دعا الفنان المصري، عمرو واكد، رئيس الحكومة المصريَّة الفريق، أحمد شفيق، للإستقالة إستجابةً إلى مطالب الشعب، كما دعا إلى محاسبة كل من أساء إلى الثورة وشبابها من خلال التَّرويج لأمور خاطئة، وإتهامهم بالتعامل مع الخارج، وتعاطي المخدَّرات، والدعوة إلى إحراقهم.
القاهرة: دعا الفنان المصري، عمرو واكد، رئيس الحكومة المصريَّة الفريق، أحمد شفيق، إلى الإستقالة بناءً على رغبة الثورة المصريَّة، وقال في مقابلة مع quot;إيلافquot; بُعيد مشاركته في تظاهرة في ميدان التحرير للمطالبة برحيل الحكومة ومحاكمة مبارك، إنَّ إصرار شفيق على الإستمرار في منصبه على الرغم من الرفض الشعبي يدلُّ على أنَّه لا يعمل لصالح مصر، بل تمَّ تكليفه بالتستر على فساد الكبار.
وأبدى واكد تأييده لوضع قائمة سوداء للفنانين الذين أساؤوا للثورة المصرية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث دعا إلى محاكمة من حرَّضوا على إحراق المحتجين في ميدان التحرير بتهمة التَّحريض على القتل، ومحاكمة من اتهموا الثوَّار بتقاضي رشاوى من جهاتٍ خارجيَّةٍ للعمل ضد مصر، ومحاكمة من اتَّهموا المحتجين بالزنى وتعاطي المخدَّرات، معتبرًا أنَّ ما قالوه يخرج عن نطاق حريَّة الرأي والتَّعبير إلى حدود السب والقذف والتَّحريض على القتل.
لماذا تشارك في التظاهرات على الرغم من انتصار الثورة في 11 فبراير الجاري، وتنحي الرئيس السابق حسني مباركمن السلطة؟
نعم، انتصرت الثورة على رأس النظام، لكن ما زال هناك مطلبٌ مهمٌ جدًّا لم يتحقَّق بعد، ألا وهو رحيل حكومة الفريق، أحمد شفيق، الذي تمَّ اختياره من قبل رئيس جمهورية فقد شرعيته.
ولو افترضنا حسن النية في شخص رئيس الوزراء، فيكفي أنَّه من المقرّبين لمبارك، الأمر الذي يشكِّك في قدرة حكومته على القيام بمهامها في إدارة البلاد بنزاهةٍ ومصداقيَّةٍ ومكافحة الفساد.
ونقول له ما قلناه للرئيس مبارك من قبل: quot;إذا كنت حريصًا على مصلحة مصر حقًّا، فارحل، لأنَّ إصرارك على رئاسة الحكومة بعد الثورة، يؤكِّد أنَّك لست صادقًا في إدارة البلاد من أجل مصلحة شعبها، بل إنَّك كُلِّفت بالتستر على فساد وعمالة كبار المسؤولينquot;.
فلا بدّ من حلّ تلك الحكومة، وتكليف أيَّة شخصيَّةٍ معروفٌ عنها النزاهة والشَّفافية بتشكيل حكومة جديدة، ليس فيها أيٌّ من الوجوه الَّتي كانت معروفة بولائها للنظام السابق، بل مشهود لها بالكفاءة و الولاء للشعب ومبادئ الثورة، وهناك مطلب آخر يتمثل في تقديم جميع الفاسدين بلا استثناء للمحاكمة، وإسترداد الأموال المنهوبة، لإستخدامها في تنمية الإقتصاد وتوفير حياة كريمة للناس.
هناك محاكمات جارية لوزراء وكبار رجال الدولة بتهم تتعلَّق بالفساد، ألا يكفي ذلك لإعطاء دليل على حسن نوايا حكومة الفريق أحمد شفيق؟
لا يكفي ذلك، لابد من إخضاع جميع المسؤولين في النظام السابق، والحزب الوطني الحاكم، ورجال الأعمال المتعاملين معه للتحقيق، ومن تثبت إدانته بجرائم فساد أو رشوة أو استيلاء على أموال أو أملاك الدولة تتمُّ محاكمته، ومن تثبت براءته، يعلن ذلك بوسائل الإعلام.
ويجب الإفراج عن المعتقلين لدى وزارة الداخليَّة، والذين يقدّر عددهم بما يزيد على 18 ألف مواطن، كما يجب الكف عن ملاحقة قيادات الثورة، والوجوه المعروفة الَّتي شاركت فيها، وقد تعرضت أنا شخصيًّا لمضايقات من مصلحة الضرائب، حيث فوجئت بأنَّ المصلحة تبلغني بضرورة الخضوع للفحص الضريبي.
متى حدث ذلك، ولماذا اعتبرتها مضايقة؟
حدث ذلك منذ يومين، وليس هناك تفسير آخر، لاسيما أنَّه معروف عني في مصلحة الضرائب أنني من الملتزمين بالقانون، ولم يحدث أنّْ تهرَّبت أبدًا من سداد الضرائب المستحقة عليَّ، وليس لدي غضاضة في ذلك، إذا لابد من إعمال القانون، لكن هذا الإجراء هو مؤشرٌ خطرٌ يدلُّ على أنَّ النظام القديم ما زال يحكم البلاد، ويحاول الإنتقام ممن ساهموا في إسقاطه أو إزاحة رأسه عن السلطة، وأعتقد أنَّ الأمور ستتضخَّم من جديد، إذا لم ترحل هذه الحكومة.
هل تتوقع إندلاع الثورة مرَّة أخرى على الرغم من تحقيقها إنتصارات كثيرة؟
نعم، سيحدث ذلك، إذا استمرت الحكومة الحالية في التعامل بلامبالاة مع الشعب والثورة، وسأسوق لك دليلًا على هذا الكلام، عندما إندلعت الثورة في 25 يناير الماضي، عجزت الشرطة عن قمعها بالرصاص، والقنابل المسيِّلة للدموع، ودهس المواطنين بالسيَّارات المصفَّحة، فتم فتح السجون أمام المجرمين، فخرجوا يعيثون في الأرض فسادًا وقتلًا وتنكيلًاوسرقةً، وروَّعوا النَّاس في المنازل، وعلى الرغم من ذلك تمَّ إختيار مدير مصلحة السجون وزيرًا للداخليَّة في حكومة أحمد شفيق، وأدى الوزير اليمين الدُّستوريَّة أمام الرئيس السابق.
لكن اللواء، محمود وجدي، وزير الداخليَّة الحالي، كان رئيسًا لمصلحة السجون منذ عدَّة سنوات، وكان متقاعدًا عندما إختير للوزارة؟
أعلم ذلك، لكنه متوَّرط في جرائم أخرى أكثر خطورة، فليس خافيًا على أحد أنَّ الولايات المتَّحدة الأميركيَّة، كانت ترسل المتهمين في جرائم الإرهاب إلى السجون المصريَّة لتعذيبهم وانتزاع إعترافاتٍ منهم، فكيف يمكن إقناع الشَّعب أنَّ هذا الرجل يختلف عن سلفه؟ إنَّه نسخةً عنه، إذن لم يطرأ أي جديد على مصر، لنذهب إلى وزير البترول الجديد، محمود لطيف، الذي تمَّ تعيينه منذ يومين، حيث كان يشغل منصب رئيس الشَّركة القابضة للغازات، وهو الرجل الذي وقَّع على جميع إتفاقيَّات تصدير الغاز المخجلة، ثمَّ ها هو الفريق شفيق يختار المهندس، محمد الصاوي، وزيرًا للثقافة، وأنا أرى أنَّه غير مؤهَّل لشغل هذا المنصب، ويشترك كثيرون معي في هذا الرأي، لكن الأخطر أنَّه معروف بتشدده الرقابي على الإبداع، فكيف يجلس على كرسي وزير الثقافة؟ مما سبق يتأكد لنا أنَّ جميع الإختيارات ليست في مصلحة الوطن، بل تسعى الحكومة من خلالها للتستر على فساد من كان قبلها، وتحسين صورة حسني مبارك.
وكيف ترى التَّعديلات الدُّستوريَّة الَّتي تجري حاليًا؟ وهل هي تناسب تطلعات الثورة؟
لست خبيرًا في هذا الشأن، لكن بعض الخبراء قالوا إنَّها تتضمَّن تعديلاتٍ جيِّدة وصحيَّة، وأكَّدوا في الوقت نفسه أنَّ هناك مشاكل جمَّة في الدستور، وأنا أرى أننا في حاجة إلى دستور يحدُّ من صلاحيَّات الرئيس، ويوزِّعها على باقي السُّلطات وأهمُّها السُّلطة التَّشريعيَّة، وأنّْ يكون لدينا نظام لمحاسبة المسؤولين، نحتاج إلى تعديلات أو دستور لا يجعل من الرئيس أشبه ما يكون بالإله.
ما رأيك في الدعاوى الَّتي تطالب بإلغاء المادة الثانية من الدُّستور الَّتي تنص على أنّْ الشَّريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرئيس للتَّشريع في الدَّولة؟
ليس هذا الوقت المناسب للحديث عن هذا الأمر، وقد لمست أنَّ الكثير من المسيحيين يعتبرون أنَّ تلك الدعوات الهدف منها تفتيت وتشتيت الثورة عن تحقيق أهدافها الرئيسة، وقد عارضت الكنيسة نفسها إلغاء المادة الثانية، وفي إعتقادي أنَّه من المهم إضافة مادة تخصُّ المسيحيين، وتمنحهم الحق في الإحتكام إلى الإنجيل في ما يتعلق بالأحوال الشَّخصيَّة مثل الزواج والطلاق والميراث.
ما هي رؤيتك لرسالة الفن في مرحلة ما بعد نجاح ثورة 25 يناير؟
لابد من إجراء عمليَّة تطهير داخلي في الوسط الفني.
ماذا تقصد بالتطهير الداخلي؟
أقصد به ضرورة محاسبة الفاسدين والمزيفين، لابد أنّْ نقوم نحن الفنانين بعملية تطهير لأنفسنا من طريقة العمل القديمة، يجب أنّْ نقدِّم أعمالًا هادفةً وذات معنى، يجب أنّْ نكفَّ عن تقديم أعمالٍ سطحيَّةٍ تناقش قضايا مهمَّة بطريقة quot;تصبير المواطن على همومه وبلاويهquot;، يجبأنّْ نكفَّ عن quot;الضحك على الناسquot;، الشعب المصري بعد الثورة لم يعد لديه بلاوي، بل لديه مشاكل، لابد أنّْ يناقشها الفن ويقدِّم الحلول لها، أعتقد أنَّه سيكون هناك توجهات جديدة للفن في المرحلة المقبلة، وستختفي الوجوه القديمة، وتظهر وجوه جديدة، وسيشهد الفن نهضةً كبيرةً تساهم في نهضة مصر ونهضة العالم العربي.
كيف ترى التظاهرات الَّتي تعمُّ النقابات الفنيَّة حاليًا للمطالبة برحيل النقباء ومحاسبة من يصفهم البعض بالفاسدين؟
إنَّها ظاهرة صحيَّة جدًّا، ويجب إستقالة النقباء، وتقديم من يثبت تورطه في جرائم فساد للقضاء.
ما رأيك في ما يسمى بـquot;قائمة العارquot; أو quot;القائمة السوداءquot; للفنانين الذين كانوا ضد الثورة ومع النظام السابق؟
بصراحة عيب جدًّا ماخرج من بعض الفنانين تجاه الثورة ومن شاركوا فيها، ولن أسامح كل من تطاول عليها، فمن غير اللائق إتهام الثوَّار في ميدان التَّحرير بالزنى أو تعاطي المخدَّرات، ومن غير اللائق أنّْ يدعو أي فنان إلى إحراق من كانوا يعتصمون في الميدان، لن أسامح أي إنسان كان يقف في وجه الحق، ويريد للباطل أن ينتصر، لابد أنّْ تكون هناك قائمة سوداء لكل من أساء للثورة، على رأسها حسني مبارك، ولابد من محاسبة كل من أساء للثورة.
دعني أختلف معك، هل يصح أنّْ نعاقب من كان يعارض الثورة؟ أليس ذلك حجرًا على حريَّة الرأي والتَّعبير؟
حريَّة التَّعبير لا تعني رفض الآخر تمامًا كما فعل هؤلاء، حريَّة التَّعبير لا تعني التضليل وترويج الأكاذيب، حريَّة التَّعبير لا تعني إتهام النَّاس بالزنى، وتعاطي المخدَّرات، أو الدعوة إلى حرق المحتجين، فتخرج في اليوم التَّالي مجموعات من البلطجيَّة، وتنقضَّ على النَّاس البريئة في ميدان التَّحرير، ويقومون بالفعل بحرق المحتجين وقتلهم، إنَّ ما فعله هؤلاء لا يدخل في نطاق حريَّة الرأي والديمقراطيَّة، بلوصل إلى حدِّالسب والقذف والتَّحريض على القتل، إنَّها جريمة تشكِّل جنحةً وفقًا للقانون، وما حدث يعتبر خيانةً، نعم إتِّهام المحتجين بأنَّهم مرتشون وزناة هي خيانة للشعب، وأنا لا أحترم رأي هؤلاء، أنا لا أحترم رأي أيَّ إنسانٍ مضلِّلٍ أو كاذبٍ أو منافقٍ.
ما جديدك على المستوى الفني؟
ليس لدي أي جديد في الوقت الراهن، أنا أتابع ما يجري على الصعيد الشعبي والسياسي للإطمئنان إلى الثورة وصدق تنفيذ مطالبها بمنتهى الشَّفافية. ليس لدي من هدف أو عمل سوى الإطمئنان إلى أننا عبرنا بالثورة إلى برِّ الأمان، وأنَه لن يستطيع أيَّ شخصٍ أو جهةٍ أن تغدر بنا، لأنَّ الإنسان إذا لم يشعر بالأمان، ولديه شعور بأنَّ هناك من يتربَّص به ويحاول الغدر به، لن يستطيع التَّركيز في عمله، لذا أدعو الفريق، أحمد شفيق، للإستقالة بناءً على طلب الشعب، وسيكونحدثًا مشرفًا يدوَّن في سجلِّه، وعليه أنّْ يستقيل حتَّى نطمئن إلى مصر، ونستطيع العمل بنفسٍ راضيةٍ وهادئةٍ.
التعليقات