بيروت: ضمن أغنيات ألبومها الجديد quot;تصدق بمينquot; الذي صدر قبل أيام، ضمنت الفنانة إليسا أغنية بعنوان quot;من غير مناسبةquot; تستحق الإهتمام وتسليط الضوء عليها بشكل خاص، لأنها تطرح من خلالها قضية مهمة لم يسبق لأحد من المغنين أنتناولها من قبل بهذا الشكل الواضح والمباشر، ألا وهي رفض المرأة للعنف الجسدي الذي يمارسه عليها الرجل، والإنتصار لكرامتها وكبريائها. الأغنية من كلمات نادر عبد الله والحان وليد سعد وتقول فيها:
من غير مناسبة وبمناسبة بيقابلني
بيجيلي يستغلب عليا وبيحايلني
وبيعتذرلي كتير وانا مهما اعتذرلي
مش هنسى انو في كبريائي كان قاتلني

في هذه الأبيات يصف الشاعر حالة الرجل الذي يعنف حبيبته أو زوجته فهو بعد تعنيفها يبذل المستحيل لإستردادها أو مصالحتها، محاولاً التظاهر بالندم والأسف لدرجة تصل الى مرحلة التذلل، منهن من يقتنعن بأنه نادم فعلاً، ومنهن من يدركن بأنهن إن تهاونَ مرة فإنه سيعود لفعلته مجددًا، وفي حالة اليسا فهي ترد على هذه المحاولات بالقول:
ما عادش ينفع اسامحوا عاللي عملوا فيا
لو بيجي يتأسفلي أو يبوس إيديا
بعد النهاردة ده ازاي انا على نفسي هرضى
ارجع لحد قدر يمد إيديه عليا
مش هقدر اتهاون واشوف حاجة اسامحه بيها
لازم اللي يغلط غلطة يتحاسب عليها
ويبدو أنها حسمت موقفها منه، فهي لا تصدق دموعه الكاذبة، فسيكولوجيا الرجل العنيف - ومن خلال دراسات عديدة تشير إلى أنه لا يمكن أن يتوب أو يتغير بسهولة، وبأنه يتغذى على ضعف المرأة المعنفة وخوفها منه في إبقائها تحت سيطرته، ويلعب على عواطفها وحاجتها من خلال تصرفات ناعمة ورومانسية تعقب حالة الأذى التي سببها لها، ملقيًا باللوم عليها لتبرير سلوكه، وتصويرها بمظهر المخطئةبحقه لتستحق العقاب والتأديب.
لكن المرأة التي تجسدها quot;اليساquot; ورسم ملامحها quot;نادر عبد اللهquot; واعية جيدًا لهذه النقطة، وليست مستعدة لغفران فعلته المشينة تجاهها، مدركة بشكل تام بأن المرأة التي تتهاون في كرامتها مرة، تستحق أن تجرح الف مرة لأنها قبلت بأن تكون ضحية فتقول:
أصل اللي يتهاون فجرح كرامته مرة
يستاهل إنه يتجرح مية مرة فيها
جميل جدًّا أن يلتفت الفنان العربي الى مواضيع أكثر عمقًا من الحالات والصور المكررة عن العشق، والخيانة، والهجر، والأشتياق، التي تحفل بها مكتبة الغناء العربي، وجميل أن يتطرق الشاعر الى حالات إجتماعية ويعالجها بشكل ذكي.
نادر عبد الله تطرق لموضوع جديد، بمفردات غير مستهلكة، ووجه بصوت اليسا دعوة إلى النساء لرفض العنف والتمسك بكبريائهن وكرامتهن.
واللافت هنا أن شاعر quot;ذكرquot; وليس شاعرة quot;أنثىquot; هو من فكر بالتطرق لموضوع كهذا، وهي مسألة يستحق التحية عليها، كما تستحق اليسا الإشادة لتجرأها على غناء هذا الموضوع الذي قد يعتبره البعض quot;غير تجاريquot; لأنه لا يمس كل الناس وإنما يمس شريحة معينة من المجتمع.
وبالعودة لألبوم quot;تصدق بمينquot; فهو حافل بالإختيارات الموفقة كأغنيتي quot;سلملي عليهquot; و quot;لو فييquot;الفيروزية الطابع والنكهة، واللتان تشكلان تنويعًا جديدًا، وإضافة لإختيارات اليسا الغنائية، ومحطة فرح وسط واحة الشجن التي تشكلها بقية الأغاني،بالإضافة لأغنية quot;وبيستحيquot; التي تشكل حالة صورية جميلة، وحساسة، ورقيقة وفقت فيها اليسا بشكل كبير.

عمومًا يعتبر هذا الألبوم استمرارية لمسيرة النجاح التي بدأتها اليسا منذ سنوات، وحجرًا جديدًا يضاف الى بناء نجوميتها المتين.
المأخذ الوحيد هو أن الوجع والحزن والنوستالجيا تسيدوا على أغلب أغنيات الألبوم، وغاب الفرح والإيقاع السريع عن مجمل الإختيارات فيه، فحتى الأغنية الإيقاعية السريعة في الألبوم نجدها تقطر حزنًا ونوستالجيا في الأداء، بشكل يتناقض مع توزيعها الموسيقي.

الألبوم يضم 13 أغنية تنوعت بين اللهجة اللبنانية والمصرية تعاونت فيه مع عدد كبير من نجوم الشعر والألحان والتوزيع الموسيقي، فمن كلمات وألحان مروان خوري تقدم إليسا 3 أغنيات هي quot;أمري لربيquot; وquot;في شي انكسرquot; وquot;سلملي عليهquot; كما تقدم أغنية من كلمات وألحان الياس الرحباني بعنوان quot;لو فييquot; كما أنها تعاونت مع الملحن المبدع وليد سعد والكاتب نادر عبالله بخمس أعمال هي quot;تصدق بمينquot; وquot;من غير مناسبةquot; وquot;ما عاش ولا كانquot; وquot;عيشة والسلامquot; وquot;مصدومة (بيقول في حقي)quot; ومن ألحان محمد رحيم تقدم إليسا في ألبومها الجديد عملين الأول من تأليف سهام الشعشاع في أول تعاون يجمعهما، بعنوان quot;وبيستحيquot; والثانية بعنوان quot;افتكرت (بسمع اسمك بدمع)quot; كما يضم الألبوم العملين المميزين quot;على بالي حبيبيquot; من كلمات فارس اسكندر وألحان سليم سلامة وquot;ماتعرفش ليهquot; من كلمات نادر عبدالله وألحان تامر علي.