عبدالناصر نهار من أبو ظبي : أكد معالي الشيخ سلطان بن حمدان بن محمد آل نهيان رئيس دائرة التشريفات والضيافة ورئيس مجلس إدارة مشروع البروفالكن الرائد لإكثار الصقور في العين ، الدعم الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ، لورشة العمل الخاصة بسعي دولة الإمارات لتسجيل الصقارة كتراث ثقافي عالمي في اليونسكو ، والتي ستنظم خلال الفترة 13 – 15 سبتمبر المقبل على هامش فعاليات المعرض الدولي للصيد والفروسية (أبوظبي 2005) الذي يُقام تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس نادي صقاري الإمارات ، وذلك بالتعاون بين نادي صقاري الإمارات والمؤسسة العامة للمعارض من 12–16 سبتمبر 2005 .

وأوضح معالي الشيخ سلطان بن حمدان أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي أول دولة في العالم تقوم بالدعوة لتسجيل الصقارة كتراث عالمي ، حيث أثبتت السجلات والحفريات والنصوص القديمة أن رياضة الصيد بالصقور قد ظهرت مع ظهور الحضارة وعُرفت في المنطقة العربية ومنطقة الخليج خصوصاً منذ حوالي 7000 سنة ، ومن ثم انتشرت الصقارة عبر العالم الإسلامي لاحقاً لدى الكثير من الشعوب والأمم، إذ عُرفت أيضاً في تخوم آسيا الشرقية في الصين واليابان وكوريا ، ومن ثم مورست الصقارة في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية كأنبل هوايات الصيد التي عُرفت على مدى التاريخ .

وتهدف هذه الورشة المختصة ، التي تُقام لأول مرة على مستوى العالم وتعتبر المنتدى الرئيس للنقاش والتعاون والتنسيق ، للحفاظ على الصقارة من الانقراض وحمايتها كتاريخ وإرث حضاري ثقافي ، خاصة وأن العلاقة قد تسامت بين العربي والصقر حتى غدت إحدى أبرز ركائز تراث المنطقة العريق .

وتعمل ورشة أبوظبي على تحقيق الاعتراف بالصقارة كتراث ثقافي عالمي قائم بذاته ، عبر إغناء سجل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) الثقافي التاريخي، والحصول على كافة المعلومات والمخطوطات حول تاريخ الصقارة وتدوينها . ويُشارك في أعمالها ، مختصون وباحثون وصقارون من نادي صقاري الإمارات ومن أندية الصقارة والهيئات المختصة من مختلف أنحاء العالم يعقدون جلساتهم على مدى ثلاثة أيام لبحث كيفية إعداد خطط التعاون الدولية وأنجع السبل الكفيلة بإنشاء أرشيف الصقارة . وسيتم التركيز خلال الورشة على استعراض الجذور التاريخية للصقارة العربية وغناها الثقافي ودورها في حياة البداوة القديمة وصولاً حتى طرق وأساليب ممارستها اليوم ، وكذلك تاريخ الصقارة في كل من اليابان والصين وتركمانستان والمغرب وجنوب إفريقيا والقارة الأوروبية وفي أمريكا الشمالية .

كما كشف معالي الشيخ سلطان بن حمدان عن توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة لمشروع البروفالكن ، بالتبرع بـ 100 صقر للمعرض الدولي للصيد والفروسية ليتم السحب عليها خلال فعاليات المعرض تشجيعاً للصقارين على استخدام صقور المزارع في ممارسة رياضتهم المفضلة عوضاً عن الصقور الوحش المهددة بالانقراض ، مُشيراً إلى أن مشاركة البروفالكن بدعم المعرض يأتي انطلاقاً من الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ خليفة لأهمية المحافظة على التراث والصيد المستدام ، ومنوهاً بما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة ، ومنذ إنشائها ، من عمل دؤوب لتحقيق التوازن بين ما تنشده من نهضة شاملة، وبين الحفاظ على موروثاتها الثقافية والاجتماعية والبيئية في تجربة فريدة تؤكد نجاح نموذج التنمية المستدامة الذي أرسى دعائمه المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله

ويعتبر مشروع البروفالكن ( مركز المحافظة على الصقور ) الذي تم البدء به سنة 1996 في مدينة العين بإمارة أبوظبي بناءً على مبادرة شخصية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، المشروع الأول والأكبر في الشرق الأوسط من حيث الإمكانيات وكمية الإنتاج التي بلغت ( 260 صقراً ) هذا الموسم ، وأحد أضخم مشاريع المحافظة على الصقور الوحش في العالم والتي لها ارتباط قوي بتاريخ وحضارة العرب . وباعتبار الصقور من الأنواع المهددة بالانقراض ، فإن المشروع يهدف لتحسين سلالات الصقور المكاثرة في الأسر وتقليل مخاطر انقراض الصقور البرية الناجمة عن صيدها في الطبيعة لاستخدامها في رياضة الصيد بالصقور، وإتاحة الفرصة لها للتكاثر وزيادة أعدادها . خاصة وأن الصقور المهجنة تُعتبر بديلاً مناسباً لممارسة الصقارة من حيث الإمكانيات والأداء في الصيد ونواحٍ أخرى عديدة . وقد ساهم البروفالكن بشكل كبير في تحول صقاري الإمارات إلى الاستخدام الكامل للصقور المهجنة بدل الوحش في رياضة الصقارة المتجذرة في عمق تراث دولة الإمارات .

ويعمل في مشروع المحافظة على الصقور نخبة من الخبراء المتخصصين من دولة الإمارات والدول العربية وأوروبا، وبذلك فإنه يجمع ما بين خبرة العرب في تربية الصقور منذ مئات السنين وبين أدوات التكنولوجيا الغربية المتطورة .

وكان 70 صقراً من إنتاج البروفالكن قد تم السحب عليها للمرة الأولى ضمن فكرة مبتكرة في معرض الصيد والفروسية العام الماضي بمعدل 15 إلى 20 صقراً في اليوم الواحد ، حيث حصل كل زائر على قسيمة سحب مقابل كل 300 درهم أنفقها ، وقد حفزت هذه السحوبات على جذب مزيد من الزوار ونالت إعجاب مراقبي الحياة البرية .

وابتكر البروفالكن أساليب فريدة في تفريخ الصقور ، حيث يوفر البيئة الصناعية الملائمة على مدار السنة عبر ضبط درجة الحرارة والرطوبة طوال فترة النهار داخل الغرف . وهناك طريقتان لتفريخ الصقور إما عن طريق التفريخ الطبيعي أو عن طريق التفريخ الصناعي التي تمكن من التحكم بنسبة التهجين بالإضافة إلى تفريخ صقور الجير والشاهين ، مثل شاهين/جير، وجير/حر، وغيرها .

ويعتبر تدريب الصقور على التحليق بحرية في الجو الخطوة الأهم في برنامج التفريخ عبر نظام علمي مدروس، فمن خلاله تترك الفراخ الصغيرة مؤقتاً في الطبيعة حتى تكبر وتنضج فيزيائياً وذهنياً. ويتم ملاحظة ومتابعة الصقور في هذه المرحلة باستمرار وتزود بالطعام في أماكن مرتفعة يتم اختيارها بعناية فائقة حيث الرياح القوية التي تشجع الصقور الصغيرة على قضاء معظم الوقت في التحليق في الجو وتقوم بالطيران بنفس مهارة الصقور البرية .

وأبدى معالي الشيخ سلطان بن حمدان تفاؤله الكبير بعدم انقراض رياضة الآباء والأجداد ، وذلك بفضل جهود التوعية والتثقيف التي تبذلها المؤسسات البيئية المعنية وخاصة هيئة البيئة في أبوظبي ، كما أن الغالبية العظمى من الصقارين في دول الخليج بدؤوا يُدركون جيداً ويقتنعون بأهمية الطيور المهجنة في الصقارة من كافة النواحي .