القاهرة: كانت بدايته في فيلم quot;لي ليquot; في العام 1991، الذي يعتبر واحداً من الأفلام المهمة التي قدمت خلال التسعة عشر عاماً الماضية، ثم توالت أعماله وكان واضحاً أنه يركز فيها على الملمح الإنساني للشخصيات التي يجسدها، ومنها quot;دم الغزالquot;، quot;جنة الشياطينquot;، quot;ديل السمكةquot;، quot;أحلى الأوقاتquot;، quot;من نظرة عينquot;، وquot;أصحاب ولا بيزنسquot;. ولا أحد يمكنه أن ينسى دوره في الفيلم الأخير، حيث قدم شخصية الشاب الفلسطيني الذي يقدم على تنفيذ عملية استشهادية بطريقة رائعة، وكان أداؤه لافتاً للنظر، رغم أن مساحة الدور كانت محدودة.
إنه الفنان المصري عمرو واكد الذي بدأت مرحلة جديدة من حياته الفنية مع اشتراكه في فيلم quot;سيرياناquot; مع النجم العالمي جورج كلوني، ثم انطلق بعده إلى آفاق أوسع، فشارك في العديد من الأفلام العالمية، منها quot;الأب والغريبquot; الذي يشارك في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحالية، وquot;صيد السلمون في اليمنquot;، وquot;مقتل توماسquot;، وquot;العدوىquot;، و quot;بيت صدامquot; الذي تعرض بسببه لهجوم شديد، واتهم بالتطبيع، نظراً لمشاركة ممثل اسرائيلي فيه.
و في حواره مع quot;إيلافquot; يؤكد واكد أن الهجوم الذي تعرض له مدبر، و تم وفق خطة إعلامية واضحة، مشيراً إلى وقوف أشخاص وجهات وراءه بهدف النيل من سمعة الفنان المصري عموماً، والنيل منه شخصياً، بعد أن أزعج نجاحه العالمي الآخرين.
وقال إن الدليل على ذلك أنه قدم العديد من الأدوار التي تصب في مصلحة تحسين صورة الإنسان العربي، والدفاع عن القضية الفلسطينية، لكن أحداً لم يلتفت إليها.
ـ يصنفك النقاد كفنان عالمي، لكن ما تصورك لمفهوم عالمية الفنان، و خططك المستقبلية لتعزيز وجودك في تلك المنطقة؟
كلما خاطب الفنان الإنسان المجرد من الهوية في أعماله، كلما وصل إلى العالمية. هذا هو مفهومي وخطتي للوصول للعالمية. ولا يشترط أن يكون العمل مقدمابلغة مامثلالإنجليزية أو الفرنسية أو العربية. بل بأن يكون موضوعه إنسانيا، و لذلك فجميع الأعمال التي حازت على جوائز عالمية كانت تخاطب الإنسان . وتتساوى في ذلك جميع الفنون الإبداعية سواء الرسم، أو الشعر، أو السينما. وخير مثال على ذلك الكاتب المصري نجيب محفوظ الذي حاز على جائزة نوبل، دون أن يكتب رواية واحدة بغير اللغة العربية، لأنه كان يخاطب الإنسان في جميع أعماله، ويهتم بقضاياه، ولم يتورط في خدمة أفكار سياسية معينة. وهذا النهج هو ما أسير عليه حالياً، ويرجع إليه الفضل في خروجي للعالمية ـ إن كان قد حدث ذلك ـ فقد سعيت لتقديم الإنسان في أفلامي المصرية أولاً كإنسان من لحم، ودم، ومشاعر.
ـ تقول إنك تحرص على اختيار الأدوار الإنسانية، لكن ما الذيجذبك في مسلسل quot;بيت صدامquot;، الذي يعرض لسيرة حاكم يعتبره العالم من أكثر الحكام تجبراً وديكتاتورية؟
إنها الإنسانية أيضاً التي جذبتني في quot;بيت صدامquot;، حيث يقدم المسلسل ذلك الحاكم كإنسان، كأب، وزوج، وصهر. وسلط الأضواء على نقاط ضعفه، وشهواته، ونزواته.
وكانت السياسة مجرد خلفية في العمل. أنا شخصياً استفدت كثيراً منه، و أضاء لي بعض المناطق السياسية المظلمة فيما يخص غزوه للكويت، ثم الهجوم الأميركي على العراق. فمثلاً عرفت أن السبب وراء احتلاله للكويت، لم يكن نوعاً من البلطجة، بل كان يرجع إلى أنه علم أنها تسحب البترول من الأراضي العراقية عبر أنابيب سرية، و أنه حذرها من ذلك، ولكن دون جدوى. كما أنه قبل أن يقدم على هذا العمل حصل على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأميركية التي نصبت له الفخ، حتى سقط فيه ثم أجهزت عليه. كل تلك المعلومات موثقة من قبل جهة الإنتاج وهي الـ quot;بي بي سيquot;، باعتبارها أكبر مؤسسة إعلامية في العالم. وكل ذلك واضح جداً في المسلسل، الذي حاول كشف الألاعيب الأميركية في المنطقة.

عمرو واكد في مشهد من quot;منزل صدامquot;

ـ في اعتقادك، لماذا تجدد الهجوم عليك مؤخراً، رغم أن المسلسل إنتاج العام 2008؟
ليس لدي أدنى شك في أن هناك من يقف وارء تلك الحملة الإعلامية ضدي. إنها حملة مدفوعة، خاصة أن quot;بيت صدامquot; يعتبر أضخم عمل أنتجته شبكتا الـquot;بي بي سيquot; البريطانية، وquot;أتش بي أوquot; الأميركية. وهما أكبر شبكتين إخباريتين في العالم، بالتأكيد هذا نجاح كبير لي وهناك من يحقد علي بسبب هذا النجاح، وأراد تشويه سمعتي، والإضرار بي. إذ لا يوجد مبرر قوي لهذه الحملة الشعواء. فالعمل يضم فنانين من 30 دولة. و جرى التصوير في دولة عربية هي تونس. ولم أعلم مسبقاً جنسيات المشاركين في المسلسل. ورغم ذلك وجدت كثيرا من النقاد يحملون علي بقسوة، ويطالبون بإنزال أشد العقاب بي، علماً أن جميع من هاجموني لم يشاهدوا المسلسل، لأن من شاهده فعلياً، أشاد به، وبعضهم اتصلوا بي شخصياً، وأثنوا على أدائي. ومع ذلك من الممكن تفهم الهجوم في المرة الأولى، لكنه عندما تجدد مرة أخرى تأكدت أن هناك من يدير حملة إعلامية ضدي، حيث جاء الهجوم الأخير، وأنا خارج البلاد أصور فلماً جديداً في اسكتلندا، وفوجئت، بسيل من الأخبار، والمقالات التي تقول quot;عمرو واكد يصل للعالمية عبر القنوات الإسرائيليةquot;. و كانت لدي ملاحظة تؤكد أنها خطة إعلامية، ألا وهي أن الأخبار أو المقالات المنشورة كلها نسخة واحدة، ومنقولة قص ولزق، وكأنه بيان إعلامي تم توزيعه على جميع المواقع الإلكترونية، ووكالات الأنباء، والصحف، والمجلات. ولم يكلف أحد نفسه عناء نقل وجهة النظر الأخرى. الأغرب أن مجلة تابعة لأكبر مؤسسة صحفية في مصر فبركت تصريحات على لساني، وخرجت بمانشيت ضخم كالتالي quot;عمرو واكد: موافق على التطبيع وليس من حق أحد مهاجمتيquot;، وفي الداخل كتبت على لساني أيضاً أني أرحب بالعمل في أي إنتاج إسرائيلي. و نشر ذلك أيضاً على الموقع الخاص بالمؤسسة. بصراحة quot;اتلبشتquot; ـ تعبير مصري دارج يعني أنه فزع أو تملك منه الخوف ـ وشعرت أن حياتي في خطر، فمن الممكن أن يعتدي علي أحد المتطرفين مثلاً. ووسط ذلك الهجوم والنيران المشتعلة، جاء مقال مي إلياس في quot;إيلافquot; مدروساً، وعادلاً، ومنصفاً، حيث كتبت مقالاً تحت عنوان quot;اتهام عمرو واكد بالتطبيع حماقةquot;، بمنتهى الحيادية، والعدل، وكتبت من منطق الغيرة على الأمة العربية التي تترك الساحة العالمية لإسرائيل، وكانت وجهة نظرها قريبة جداً من وجهة نظري، وإني أوجه الشكر إليها، فقد شعرت أنها تكتب بلساني، وتشعر بما أشعر به، رغم أننا لم نلتق أبداً.
ورغم كل ذلك الهجوم لم أحزن على نفسي، quot;وحياة أمي، أنا مازعلت على نفسي، أنا زعلت على ما وصل إليه حال الصحافةquot;. ما حدث معي ليس مجرد رد فعل، بل كانت خطة إعلامية محددة وواضحة المعالم، و لم تكن تستهدف عمرو واكد وحده، بل كانت تستهدف الفنان المصري بشكل عام.
ـ وإذا كان الأمر كما تعتقد، هل من الممكن أن تقع نقابة الممثلين في الفخ نفسه، و تحيلك للتحقيق؟
النقابة تعرضت لضغوط شديدة من الصحف التي طالبت بمحاسبتي، وقد اتصل بي الدكتور أشرف زكي، وقال إنه مضطر لإحالتي للتحقيق، بسبب ضغوط الصحافة، وأعرب عن دعمه لي معنوياً. والحمد لله انتهى التحقيق للحفظ بناء على أدلة قدمتها للنقابة.
ـ وما الأدلة التي قدمتها لتبرئة ساحتك من تهمة التطبيع؟
قدمت للجنة التحقيق العقد الذي وقعته مع الجهة الإنتاجية، والذي لم يرد فيه أن العمل يشارك فيه ممثل إسرائيلي، وقدمت أيضاً شهادة من الجهة الإنتاجية، يفيد بأني لم أكن أعلم بجنسيات باقي فريق العمل.
ـ لكن الإسرائيلي نجال نأور ممثل ومن المفترض أنه مشهور للجمهور فما بالك بالنسبة إلىممثل زميل له هو أنت؟
لو علمت في حينها أنه ممثل اسرائيلي لتراجعت عن المشاركة في المسلسل، ولكن لو تكرر الأمر حالياً، لن أتراجع وسوف أقبل المشاركة معه.
ـ لماذا؟
لأنه ممثل، ولن يظهر العلم الإسرائيلي على تتر المسلسل أو الفيلم بجوار اسمه، لأن أي عمل نشارك فيه أكبر مني ومنه. فضلاً على أني سوف أستفيد من المشاركة الدولية، وسوف تستفيد مصر أيضاً، فمثلاً لو أني أردت إنتاج عمل ضد إسرائيل، ووجدت أن هناك ممثلا إسرائيليا يعارض ما تفعله دولته من جرائم ضد الإنسانية، هل استبعده لأنه يحمل جنسيتها، وسوف تصب الإستعانة به في مجال التطبيع؟! هل لو استخدمت فنانا اسرائيليا في عمل يدينها ويرفع من كرامة العرب، أصبح مطبعاً؟! أنا لست مطبعاً يا سادة.
ـ وماذا قدمت من أعمال فنية بعد ذلك لتنفي عن نفسك ذلك الإتهام؟
أولاً، ليست هناك تهمة في القانون تسمى quot;التطبيعquot;، لكنه التزام أخلاقي من قبل المجتمع بعد التطبيع مع اسرائيل مادامت تصر على احتلال الأراضي العربية، وتمارس القهر ضد الفلسطينيين. ثانياً جميع الأفلام التي شاركت فيها كانت تخدم القضايا العربية القومية، وتعلي من شأن الإنسان العربي في مواجهة الغرب الذي يصفه بالإرهاب. كما أني قدمت شخصية جهاد الإستشهادي الفلسطيني في فيلم quot;أصحاب ولا بيزنسquot;. ودعني أسوق دليلاً آخر يؤكد أن ما حدث معي حملة مدبرة، وأني أبعد ما يكون عن التطبيع. فقد شاركت في فيلم بريطاني اسمه quot; مقتل توماسquot; من إنتاج الـ quot;بي بي سيquot; أيضاً، في أعقاب إنتاج مسلسل quot;بيت صدامquot; مباشرة، ويسلط الأضواء على المذابح الإسرائيلية في غزة. و تدور قصته حول مصور فوتوغرافي يتعرض للقتل على أيدي القوات الإسرئيلية أثناء اجتياح غزة، و تسافر أسرته البريطانية إلى هناك للبحث عن جثته. فيلتقون بي حيث أجسد شخصية شاب فلسطيني يرافقهم في رحلة البحث عن الجثة. ويشرح لهم أبعاد المأساة التي يعيش فيها أهالي غزة. و يصحبهم إلى العائلات الفلسطينية، فيكتشفون أن غالبيتها قد فقدت العشرات من أبنائها، فيهون عليهم فقدهم ابنهم، و يتعرفون على بشاعة إسرائيل، فيقررون مقاضاتها أمام المحاكم الدولية. هذا الفيلم لم يكتب أي صحافي في الشرق الأوسط كلمة واحدة عنه. فقط الجميع كتب عن quot;بيت صدامquot;، رغم أنه عرض بعده بفترة قليلة. ألم أقل لك إنها حملة إعلامية ضدي؟!

عمرو واكد في مشهد من فيلم quot;سيرياناquot;

ـ لديك تجربة جديدة في فيلم quot;صيد السلمون في اليمنquot; البريطاني، حدثنا عن تلك التجربة؟
إنها تجربة جديدة تقدم العربي كإنسان سوي جداً، بل بطل، و أجسد فيه شخصية أمير قبيلة يمني يرتبط بصداقة قوية مع بريطاني يعمل خبير أسماك، بعد أن يلتقيا مصادفة و تنشأ بينهما علاقة وصداقة. و يضرب فيها اليمني أروع الأمثلة في البطولة و التضحية.
ـ وماذا بشأن الفيلم الأميركي quot;العدوىquot;، و لماذا قبلت بمشهدين فقط فيه؟
الإبداع في السينما لا يقاس بعدد المشاهد، و أنا لدي قناعة بأن الجملة الواحدة في فيلم جيد قد تصنع نجماً. و طالما أتتني الفرصة للمشاركة في quot;عمل محترم، ومع فريق محترمquot; سأكون سعيدا جداً، حتى و لو كانت المشاركة بجملة، وليس مشهدين. فما بالك إذا كان مخرج الفيلم هو ستيفن سبيلبرج، الذي يعد واحدا من أهم المخرجين في العالم، و أنا شخصياً مهتم جداً بمتابعة أعماله، و أسعى لمشاهدتها، وعندما تتاح لي فرصة العمل معه، بالتأكيد هذا نجاح لي. وأجسد في الفيلم أيضاً شخصية عربي.
ـ يلاحظ أن أغلبية الأدوار التي قدمتها لعرب، فهل تقصد ارتداء جلبات العربي، أم أنها اختيارات المخرجين؟
لدي سببان في ذلك: الأول أني أحاول العمل في منطقة معينة، بحيث أظهر فيها موهبتي وخبرتي، خاصة أن صناعة السينما في الخارج ضخمة وتضم آلاف المخرجين والمنتجين وأضعافهم من الفنانين. والفنان الذكي هو من يستطيع أن يرسم لنفسه لونا أو شخصية يلعب فيها، بحيث لا يجيد العمل فيها سواه. أما السبب الثاني فهو أن غالبية الأدوار التي عرضت علي لشخصيات عربية، باستثناء ثلاثة أعمال تلقيتها مؤخراً الأول شخصية تركي، والثاني يوناني، والثالث إيطالي. كما أني لا يعينني نوعية أو جنسية الشخصية بقدر أهميتها وتأثيرها في العمل.
ـ ما العمل الذي أهلك للترشح لفيلم quot;سيرياناquot; الذي يعتبر أول أعمالك العالمية؟
إنه مشهد واحد، وليس عملاً كاملاً، حيث حضرت السيدة المسؤولة عن تكوين quot;الكاستنجquot; أو فريق العمل إلى مصر، بعد أن زارت العديد من الدول في المنطقة منها سوريا، لبنان، اسرائيل، والمغرب، وذلك للبحث عن ممثل يجسد شخصية عربي في الفيلم. والتقت بالعديد من الزملاء، وعندما قابلتها، أعطتني نص مشهد من الفيلم، لشخصية غير التي جسدتها، و طلبت مني أداءه، وقد كان. وأعجبت بطريقة تمثيلي، وتم إسناد دور محمد شيخ عزيز إليَ. وعندما قرأت السيناريو، وجدت أنه مكتوب بطريقة رائعة، ويخاطب العدل داخل الإنسان. وكان هذا الفيلم في صالح القضايا العربية أيضاً، حيث أظهر كيف أن أميركا تتحكم في الحكومات، وتزيح كل من يريد خدمة شعبه، ويعمل ضد مصالحها. ففي نهاية الفيلم تدبر حادث اغتيال ولي عهد إحدى الدول، لمجرد أنه يفكر في تطوير البلاد.
ـ هل تشعر أنك مظلوم إعلامياً؟
نعم أشعر أني مظلوم إعلامياً، فالأكثرية من الصحافيين والإعلاميين يتعاملون معي بغير عدل، ولست أدري السبب في ذلك، هل لحساب شخص آخر، أم لأني ليس لدي قبول إعلامي؟!
ـ وهل تشعر أنك مظلوم فنياً؟
لا، على العكس أنا محظوظ جداً، حيث شاركت في أعمال عالمية. لكن البعض يظن أني مظلوم فنياً في مصر، وهذا اعتقاد خاطئ، فأنا لا تغريني البطولة في فيلم تافه، أنا أفضل تقديم مشهدين فقط مع مخرج في وزن يسري نصر الله، أو مشهد مع أسامة فوزي، بدلاً من بطولة فيلم ترفيهي. أنا أشعر أني تعيس الحظ حقاً لأني لم أشارك مع المخرج الراحل رضوان الكاشف في أي عمل.