دفعت الدار البيضاء ثمن تطورها، فهذه المدينة المغربية، التي تعد القطب الصناعي للبلاد وتتركز فيها 55 في المئة من الوحدات الإنتاجية و60 في المئة من اليد العاملة في الصناعة، باتت تعاني كثيرًا من مشكل الثلوت.
الدار البيضاء: تقع المدينة القديمة قرب ميناء العاصمة الاقتصادية للمغرب، حيث تنتشر بجنباتها بازارات أو محلات لبيع التحف يرتادها الكثير من السياح.
وباب مراكش أحد الأبواب المؤدية إلى المدينة القديمة، التي تمثل المركز التاريخي للدار البيضاء، وهي محاطة بصور وأبواب متعددة. ومقابل مدخل الميناء، الذي كان في الأصل مكانًا محصنًا لصور برتغالي، توجد مقهى السقالة.
ويمتد شرق المدينة القديمة الحي آرت ديكو الذي كان الحي الأوروبي بالمدينة تحت الحماية الفرنسية. ويضم مكونات متعددة معمارية التي تعطي لمسة المدينة: المنطقة الإدارية، وحديقة الجامعة العربية، والشوارع الواسعة المزروعة بأشجار النخيل.
وإلى جانب توفرها على معالم تاريخية مهمة، تعرف المدينة القديمة رواجًا تجاريًا كبيرًا، إذ تضم مجموعة من المحلات، سواء المتخصصة في بيع الألبسة، أو الأثواب، أو غيرها. ويقول بوشعيب طويلي، تاجر، quot;منذ الثمانينات وأنا أعمل مع والدي في مجال الأثواب، وكانت تجارتنا مزدهرة كثيرًا، غير أن الوضع لم يعد كما كان في السابقquot;.
وأضاف بوشعيب، لـ quot;إيلافquot;، quot;الحمد لله على كل شيء. فالبركة ما زالت تقف إلى جانبنا، ونحن اعتدنا على هذه الأجواء الشعبية داخل هذا السوق الكبير، الذي ترعرعنا فيه منذ سنواتquot;. واصحاب البازارات كانوا بدورهم يعيشون في السابق أفضل أيامهم، لكن في السنتين الأخيرتين، ومع تراجع عدد السياح بسبب الأزمة المالية العالمية، جعل نشاطهم يقبل أكثر من النصف مما كانت عليهم الحال في السابق.
يوضع سمحمد مبريسي، بائع، quot;الحركة قلت كثيرًا على ما كانت عليه في السابق، ولم يعد يتردد السياح على محلاتنا كما كانت عليها الحال في السابقquot;. وأضاف سمحمد، لـ quot;إيلافquot;، quot;حتى السياح الذين يأتون إلى محلاتنا يصعب عقد معهم صفقات بيع مهمة، ويقتصر الأمر فقط على بعض القطع الصغيرةquot;.
ثمن التطور.. تلوث!
دفعت الدار البيضاء ثمن تطورها. فهذه المدينة، التي تعد القطب الصناعي للبلاد وتتركز بها 55 في المئة من الوحدات الإنتاجية و60 في المئة من اليد العاملة في الصناعة، باتت تعاني كثيرًا من مشكل الثلوت.
وما يزيد الأمر تعقيدًا هو قلة المساحات الخضراء، التي يمكنها أن تخفف من حدة التلوث، فيما تفتقر تلك الموجودة إلى العناية اللازمة.
ولا تتجاوز نسبة المساحة الخضراء لكل بيضاوي مترًا مربعًا واحداً، بعيدًا بذلك كل البعد من معيار ال 10 أمتار مربعة لكل ساكن الذي تحدده المفتشية الجهوية للتهيئة العمرانية والبيئة والماء بالدار البيضاء كنسبة طبيعية في تجمع سكاني من حجم العاصمة الاقتصادية، دون الحديث عن النسبة التي تعتمدها المنظمة العالمية للصحة (20 مترًا مربعًا لكل ساكن).
وتمثل مخلفات الوحدات الصناعية 97 في المئة من انبعثات غاز quot;مونوكسيد الكاربونquot;، و94 في المئة من quot;أو كسيد الآزوتquot;، و 88 في المئة من quot;ديوكسيد الكبريتquot;، ونسبة 99.5 في المئة من المكونات المندمجة في الهواء، و85 في المئة من الغبار.
وحسب معطيات رسمية، فإن المنطقة الصناعية عين السبع تعد من أكثر المناطق تلوّثًا، إذ تصنف محطتها الهوائية في خانة quot;سيئ إلى سيئ جدًّاquot;، في حين أن كلاًّ من محطتي ولاية الدار البيضاء ومستشفى الأطفال تسجل أفضل الأرقام، ما جعل الهواء في هذه المناطق يصنف في خانة quot;جيد إلى جيد جدًا.
وكانت دراسة منشورة لمديرية الأرصاد الجوية في المغرب قد كشفت، قبل ثلاث سنوات، أن الوضع البيئي في البيضاء صار مقلقًا، وأن مستوى تلوث الهواء بها تجاوز الحد المسموح به.
وعلى الرغم من أن المدينة لا تحتوي على منجم للفوسفاط أو مصنعًا للمواد البيترو كيماوية، إلا أن خطورة هذه المادة الخام جعلت شريطًا ممتدًا من مدخل المدينة على الطريق الساحلية في اتجاه الرباط إلى quot;الكورنيشquot; السياحي حالكًا بفعل تكاثف سحب الفوسفاط فوق سماء المدينة.
ومنذ مصادقته على برتوكول كيوطو، بدل المغرب مجهودات مهمة لتحقيق تنمية نظيفة. وكان المغرب من بين البلدان الأولى التي أعدت استراتيجية وطنية في هذا الميدان من خلال إقرارها لسلطة تتولى تقنين المشاريع المستندة إلى آلية لتحقيق تنمية نظيفة.
يذكر أن آلية تحقيق تنمية نظيفة كما أقرها برتوكول كيوطو، تعتبر واحدة من الآليات المطروحة لتمكين البلدان المصنعة من الوفاء بالتزاماتها في مجال التقليص من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وينتظر أن يصل التقليص الإجمالي لانبعاثات الغازات داخل هذه البلدان إلى 5.2 في المئة مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه سنة 1990 خلال المرحلة الأولى من التزامها بهذا البرتوكول (2008 -2012).