يعكف باحثون ألمان في جامعة بون بالتعاون مع علماء مصريات في المتحف المصري في المدينة على فحص وتحليل قنينة عطور من مقتنيات الملكة المصرية القديمة حتشبسوت ترجع الي 3.500 سنة مضت.


صلاح سليمان من ميونيخ: كان الفحص الاولي للقنينة اثبت وجود سائل جاف بها يعتقد انه العطر الخاص بالملكة حتشبسوت، ووفق ما صرح به الباحث ميخائيل هوفلرـ مولر لمجلة فوكس الالمانية، ان تحليلا كيميائيا للعينة الموجودة في القنينة سيمكن العلماء من اعادة تركيب نفس quot;البرفانquot; الذي كانت تستخدمة الملكة الفرعونية القديمة، وتعتبرهي المرة الاولي في تاريخ الابحاث الفرعونية التي سيتم فيها محكاة نفس quot;البرفانquot; الذي استخدمته حتشبسوت وفك تركيبته الكيميائية والتعرف علي المواد المستخدمة في تصنيعة وعندئذ سيصبح بالامكان التعرف علي نفس الرائحة المفضلة لحتشبسوت، ومن ثم سيتمكن العلماء من القاء مزيد من الضوء علي جوانب هذه الشخصية الفرعونية الشهيرة.

جدير بالذكر ان عصر الملكة حتشبسوت هو اول عصر في تاريخ البشر يشهد ثورة في استخدام العطور، فقد كان القدماء المصريون يقتصرون استخدام العطور علي الطقوس الجنائزية فقط وللاجسادة المتوافاة، اما في عهد الملكة حتشبسوت فقد استخدمة الاحياء لاول مرة ايضا، في العام التاسع من حكمها ارسلت حتشيسوت البعثات التجارية الي بلاد بونت الصومال واريتريا حاليا وكانت عبارة عن عدة سفن شراعية عبرت البحر الاحمر حتي وصلت بونت واستقبلها الحاكم وكبار رجال الدولة وقدمت لهم الهدايا ثم عادت محملة بكميات كبيرة من العطور والبخور والابنوس والعاج والاخشاب والزهور التي استخدمت في تصنيع العطور.

يعرف عن الملكة حتشبسوت انها كانت أختا غير شقيقة وزوجة للملك تحتمس الثاني. وعندما توفي هذا الملك تولي الحكم من بعدة ولده الصبي تحتمس الثالث غير ان حتشبسوت كانت الملكة الفعلية للبلاد حتي وصول ابنها الي سن البلوغ.

توفيت حتشبسوت عام 1457 وكانت بين الاربعين والستين من العمر وفق تقديرات علماء المصريات وكانت تعاني من عدة امراض كالسمنة والتهاب المفاصل ومرض السكري.

في الحفريات الاثرية في طيبة القديمة اكتشف علماء المصريات في مقابر الفراعنة التي تزيد علي الثلاثة الاف سنة العديد من قنينات العطور، فبعد عهد حتشبسوت برع المصريون في استخلاص العطور بنقع الاخشاب ذات الروائح العطرة في مزيج من الزيت والماء وكانوا يدهنون به اجسادهم كما استخدموا انواع اخري في حفظ جثث الموتي اثناء عمليات التحنيط وفي نقوش مقابر الفراعنة هناك صور عديدة لكيفية حرق القدماء الراتينج المعطر واللبان والصمغ والاخشاب وقد عشقوا هذه الروائح الذكية كانوا ايضا يعصرون الورود ويالجوا بالزيوت ويخفظونا في اواني فخارية ومن المعروف ان هذه العطور كانت تصنع خصيصا للملكات والموك والكهنة ولم تكن مخصصة لباقي الشعب وقد تعلم الإغريق والرومان صناعة تحضير العطور من المصريين.

ظلت صناعة العطور لمئات السنين صناعة شرقية خالصة حتي انتقلت الي اوروبا في السنوات الاولي من القرن الثالث عشر الميلادي وتحديدا الي فرنسا وانجلترا وبحلول القرن السادس عشر اصبحت العطور صناعة وتجارة رائجة.