استاء الكثير من البرازيليين قبل أربع سنوات عندما علموا بتعيين دونغا مدرباً لمنتخبهم الوطني، وذلك في بلد حيث أن هناك عدداً كبيراً من المدربين الجديدين الموهوبين يظهرون في كل موسم. وبدا أن تثبيت لاعب سابق في هذا المنصب من دون أي خبرة في الإدارة اختياراً غريباً.

ولم يساعد ذلك دونغا عندما كان يُنظر إليه على أنه عنيد وعصبي المزاج عندما كان كابتناً للمنتخب البرازيلي. ولكن بحلول نهاية عام 2009 كانت الصحف مليئة بأخبار الثناء على المدرب الذي أكمل المهمة الصعبة المتمثلة في إصلاح quot;سيليكاوquot; حيث جلب وجوهاً جديدة لفريق كان يتألف سابقاً من النجوم المخضرمين.

ومن الايمان الشائع الاعتقاد بأن أداء البرازيل الضعيف جداً في نهائيات كأس العالم في المانيا عام 2006 ndash; حيث خسرت أمام فرنسا في الدور ربع النهائي ndash; كان بسبب عدم وجود مصلحة ورغبة راسخة للاعبين الذين كانوا يقبضون أجوراً عالية، حتى أن بعضهم كان قد حقق كل أحلامه على أرض الملعب.

وبعدما قام دونغا ببعض اختيارات غريبة الأطوار، مثل استدعاء اللاعب غير المعروف على نطاق واسع أفونسو ألفيس ليحل محل أسماء النجوم مثل رونالدو وأدريانو، إلا أنه وجد في نهاية المطاف لاعبين جدد مناسبين. فحل أندريه سانتوس ومايكون محل روبرتو كارلوس وكافو، اللذين شغلا مركز الظهير الوسط بلا منازع تقريباً لأكثر من عقد من الزمان. بينما احتفظ خوان ولوسيو، وكلاهما كانا في مونديال المانيا 2006، بمركزيهما، حتى أن أدائهما بدأ يتحسن كثيراً. أما خوليو سيزار فكان بديلاً رائعاً لديدا في حراسة المرمى.

ولكن انجازات دونغا الأكثر أهمية كانت في خط الوسط. وتم حل مسألة اشكالية في كيفية لعب كاكا ورونالدينيو ndash; لاعبا خط الوسط المتقدمين الذين لهما أسلوباً مشابهاً ndash; جنباً إلى جنب بسبب النمط النوذجي لدونغا خلال مباريات تأهيلات دول أميركا الجنوبية لنهائيات كأس العالم. فبكل بساطة اختار أحدهما وتجاهل الآخر. ومن الأمور التي ساعدته على ذلك، عندما بدأت الحياة المهنية لرونالدينيو تأخذ منعطفاً مفاجئاً نحو الأسوأ، في حين بقي كاكا على أحسن حالاته. وحققت البرازيل أفضل النتائج مع فيليبي ميلو وجيلبرتو سيلفا في مركز خط الوسط المتراجع وكاكا وراميريز يتقدمان لمساعدة المهاجمين لويس فابيانو وروبينيو في تسجيل الأهداف.

وحتى الآن فإنه يبدو أن هذا العام كان مشؤوماً لخطط المدرب، فقد اصيب كاكا وفابيانو - ويمكن القول إنهما أبرز المهاجمين في البرازيل ndash; مع مجموعة من اللاعبين البدلاء الذين كانوا في قائمة دونغا. وحتى لو تم شفائهم، فهم سيحتاجون لبعض الوقت لإستعادة مستواهم الأفضل.

ويبدو أيضاً أن دونغا تخلى عن اندريه سانتوس، وهو يبحث الآن عن لاعب جديد لمركز الظهير الأيسر، ولا توجد ضمانات واضحة لملء الشاغر.

ولكن ما يثير قلق دونغا حقاً هو مسألة نيمار دا سيلفا (17 عاماً) وباولو هنريكي غانسو (21 عاماً). ففي العام الماضي اهتم عدد قليل جداً من المراقبين بهذا الثنائي من نادي سانتوس، إذ يلعب الأول في مركز الهجوم، أما الثاني فهو لاعب خط وسط الذي سبق مقارنته ببيليه. وقد سجلا منذ كانون الثاني الماضي ما مجموعه 36 هدفاً في ما بينهما لناديهما في 24 مباراة فقط، خصوصاً أن سجل نيمار يعتبر رائعاً جداً لأنه سجل هدفاً في كل مباراة هذا الموسم.

وسحق نادي سانتوس منافسين كثيرين منذ انطلاق الموسم في كانون الثاني الماضي بما في ذلك فوزه الرائع 8-1 على غواراني. وتوج النادي في نهاية الأسبوع الماضي بطلاً لولاية ساو باولو بهدفين لينمار وآخر لغانسو بعدما قدم الأخير عرضاً رائعاً.

ومع تقديم نيمار وغانسو عروضهما المثيرة، فيبدو أن روبينيو ndash; الذي تصدر العناوين الرئيسية في الصحف بعدما تم إعارته من مانشستر سيتي إلى سانتوس بمبلغ ضخم في شباط الماضي ndash; قدم أداء أكثر قليلاً من مجرد أي تكلفة بالنسبة إلى الثنائي الموهوب.

ولا يمكن للصحافة ولا الجماهير أن تحصل على ما يكفي من أداء نيمار وغانسو، لذا فهناك ضغط هائل على دونغا لاختيارهما اليوم الثلاثاء عندما سيعلن القائمة النهائية للاعبين الذين سيأخذهم معه إلى جنوب افريقيا. وفي الشهر الماضي قام طاقم تلفزيوني بتصوير عرضاً كاملاً حتى صباح اليوم التالي أمام منزل دونغا مما اضطره إلى استدعاء الشرطة. وكان الموضوع الرئيسي للعرض نيمار وغانسو.

ولكن ما زال هناك رونالدينيو؟

ففي الموسم الماضي عندما كان في حال سيئة، فقد أخذ بالاعتبار أنه من الانصاف عدم استدعاء أفضل لاعب سابق في العالم إلى تشكيلة المنتخب. ولكن هذا الامر تغير إلى حد كبير منذ تشرين الأول الماضي عندما استعاد رونالدينيو بعضاً من بريق ماضيه.

وعندما بدا كاكا يعاني من الإصابات في الآونة الأخيرة، فقد شهد العديد من المراقبين أنه لم تكن لدى دونغا أي بدائل قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة والذين ليست لديهم نفس القدر من الخبرة والمهارة. وبيّن أحدث استطلاع للآراء بين مشجعي منتخب البرازيل على أنه من الممكن أن يؤدي رونالدينيو المهمة إذا حافظ على مستواه الحالي.

ولكن دونغا هو من نوع المدربين الذين يتمسكون بمبادئهم وأفكارهم، وسبق أن قال مراراً وتكراراً إنه تمت صياغة قائمته بالفعل، وإنه يجب ألا يتوقع أحداً أي مفاجآت. أما في الآونة الأخيرة فقد أصبح هادئاً، لا يؤكد أو ينفي أنه قد يحتاج إلى إعادة النظر في خططه الأصلية، وذلك بسبب الظروف التي استحدثت. وأجبر هذا الهدوء على ضخ كمية كبيرة من الانتقادات، خصوصاً من العديد من النقاد في برامج الدردشة التلفزيونية عن كرة القدم البرازيلية، الذين يجادلون على أن المدرب قد التزم بإجراء تغييرات.

وسنرى ما إذا كان دونغا قد غير رأيه أم لا عندما يعلن قائمته النهائية يوم الثلاثاء من 23 لاعباً التي ستسافر معه إلى جنوب افريقيا.
وفي 15 حزيران المقبل، حيث ستفتتح البرازيل مبارياتها أمام كوريا الشمالية في جوهانسبرغ، سنبدأ في رؤية ما إذا كانت خيارات دونغا صحيحة أم لا!