خلال مسيرته الكروية، طبع الليبيري جورج ويا ملاعب كرة القدم الأوروبية بأسلوبه، وبات في 1995 الافريقي الوحيد المتوج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. حاليا، يتركز اهتمامه على هدف آخر: ان يصبح الثلاثاء رئيسا لبلاده.

أبهر الليبيري البالغ من العمر حاليا 51 عاما، الملاعب الأوروبية في العقد الأخير من القرن الماضي، ومهد الطريق بشكل كبير أمام أجيال من اللاعبين الأفارقة للانتقال الى أوروبا، لاسيما في فرنسا حيث يعد أحد 20 لاعبا في "متحف مشاهير" نادي باريس سان جرمان الذي دافع عن ألوانه لثلاثة مواسم بين العامين 1992 و1995.

ويجمع زميلاه السابقان ألان روش ودانيال برافو، على ان ويا كان "أحد أفضل اللاعبين" الذين لعبوا الى جانبهما، وكان أقرب الى "مهاجم متكامل" يتمتع بالسرعة والموهبة والقدرة على إنهاء الهجمات، والقوة البدنية، والمراوغة، والكرات الرأسية...

في سن الخامسة والعشرين، بدأ ويا مسيرته مع نادي العاصمة الفرنسية، في مباراة أولى ستبقى محفورة في ذاكرته لكونه تعرض خلالها لكسر في سنين من أسنانه بعد اصطدام مع أحد المنافسين.

الا ان الذكريات الأجمل لم تخلف موعدها مع ويا، اذ أحرز في 1993 لقب كأس فرنسا، وأتبعه في العام التالي بلقب الدوري.

الا ان المسرح الأكبر لأحلام وياه وموهبته، كانت الملاعب الأوروبية، حيث جعل من اختراقات دفاعات الأندية الكبرى على المستطيل الأخضر هوايته المفضلة خلال سنيه مع النادي الباريسي، قبل ان ينتقل بعدها في مسيرة حملته الى ايطاليا وانكلترا، وختمها قبيل الاعتزال في الامارات العربية المتحدة مع نادي الجزيرة.

- لطيف، سهل التعامل معه - 

عرف "مستر جورج" بانطلاقاته السريعة التي أرقت المدافعين، ومنهم مدافعو بايرن ميونيخ الالماني الذي تلقى مرماه في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، هدفا بعد اختراق سريع راوغ خلاله بمجهود فردي، ثلاثة من لاعبي النادي البافاري، قبل ان يسدد الكرة قوية في سقف مرمى الحارس السابق أوليفر كان.

كان الهدف كافيا ليكبد بايرن الهزيمة على أرضه، ومنح من خلاله اللاعب البديل الفوز لناديه خلال مشاركته الأولى ضمن دوري أبطال أوروبا في نسخته الجديدة. في 25 مباراة ضمن دوري الأبطال، سجل ويا 16 هدفا، وشكل ثنائيا قويا مع الفرنسي دافيد جينولا.

على عكس العديد من نجوم الكرة، لم يكابر ويا، ولم يتنكر لبداياته المتواضعة. يستذكر روش ان زميله السابق كان يعمد بشكل دائم الى "إرسال تجهيزات (رياضية) الى بلاده" ، أو يقوم بأخذ بعض الوجبات التي يعدها الطهاة التابعون لسان جرمان، لتوزيعها على المشردين.

ويقول روش "لم أره أبدا منفعلا"، بينما يضيف برافو ان ويا "كان لطيفا جدا، سهل التعامل معه. لم يكن هامشيا الا انه لم يكن يفرض نفسه. كان يتمتع بشخصية قوية تعرف كيف تجعل الآخرين يستمعون اليها".

ويشير برافو الى انه "خلال اجتماع مع (المدرب البرتغالي السابق) أرتور جورج، رفع (ويا) إصبعه لدقائق عدة طالبا الاذن بالكلام، الا ان المدرب تجاهله لأن العلاقة بينهما كانت باردة في حينه. عندما تمكن في نهاية المطاف من التحدث، توجه الى المدرب مستخدما عبارة +أنت+ (بدلا من +أنتم+)، فاستشاط المدرب غضبا وقال له +لا يحق لك القيام بذلك+، فرد اللاعب +بل يحق لي لأنك لم تحترمني".

- الفضل لفينغر -

لم تكن نهاية حكاية ويا مع باريس سان جرمان على أفضل ما يمكن، اذ رفع مشجعون للنادي لافتات ذات طابع عنصري مسيئة له، على خلفية اتهامه بالتراخي في مباراة ضد ميلان الايطالي، قبيل الانضمام الى صفوفه في تموز/يوليو 1995.

تركت هذه الحادثة أثرا سيئا في نفس ويا الذي قال في تصريحات عام 2011، "لا أحتفظ بذكرى جميلة من البارك"، في إشارة الى ملعب "بارك دي برانس" التابع للنادي.

يعود الفضل في اكتشاف موهبته الى الفرنسي أرسين فينغر، المدرب الحالي لنادي أرسنال الانكليزي، والذي ضمه الى ناديه السابق موناكو (صيف 1988) قادما من تونير ياوندي الكاميروني.

لم ينس ويا طوال مسيرته جميل فينغر، وأصر على شكره بشكل عاطفي لدى تسلمه الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. 

وفي تصريحات حديثة لصحيفة "الغارديان" البريطانية، قال ويا ان فينغر "كان بمثابة والد واعتبرني بمثابة إبنه. هذا الرجل أظهر لي الحب عندما كانت العنصرية في أوجها".

أضاف "ذات يوم كنت متعبا من التدريب، وقلت له انني أعاني من صداع. أجابني +جورج، أعرف ان الأمر منهك لكن عليك العمل بجد. أنا أؤمن انه مع موهبتك، يمكن ان تصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم+"، معتبرا انه "بعد الله، اعتقد انه من دون أرسين، لم أكن لأنجح في أوروبا".

بعد سان جرمان، برز ويا في صفوف ميلان الايطالي، وأحرز معه مرتين لقب الدوري المحلي. في الأعوام اللاحقة، تنقل بين تشلسي ومانشستر سيتي الانكليزيين، مرسيليا الفرنسي، وختاما مع نادي الجزيرة (تموز/يوليو 2001 حتى الاعتزال في 2003).

ويتوجه الليبيريون الثلاثاء الى مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس جديد خلفا لايلين جونسون سيرليف اول امرأة تصبح رئيسة دولة في افريقيا، في دورة ثانية يتواجه فيها ويا ونائب الرئيسة الحالي جوزف بواكاي.

ولا يعرف زملاء ويا السابقون الكثير عن الوضع السياسي في بلاده أو قدرته على الفوز، الا ان برافو يعود بالذاكرة الى عام 2014، عندما جمع سان جرمان لاعبيه القدامى في الذكرى العشرين للقب الدوري الفرنسي، وتولى الليبيري التحدث باسم زملائه. ويقول "رأينا انه معتاد على الخطابة، ويعرف كيف يمزج بين الجد والمزاح".