تستضيف الرياض هذا الأسبوع "كأس السعودية" للفروسية بجائزة نقدية قياسية للسباق الرئيسي تبلغ 20 مليون دولار، في إنفاق يعكس رغبة المملكة في أن تصبح وجهة بارزة في مجال الرياضة مع سعيها لتحسين صورتها أمام العالم.

وضاعفت المملكة استثماراتها في هذا المجال بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فاستضافت العديد من الأحداث الضخمة والمكلفة ضمن استراتيجية انفتاح وإصلاحات تتّبعها منذ تولي نجل الملك الأمير الشاب محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017.

وبعدما عرفت لعقود بطابعها المحافظ، تعمل المملكة على تغيير صورتها النمطية هذه، خصوصا في وقت تتعرض لانتقادات على خلفية سجلّها في مجال حقوق الانسان على الرغم من حملة الانفتاح الاجتماعي الأخيرة.

وتشمل البطولة سباقا رئيسيا في 29 شباط/فبراير على مضمار ترابي بمشاركة 14 جوادا، ينال الفائز فيه 10 ملايين دولار ووصيفه 3,5 ملايين، فيما يتقاسم المتسابقون حتى المركز العاشر 6,5 ملايين دولار.

كما تقام سبع مسابقات تمهيدية على التراب والعشب تبلغ مجموع جوائزها 9,2 ملايين دولار، ما يرفع القيمة الإجمالية للجوائز إلى أكثر من 29 مليون دولار. وهي المرة الأولى التي تنظم فيها السعودية سباقا للخيل على مضمار عشبي، بحسب المنظمين.

ومن المتوقع أن يحضر السباق الرئيسي نحو 10 آلاف متفرج، حسبما أفاد مسؤول في البطولة فضّل عدم ذكر اسمه.

وقال مدير البطولة توم راين لوكالة فرانس برس إنّ "كأس السعودية" محطة مهمة "في تاريخ الرياضة السعودية وليس فقط الفروسية".

وتابع "الآن نتخذ الخطوات الأولى في مسيرة لجعل السباقات المحلية على قدم المساواة مع نظرائنا الدوليين".

وتشارك فارسات للمرة الأولى في مسابقة فروسية تستضيفها المملكة التي تشهد تغييرات اجتماعيّة كبيرة وإصلاحات اقتصاديّة يقودها ولي العهد.

وأبرز هذه التغييرات رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيّارات، وإعادة فتح دور السينما، والسماح بإقامة حفلات غنائية صاخبة، ووضع حد للحظر على الاختلاط بين الرجال والنساء.

وقال مدير تحرير صحيفة "الرياضية" السعودية مقبل الزبني لفرانس برس إنّ الحدث يعكس رغبة المملكة في أن "تكون حاضرة على الصعيد الدولي".

وحول حجم الجوائز الكبير، ذكر أنّ الرياض تخطّط "دائما للحضور بشكل لائق يمثّل هيبة ومكانة السعودية، أو عدم الحضور من أساسه".

- موروث ثقافي -

وتقام البطولة بين فترتي كأس بيغاسوس العالمية الأميركية وكأس دبي العالمية الإماراتية، بفارق شهر عن كل منهما.

وكانت كأس بيغاسوس أغلى سباق خيل في العالم سنة 2018 بجوائز بلغت قيمتها 16 مليون دولار، قبل أن تتراجع الى تسعة ملايين فقط هذا العام، فيما تبلغ جوائز كأس دبي الإجمالية 12 مليون دولار.

ويتألف السابق الرئيسي لكأس السعودية من أربعة أشواط تقام على المسار الترابي في "مضمار الملك عبد العزيز" بالرياض.

وأبرز المشاركين في السباق المرتقب الفارس الإيطالي فرانكي ديتوري والبريطاني ريان مور، فيما ستكون البريطانية نيكولا نوري أبرز المشاركات بين الفارسات.

ونقلت صحيفة "ذا ريسينغ بوست" عن رئيس نادي الفروسية السعوديّ الأمير بندر بن خالد الفيصل قوله إنّ "السباقات تشهد في شكل روتيني تنافس متسابقين ذكور وإناث على قدم المساواة ونحن فخورون بمواصلة هذا التقليد الرائع" في "كأس السعودية".

وتأمل الرياض عبر الاستثمار في الرياضة إعطاء دفعة لمسعاها لاستقطاب السياح عبر فتح أبوابها للزوار الاجانب. وبدأت المملكة أواخر العام الماضي للمرة الأولى في تاريخها إصدار تأشيرات سياحية لمواطني 49 دولة أوروبية وأميركية وآسيوية.

وفي مطلع 2020، استضافت رالي دكار، أشهر السباقات الصحراوية في العالم، كما استضافت الكأس السوبر الإيطالية والإسبانية لكرة القدم.

لكنّ الزبني قال إنّ "الخيل تحديدا يعد موروثا ثقافيا وشعبيا كبيرا وخاصا للسعوديين. الثقافة الشعبية ارتبطت بالفروسية، رياضة الأبطال".

ويولي الإعلام المحليّ اهتماما مكثّفا للبطولة، وتنتشر إعلاناتها في الشوارع.

وكانت صورة المملكة قد تضرّرت إلى حد كبير في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018، في ظل انتقادات توجه لها على خلفية تدخلها العسكري في اليمن وحملات لتوقيف ناشطين ورجال دين وكتّاب على أراضيها.

ورأت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أنّ "السعودية تحاول غسل انتهاكاتها بالرياضة".

وقالت ياسمين فاروق الباحثة في مركز "كارنيغي" للأبحاث لفرانس برس إنّ "حجم الأموال التي يتم إنفاقها على هذه الفاعليات هو بمثابة أهم استثمار في حملة العلاقات العامة السعودية لتحسين الصورة التي شوهها عدد من الأخطاء السياسية".