادخال التوك توك الخدمة في حقل المواصلات المصرية، كثيرون من مستوردي قطع الغيار افتتحوا محلات لبيعها،ناهيك عن رجال الاعمال الذين يقمون باستيراده من الهند وتايلند، بل ان البعض منهم استقدم خبراء هنود من اجل افتتاح مصانع لانتاجه في مصر، ورغم ذلك فان بعض المحافظات المصرية لازالت تعارض بشدة ادخاله الخدمة في نطاقها منتقدين سلوك العاملين عليه ومتهمين اياه بتسهيل عملية الترويج للمخدرات اذ يسهل التنقل به لبيع المخدرات في الحواري والطرقات الضيقة لهذ يتعسف المسؤلين في استخرج التصاريح له بالسير في المدن ويري البعض ان السلطة ربما حققت بعض الارباح علي حساب السائقين البسطاء اذا انه كثير ما تشن حملات علية وتقوم بتحصيل المخالفات التي في بعض الاحيان الي 500 جنيه.
في الحزام العشوائي المحيط بالفاهرة والذي يعيش فيه اكثر من 17 مليون مواطن اصبح التوك توك هو المنقذ لسكان العشوائيات.. اذ انه يستطيع السير في الازقة والحواري والشوارع الضيقة وحل بذلك مشكلة كبيرة في تلك الاماكن العشوائية التي يستحيل الوصول اليها في بعض الاحيان.
المفارقة الغريبة ان الصين استغلت ظاهرة التوك توك واغرقت سوق لعب الاطفال به فالاطفال يفرحون لشرائه وقد وصل الامر الي تصميم فانوس رمضان علي هيئة التوك توك اضافة الي انه دخل الحياة الثقافية المصرية في بعض المسلسلات والافلام فقد تم الاستعانة به، هناك ايضا كلمات الاغاني التي ادخلت التوك توك في نصوصها وقد انتج احد المخرجين الشبان فيلما تسجيليا عن التوك توك ودوره في حل مشكلة البطالة.
تحول التوك توك الي انه اصبح تحفة فنية من التحف الشعبية التي ترضي الناس الذين ينتمون الي الوسط الشعبي المصري فالتوك توك مزين بالوان واضاءات مختلفة ومبالغ فيها بشكل كبير اضافة الي تزويده بمكبرات للصوت تبث الاغاني الشعبية التي يعشقها سائقي التوك توك.
التعليقات