أعرب الملحن العراقي، سرور ماجد، عن حزنه لما آلت إليه الأغنية العراقيَّة، مؤكِّدًا أنَّه عاد إلى العراق بعد سنوات من الغربة وكلَّه حماس ليعيد مع زملائه الملحنين والموسيقيين الملتزمين الذوق والإحساس إلى الأغنية العراقيَّة، بعد أنّْ تحوَّلت إلى فقَّاعات.


بغداد: قال الملحن، سرور ماجد، بعد عودته الى العراق للاستقرار فيه ونفض غبار الغربة عن روحه وانغامه، ان لديه العديد من المشاريع الموسيقية والكثير من الالحان التي ينتظر ان يجد دعمًا من اجل انجازها، وهي مما يفيد الاغنية العراقية التي تتعرض الى مؤامرة كبيرة مندون ان يقودها احد بسبب عدم الاستقرار الذي يعاني منه البلد، واضاف في حوار مع quot;ايلافquot;: quot;قبل ايام سمعت 300 اغنية، تفرغت لها تمامًا وسمعتها، لم استطع ان افرق بين هذه الاغنية او تلك، نفس الصوت ونفس الايقاع ونفس المقام ونفس الاغنية، وهذه كارثةquot;.

أين حططت رحالك الآن ؟
انا الآن في العراق بعد عودتي من كندا، وتقريبًا هي شبه عودة نهائية حتى استقر، حيث اعمل حاليًا على اعادتي الى وظيفتي، فأنا موظف في دائرة الاذاعة والتلفزيون المنحلة، الان ملاكي على وزارة الثقافة، على امل ان اكون ضمن ملاك دائرة الفنون الموسيقية .

ما الذي في جعبتك كملحن وموسيقي ؟
في جعبتي الكثير من المشاريع التي اريد ان ابحثها منها النهوض بالاغنية الى مستوى يليق بسمعة العراق ويليق بالعراقيين واذواقهم، ايضًا انا ابحث عن اصوات جديدة وجميلة حتى ابرزها على الساحة الفنية وحتى استطيع ان اقاتل بها الاغنية التافهة التي تظهر الان والتي شوهت اسماع العراقييين واذواقهم، هذه مشاريع لا اعتبرها مؤجلة بل قيد التنفيذ، ولكنها تحتاج الى دعم ومساندة ودفع، وهذه انا لا امتلكها وانا في حيرة من امري الآن اذ كيف اشتغل ولديّ فورة واخشى ان تقتل هذه الفورة في داخلي او تسكت، هذا انا اتيت وفي نيتي ان شاء الله ان احقق ولو جزءًا بسيطًا من هذا.

ما هي خطوات السعي الذي بذلته خلال وجودك في بغداد ؟
حاولت ان اعود الى الدائرة وما زالت هناك موافقات لابد من الحصول عليها، وأوراقي كاملة لاعادتي للعمل، وهذا هو الاهم من اجل ان تتعرف الناس على سرور ماجد وتعرف انه موجود، وقد سعيت الى هذا من خلال استضافتي في قنوات فضائية عديدة .

هل ثمة شيء تحقق ؟
في فضائية الشرقية بدأنا بعمل برنامج عن المطربين السبعينيين مثل ياس خضر، وحسين نعمة، وفاضل عواد، وسعدون جابر، وحميد منصور، في كل اسبوع نقدم حلقة نختبر فيها مجموعة من الشباب تغني اغاني مطرب معين، وهو شيء جميل، ولجنة التحكيم تضمني مع الفنان سامي قفطان، والملحن طارق الشبلي، البرنامج سيبث مطلع العام الجديد، وقد نجح في الاختبار 15 شابًا، وهؤلاء الشباب سيتوزعون كل ثلاثة في مجموعة يغنون لمطرب معين، ولدينا ثلاثة شباب احتياط، وشكرًا للشرقية انها قدمت هذا البرنامج .

وكيف حال مشاريعك الشخصية الساعي الى تنفيذها ؟
لديّ مشروع ، ولكن اين في تصورك ان اتحرك؟ هل هنالك غير القنوات الفضائية؟ وبصراحة انا اخشى ان اعرض الفكرة وتتعرض للسرقة وتنفذ من غيري، انا حريص على ان اقدم البرنامج، مثلاً لديّ فكرة quot;ملحن واغنيةquot; استضيف ملحنين وأجيء بشباب جدد، حتى اغذي الساحة بأصوات تغني الاغاني الملتزمة، الكلمة الملتزمة واللحن الملتزم والصوت الجميل، وتحركت على عدد من الفضائيات وحصلت من بعضها على موافقات مبدئية.

وأين ألحانك إذن؟
انا الان ابحث عن صوت، ابحث عن استديو، عندي اغاني جاهزة للنشر، اغاني عاطفية جميلة، انا متأكد انكم ستقولون عنها جميلة ولست انا، مثلما اغانيي السابقة quot;يصبرنيquot;، quot;شلك علي يا زمنquot;، quot;ياعينquot;، وquot;الشوقquot;، والعشرات غيرها، انا ابحث عن صوت ولكن هذا الصوت يحتاج الى دعم والى اموال كي اسجل، وجدت بعض الاصوات من الشباب ولكنه معدم ولا يستطيع ان يسجل اغنية، وهي تكلف على الاقل 3 الاف دولار ربما، هذه مشكلة، عندي اغاني للناس وللوطن، اريد ان الحنها، هذه مشكلة ايضًا، اريد دعمًا لا اريد ان اغتني به، فقط اصرفه على الاستديو، انا سبق لي ان سجلت اغنيتين وطنيتين واحدة منهما لصالح قناة العراقية دعمني فيها الصديق عبد الكريم السوداني المدير العام السابق، وغنيناها انا وصلاح عبد الغفور وحسن بريسم، والاخرى على حسابي الخاص سجلناها في هولندا انا والمطربة فريدة.

لماذا لا تعطي اغنيات للمطربين المعروفين المتواجين في الساحة ؟
من الممكن طبعًا، ولكن من غير الممكن ان نظل على مطربين معينيين، لا بد ان نكتشف اصواتًا جديدة، هنا يوجد تحدي، هناك اصوات جديدة لكنها تغني اغانٍ تافهة وفاشلة وغير مؤدبة تخدش حياء المرأة والرجل والعائلة، مثل (بس بس ميو) او (اكسر خشمج) او هذه الاغنية الكارثة التي هي عبارة عن (بصاق) :(تف عليك، تف عليك) تصور هذا مستوى الغناء، فنحن نريد ان نعمل تحديًا، من ان هناك شبابا يغنون الغناء الهابط وهناك شبابا يغنون الغناء الرصين الملتزم الجميل، ولا بأس بأغنية خفيفة وتغنى بالاعراس ولكنها ملتزمة كلامًا ولحنًا، ان قبل ايام سمعت 300 اغنية ، تفرغت لها تمامًا وسمعتها، لم استطع ان افرق بين هذه الاغنية او تلك، نفس الصوت ونفس الايقاع ونفس المقام ونفس الاغنية، هذه كارثة، ولكن اذا ما اخترت عشرة اصوات جديدة باغانٍ راقية ولطيفة وتبثها للناس، اعتقد انها ستغير الكثير، وانا لا اقصد ان نقدم الاغاني الحزينة الكئيبة بل الاغاني المتفائلة التي فيها كلام جميل وخطاب للناس وللشارع وللحبيبة وللحب والام وللوطن، هنا سيحدث تمايز وأكيد سنسحق اولئك المغنين.

الا تعتقد بوجود مؤامرة ضد الغناء العراقي؟
هي ليست مؤامرة، ولكنه عدم استقرار البلد، فهذه الاغاني التافهة مرتبطة بعدم استقرار البلد، لو كان البلد مستقرًا لانتبه الى هذه الشوائب، كالاغنية الفاشلة والمسرج الفاشل والصحافة الفاشلة احيانا، لكن البلد غير مستقر وانتباهه للامور الامنية اكثر وللفساد المليء به، انا ارى ان هذا التحدي مطلوب ولكن اريد من يقف معي، وهذا نداء لكل الملحنين الرواد والاساتذة الكبار ان يقفوا وقفتي حتى نخلص مما نحن فيه، وهذا ليس واجب الحكومة بل واجبنا، ولكننا نريد اقل الدعم لاننا نعرف اذا اردنا ان نتعرف على حضارات الشعوب فاسمع موسيقاها، ومنها تعرف هذا الشعب متخلف او متطور، فنحن الان من يسمع موسيقانا يقول اننا شعب متخلف، بلد متخلف، نحن نريد ان ننهض ببلد سومر واكد ولابد ان نظهر اغنية وثقافة بشكل جديد ومتحرر وجميل جدًا لا يخدش الذوق.

هل يمكن ان نقول ان وراء القنوات الغنائية العديدة سر، لاسيما انها تشجع على الغناء الهابط؟
المسألة تجارية، لهذا يجب اولاً ان نفضي على القنوات هذه او لنتفق على ان نقضي على الشهرة السريعة للمغنين، لان المغني الذي يظهر في هذه القنوات يدفع نحو 2500 دولار حتى تبث اغنيته 8 مرات يوميًا ولمدة اسبوع، وانا اعتقد ان اي مطرب يظهر في هذه القنوات هو مجرد فقاعة وبعد يومين او ثلاثة ينفجر ويمر مرور الكرام ولا احد يتذكره.

كيف يمكن ان نقضي على هذه القنوات؟
بعدم الترويج لها، ولكن المشكلة الان ليست في هذه القنوات، بل في القنوات الاخرى التي تبث لهم مثل العراقية والسومرية والفيحاء وحتى الشرقية احيانًا، لماذا لا ترفض هذه القنوات بث هذه الاغاني او تشكيل لجان متخصصة مثلما كانت في تلفزيون العراق، لجان تفحص الكلمة واللحن والصوت، واقصد القنوات الملتزمة مثل العراقية والفيحاء والسومرية والشرقية والبغدادية، نحن موجودون ونحن مسؤولون عن بث الاغاني، بعد انتقاء الاغنية الجيدة.

لكن الجمهور يتفاعل مع هذه الاغاني؟
هؤلاء ليسوا الاغلبية التي هي الجيل المثقف والواعي حتى عمريًا، انا عبر الفيس بوك اتحدث مع شباب صغار عمريًا ويقولون انهم ملوا هذه الاغاني، وفعلاً ملوا لانهم متكررة، انا قصدي ان على القنوات الملتزمة ان تضع ثلاثة من الملحنين او الموسيقيين الملتزمين ويختارون الاغاني لكي تبث، او حتى لو اختارت شخصًا واحدًا لديه نكران ذات، يجب ان تعود هذه القنوات الى ان تبث صباحًا فيروز ومحمد قنديل وكل اغاني الصباح الجميلة، علينا ان نعيدها، لنبدأ معًا ولنجرب ولا اعتقد بوجود حواجز ولابد لهذه القنوات ان تقدم الاغاني الجميلة .

ولكن هذه القنوات ترى جمهورًا لذلك هي تلبي طلباته ؟
وماذا تفعل بهذا الجمهور، ثم ان هناك الف برنامج يجذب الجمهور، وتعود الناس لتسمع اغاني طالب القره غولي وفاروق هلال وسرور ماجد ومحسن فرحان.

هل تعتقد وجود ازمة ملحنين في العراق؟
نعم .. نعم، لهجرة الملحنين وانا أحدهم، سببها النظام السابق الذي جعلنا نهاجر، وكذلك بسبب الطائفية، مجبر اخاك لا بطل، وبقي من هب ودب ليلحن وقد استسهل الشغلة، أود ان اقول لك ان المطربين الذي اختبرناهم في برنامج قناة الشرقية هم يغنون لمطربي السبعينيات ولكن بترنيمة وصوت حسام الرسام او فلان او فلان، انهم يصرخون في غنائهم، نحن قلنا لهم لا نريدكم ان تقلدوا المطربين بل غنّ بصوتك انت، غن لياس خضر لان فيها صعوبة وفيها صعود، انهم لا يعرفون (التون)، هذا يدل على انهم استسهلوا الشغلة وقد اصبح كل واحد يريد ان يكون مطربًا.

هل هذا من تأثير الفيديو كليب على الاغنية ؟
نعم، لان كل واحد راح يظهر معه فتاة ترقص، هذا الفيديو كليب الخلاعي، وهذا أثر على الاغنية كثيرًا، بل انه أثر حتى على الردات الحسينية الآن، انا من الناس كنت في يوم ما قرأت على الحسين مرتين او ثلاثاً، ولكن كان هناك نغم وهناك كلمة ممتازة، الان نفس الشيء (قلب .. قلب .. وين وين / رايح لابوي الحسين)، اذن نحن الان نسمع اغاني ونسمع ردات حسينية بنفس الاصوات ونفس المقام ونفس الايقاع، اذن .. هناك مؤامرة كبيرة ولكن لا يقودها احد، مؤامرة خلقت لتكون مؤامرة ضد العراق بشكل كامل، لا أحد يريد العراق ان يتطور.

اين دور كليات ومعاهد الفنون والدراسات النغمية ؟
دعنا نتفق ان لا معهد الدراسات ولا كلية ولا معهد الفنون بأمكانها ان تخرج مطربًا او ملحنًا، من الممكن ان تخرج موسيقي، اللحن فطرة وموهبة، وان كان يحتاج الى دراسة، انا ملحن ودرست لأعزز نفسي بدراسة اكاديمية، ولكن كيف مع الذي قبل اسبوع لك يكن ملحنًا واليوم صار ملحنًا، كيف هذا؟ هؤلاء ليس لديهم وعي ولا ثقافة ولا رصيد من الثقافة الفنية والموسيقية، لذلك تطلع الالحان كيفما اتفق .

الى اي مدى سيبقى حماسك هذا ؟
سأبقى اتحمل، ولكن اتمنى من الحكومة ان تنتبه قليلاً، وبجهودكم انتم الصحافيين، نحن نريد دعمًا بسيطًا من الحكومة لنؤسس لجانًا من اجل اصوات جديدة ولنكن نحن مسؤولين امام الله والشعب وامام التاريخ العراقي على اعادة الاغنية الجميلة .

هل من كلمة تود قولها اخيرًا ؟
فقدنا استاذًا كبيرًا وناقدًا موسيقيًا قلّ وندر ان نجد واحدًا مثله، هو المرحوم عادل الهاشمي رحمه الله، ونتمنى ان تظهر لدينا مجموعة من النقاد الموسيقيين الذين يعلمون ما هي الاغنية والموسيقى وما هو تاريخ الاغنية العراقية.