حين تعاقد مسؤولو النادي الأهلي مع المدرب البرازيلي سيرجيو فارياس كانوا يطمحون إلى أن يكرر المدرب الشاب إنجازه مع بوهانغ ستيلرز الكوري الجنوبي، وأن يأخذ بالأهلي في رحلة صعود تنتهي بالإطاحة بأقوى المنافسين، والتربع على عرش الكرة الآسيوية، وغاب عن ذهن الذين يطالبون برحيله حالياً أن فارياس لم يتمكن من قيادة الفريق الكوري إلى المنصات بين يوم وليلة، وأنه احتاج إلى بناء الفريق على مدى خمسة مواسم انتهت بموسم حصاد ناجح تمكن بوهانغ ستيلرز خلاله من الفوز بكأس دوري أبطال آسيا، وبلوغ نهائيات كأس العالم للأندية،

ولا يختلف اثنان على أن المدربين الذين تستقدمهم الأندية السعودية يعتبرون من مدربي الصف الأول في العالم, غير أن تعامل مسؤولي الأندية ولاعبيها وإعلامها مع المدربين كثيراً ما يحول دون المدرب وبراعته، فنحن غالباً نتعامل مع المدرب على طريقة المصباح والمارد، إذ إن الجميع ينتظر من المدرب أن يخرج من جيبه الدروع والكؤوس بمجرد وصوله، ونتناسى أن الانتصارات تأتي نتيجة تخطيط وعمل يستمر سنوات، ومع الأسف نحن عاطفيون وننظر إلى المدرب على أنه المسؤول الأول عن الاخفاقات وسبب في الانتصارات، مع أن المدير الفني جزء من فريق العمل وبحاجة إلى تعاون اللاعبين ومسؤولي النادي معه حتى يتمكن من بناء الفريق وتحقيق الانتصارات، وفي كثير من الأندية لا يتقبل اللاعبون استراتيجية البناء والتجديد، ما يجعلهم يتمردون على المدرب ويطالبون بإبعاده حتى لو كان الفريق في أفضل حال، وليس بعيداً عن الأهلي كان الاتحاديون يتفقون على أن الارجنتيني غابريال كالديرون بمثابة نعمة من السماء تمشي على الأرض بعدما صنع من كتيبة النمور فريقاً يثير الرعب على الأرض التي يطأها، قبل أن ينقلب كثيرون على كالديرون ويطالبون بإبعاده، إما لأن لاعبين يحظون بشعبية لا يريدون المدرب، وإما لأن أعضاء شرف مؤثرون لا يرغبون في بقائه، ما عجل برحيل كالديرون، وانتهاء فترة من أزهى فترات الاتحاد؟

لا أتمنى رحيل فارياس عن الأهلي وبخاصة أن مسؤولي النادي يعتبرون من أكثر القيادات الرياضية المهتمة بسياسة البناء من خلال الأكاديميات والتخطيط المدروس قولاً وفعلاً، ولا أعتقد أن المدرب البرازيلي سيحقق شيئاً للأهلي قبل أن يأخذ وقته في التخطيط والعمل، وربما تأخرت مرحلة الحصاد إلى أكثر من ثلاثة مواسم، ويكفي أن مسؤولي الأهلي حين تعاقدوا مع فارياس كانوا على قناعة بأنه مدرب يمتلك من القدرات، ما يمكنه من تلبية متطلبات الفريق وقيادته إلى المنصات، وفي حال كان مسؤولو النادي على ثقة بقناعتهم فما عليهم إلا الانتظار، ومنح فارياس فرصة العمل بحرية بعيداً عن الضغوط.

quot;الحياةquot; اللندنية