إلتقت quot;إيلافquot; بالمنتج البحريني، عمران الموسوي، وتحدَّثت معه عن رؤيته حول الإنتاج الفني والأصداء الَّتي لقيها بعد أول مسلسل من إنتاجه quot;على موتها أغنيquot;، وكيف كانت التجربة مع المخرج علي العلي.


المنامة: ينتمي إلى عائلة محبَّة للفن والثقافة، يمتلك رؤية في الإنتاج الفني تحقِّق المعادلة الصعبة بين الفن والربح، يسعى إلى التمييز عن الآخرين لذلك جاء تأسيس شركته quot;عمران ميديا للإنتاج الفنيquot;، إنَّه المنتج البحريني عمران الموسوي.

نرحب بك على quot;إيلافquot;، ونبدأ بالحديث عن خبرتك الطويلة في مجال إدارة الأعمال والاستثمارات ثم توجهك نحو الإنتاج؟
درست التخصص في الدراما وصناعتها من سنة 1977 حتى سنة 1979، في فرنسا على نفقة وزارة الإعلام، وعندما عدت أحببت العمل في هذا المجال لكن كانت العائد المادية منه ضعيفًا جدًّا، فقررت اقتحام عالم المال والأعمال، وعملت كوسيط في بعض المؤسسات الماليَّة المعروفة.

وأنا انتمي إلى عائلة تحب الفن، ولكني الوحيد الشارد بينهم وأميل إلى عالم الأعمال، فمعظم الذين شاركوا في صناعة quot;على موتها أغنيquot; كانوا يلتقون بعائلتي، وظهر أن عندهم خلفية ثقافيَّة كبيرة، فـquot;نحن من عائلة تحب الفن والأدب، فالوالد شاعر، وجدي شاعر، وأمي شاعرة، وأختي شاعرة، وهذا الموضوع مفروغ منه، فحب الفن موجود بالعائلة ولست دخيلاً على الدراما بالعكسquot;.

دخولك إلى عالم الدراما والإنتاج، كان الهدف منه المكسب المادي أم للارتقاء بالدراما؟
الاثنان، فلو قلت لك: quot;إننا نغض النظر عن خانة الربح والخسارة فأنا مخطئ، فالمصلحة هي الَّتي تسوق وتوصل إلى الاستمراريَّة، وبحال عدم وجود قواعد ربحيَّة فإنَّ العلميَّة التِّجاريَّة أو الصناعة لا تستمر وتقف عند حد معين، ولابد من البحث عن الاثنين من خلال العمل الجيِّد الذي يضيف إلى الصناعة بعض الأمور الفنيَّة.

فعندما رأيت الأعمال البسيطة الَّتي نفذها المخرج علي العلي، كأفلام روائيَّة قصيرة بالكاميرا العادية، أكشتفت فيه الحس والرؤية لكنه لا يملك الإمكانيات، وكما يقال: quot;هو لديه الفن، وأنا لديَّ الإمكانيات، فنكمل بعضنا البعضquot;، ودخلنا هذا العالم لرفع مستوى الذوق العام، وليس هدفنا أنّْ نقدِّم المسلسلات فقط بل لنقول لغيرنا أننا مختلفون، وعملية الإنتاج في quot;عمران ميدياquot; تمشي خطوة خطوة، ونأمل بعد هذا المسلسل الدخول إلى عالم السينما لتقديم ما هو مختلف عما هو سائد في البحرين على مدى الثلاثين سنة الماضية.

هل أنت راضٍ عن مسلسل على موتها أغنيquot; والأصداء الَّتي جاءت بعده؟
طبعًا.. أنا راضٍ تمام الرضا، والملاحظات الَّتي أبداها بعض المشاهدين من دون تحيز أو عاطفة أو أي مصلحة هي صحيحة مائة في المائة، ولكن الإخراج، والإتقان، والتسلسل الدرامي كانوا ممتازين.

هل تعتقد أن العمل ظُلم إعلاميًّا؟
طبعًا ظُلم في التوقيت، وأنا لا أتكلم عن تليفزيون البحرين، ولكن أتكلم عن الـquot;إم بي سيquot;، وكنا نتمنى أنّْ يعطوه حقه، وأنّْ يُعرض في توقيت مناسب.

ألا تعتقد أنَّ إعتمادك في أوَّل إنتاج لك على مخرج جديد نوعًا من المغامرة؟
كلامك صحيح مائة في المائة، والمغامرة أصلاً هي عملي الخاص والأساسي، وهذا طبيعي، فعلى مدار العشر سنوات الماضية آخر التقنيات المكتشفة كانت على يد علماء شباب من قسم الأبحاث، وكل التقنيات تُنفق عليها الأموال وبعضها يفشل وبعضها الآخر ينجح نجاحًا باهرًا، لذلك عملنا الأساسي قائم على عنصر المغامرة.

هل نجحت المغامرة مع quot;علي العليquot;؟
نعم.. نجحت بكل المقاييس، والدليل أنَّ الـquot;إم بي سيquot; قبلت بعرض العمل وهي الرائدة وأكبر محطة تليفزيونيَّة تستقطب أعمالاً دراميَّة، وتمتلك 70 % من حجم المشاهدين العرب، وهذا في حد ذاته انتصار ونجاح.

هل ستواكب متطلبات السوق الدراميَّة في عملك الجديد؟
نعم.. فنحن نعمل على تطوير أنفسنا وأدائنا العام من خلال أجهزتنا واتصالاتنا، ولدينا اتصال دائمًا بالمهرجانات وبالفنانين، ولم نتوقف عند quot;على موتها أغنيquot;، ولم نكتف بما قدمناه بالعكس قابلنا الفنانين والمحطات، ولدينا شبكة من المعلومات لم تكن موجودة، كما اتفقنا مع محمد المنصور للقيام ببطولة عمل جديد.

ما جديد quot;عمران ميدياquot; بعد quot;على موتها أغنيquot;؟
مسلسل جديد لم يتفق على اسمه بعد، قد يحمل إسم quot;حقول الوردquot; أوquot;شوية أملquot;.

من هم أبطال العمل وعن ماذا يتكلم؟
محمد المنصور هو البطل الرئيسي، وزهرة عرفات، إضافة إلى نجوم كويتيين، ونحن في طور التوقيع معهم، والعمل يقدم رسالة اجتماعيَّة والأحداث الَّتي تدور في المسلسل تحدث في كل بيت خليجي، فعندما يشاهدها الجمهور الخليجي يشعر بأنَّها قريبة منه، حتى إنَّ أحداث quot;على موتها أغنيquot; موجودة في كل بيت، فهي عبارة عن امرأة تتعلق بمهاجر أو شخص وافد وتريد الزواج منه، وهذه القصص تحدث في العائلات الخليجيَّة.

لماذا يطلق على شركات الإنتاج إسم شركات منتجة تجاريًّا، أهل أصبحت الدراما تجارة أكثر من أي شيء آخر؟
للأسف هذا هو الموجود، والآن عندما أتحدث مع المخرج علي العلي عن المستوى الثقافي والتقني في صناعة الدراما في الخليج، نلاحظ أنَّ ثقافتهم ورؤيتهم وموهبتهم هي أقل من العادي، فالإنسان العادي يقدم عملاً عاديًّا، والإنسان الموهوب يقدم عملاً متقنًا، والذين يمارسون ويسيطرون على السوق الخليجي ليسوا موهوبين.

وهذا الفارق بين صانع الدراما والموهوب في عالم الدراما، فهذا الأخير يقدِّم أعمالاً قليلة ولكن متقنة، وأعطيك مثالاً، عدد الأفلام الَّتي قدَّمها يوسف شاهين على مدى خمسين أو ستين سنة على الشَّاشة المصريَّة تعد على أصابع اليد الواحدة، ولكن كل عمل يعتبر مدرسة قائمة بذاتها، وهناك عدد من المخرجين الشباب الذين ظهروا بأفلامهم ومسلسلاتهم الَّتي تعرض ثم تنسى، وهذا الفرق بين العمل الذي يصمد للأبد، والعمل الذي يعتبر كوجبة سريعة تأكلها وتنساها.

أنت كمنتج.. كيف تقيم الأعمال الخليجيَّة؟ وماهي الأعمال الرمضانيَّة الَّتي شدَّتك؟
المسلسلات الَّتي تنتج في مصر بميزانيات ضخمة تحديدًا ليحيى الفخراني وهو فنان بالطبع لا يختلف عليه اثنان، وهذه الأعمال تشعر بما بذل فيها من تعب ودراسة، وكذلك quot;باب الحارةquot; في الجزء الأول والثاني يعتبر من الأعمال الجيِّدة، ومن الأعمال الخليجية أحب بعض حلقات quot;طاش ما طاشquot;، الَّني تمتلك الجرأة في الطرح والتمثيل وفيها نوعًا من الكوميديا الهادفة.

وبالنسبة للأعمال الكويتيَّة عُرضت بعض المسلسلات لكنك تشعر بأنَّها تجاريَّة أكثر من فنيَّة، فنجوم الكويت يبيعون أسماءهم مع فنهم، ووصلوا لمستوى من الفن والسمعة والشهرة والنجومية الَّتي تجعل المطلوب منهم ليس تقديم عمل رائع ليعجب الجمهور، وإنَّما يباع لأنَّ فقط فلان موجود فيه.

هناك شركات إنتاج سبقت quot;عمران ميدياquot;.. كيف تستطيع أنّْ تثبِّت أقدامك كشركة منتجة قادرة أنّْ تقدِّم أو تغير في خارطة طريق الدراما؟
إذا استطعت أن تخرج بنتيجة جيِّدة فإنك تستطيع فرض نفسك حتى في أيام الكساد، ولو راجعت تاريخ السينما في أميركا حتَّى في فترة الكساد عندما كان يُعرض فيلم جيِّد ينجح ويُقبل عليه الجماهير، فماذا عن أيام الرخاء والرفاهية.
فالنتيجة تفرض نفسها في كل الظروف، وأنا أراهن عليها، ولا أراهن على الكم، لأنني أكتفي بمسلسل واحد ناجح في السنة.

هناك تزمر من نجوم البحرين فيما يخص الإنتاج والتليفزيون البحريني، إذ نراهم يغردون خارج السرب ما هي الأسباب؟ وما هي الحلول؟
عندما تكون نجمًا تفرض نفسك على الشَّاشات أو المحطَّات الخليجيَّة، ولابد أنّْ يكون الممثل البحريني مدعومًا من بلده، ونجد مثالاً على ذلك عندما حصل ناصر القصبي وعبد الله سرحان على دعم من الحكومة السعوديَّة، فقامت بفتح كل المؤسسات ليصوروا فيها، وفتحت كل القنوات ليقدموا من خلالها ما يريدونه، وأعطتهم مساحة من الحرية حتى أثبتوا أنفسهم، فالسعودية هي الَّتي دعمتهم وليس الـquot;أم بي سيquot;.

أفهم من كلامك بأنَّ الدراما البحرينيَّة تعاني من النقص الشديد في الإمكانيات؟
طبعًا من الناحية الماديَّة.. فأجور الفنان البحريني المخصصة له من قِبل وزارة الإعلام متواضعة جدًّا، كما نقول: quot;رسوم ما تأكل عيشquot;، وهناك بعض العوامل الَّتي تؤثر على انتشار الممثل البحريني، كاللهجة الَّتي قد لا تكون مقبولة في كل الأدوار، فقد تكون مقبولة كوميديًّا ولكن ليس دراميًّا، فالدراما المأساويَّة لا تحتاج إلى كل هذا المط المقبول في الدراما، والدليل أنَّ quot;طفاشquot; عمل في منتهى الركاكة، لماذا؟ لأنَّه يعتمد على المط والكوميديا، واللهجة المحليَّة الَّتي تتمَّيز بالسخرية على بعض؛ فنجحت على الرغم من الركاكة..

مع وجود quot;الشيخ فوازquot;.. هل تعتقد أنَّ هناك أملاً من تقدم الدراما؟
الشيخ فواز كان على وشك أنّْ يصل بقدم البحرين إلى كأس العالم، فهذا الشاب الذي استطاع أنّْ ينجح بالقطاع الرياضي أملنا فيه كبير في أنّْ نصل إلى المهرجانات العالميَّة المرموقة الَّتي تطالع العمل الفني بمقياس عملي.

وهناك من يؤكد كلامك بأنَّ الشيخ فواز قادر، ولكن المشكلة تكمن في الأمور الماليَّة؟
طبعًا.. هذا هو مربط الفرس، فالميزانية المرصودة للدراما البحرينيَّة ضئيلة جدًّا، ولا أعتقد أنَّها تستطيع الخروج بعملٍ فنيٍّ راقٍ، فهذا مستحيل؛ لأنَّ الصناعة تعتمد على المال.

تألقت الدراما البحرينيَّة في سنوات معينة وخصوصًا في الأعمال التراثيَّة.. هل من عودة مأمولة للدراما البحرينيَّة؟
الأعمال التراثيَّة جاءت في الوقت مناسب عندما لك يكن هناك دراما، والجماهير رأت شيئًا جديدًا فتقبلته، أما الآن فهي عادية، فقدَّم يعقوب المقلة والبسام أعمالاً جميلة، والآن هم أنفسهم يقدمون أعمالاً تراثية وبإنتاج أكبر وأفضل، ولم يحققوا نفس النتيجة.

كلمة أخيرة
أتمنى أنّْ نتكلم في لقاءنا القادم عن فيلم بحريني مغاير عن الأفلام الَّتي رأيتها في حياتك.