القاهرة: رغم أن الحلقة التي استضاف برنامج quot;بلدنا بالمصريquot; فيها الفريق أحمد شفيق، والدكتور علاء الأسواني، والإعلامي حمدي قنديل، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، ساخنة جداً وعاصفة إلا أن أحد لم يتوقع تكون سبباً في إقالة أو إستقالة حكومة شفيق حسبما أعلن المجلس العسكري في صباح اليوم التالي، لاسيما أنه من طلبها شخصياً، وكان يهدف إلى نزع فتيل المليونية التي كان مقرراً لها يوم الجمعة المقبل للمطالبة بإسقاط حكومته.

كانت سخونة الحلقة التي أمتدت لأكثر من 4 ساعات تتضاهي سخونة الأجواء في مصر التي تشهد ثورة منذ 25 يناير وحتى الآن، فبعد إسقاط رأس النظام الحاكم، ألا وهو الرئيس السابق حسني مبارك، واستمرار الحكومة التي عينها في تسيير أمور البلاد، شعر الثوار أن إنتصار ثورتهم لن يكتمل إلا برحيل حكومة الفريق أحمد شفيق، لاسيما أن الرجل يعتبر التلميذ النجيب للرئيس منذ أن كان الأخير قائداً للقوات الجوية، فعندما سأله الإعلامي عماد أديب ضمن حلقة في الحملة الإعلامية للإنتخابات الرئاسية الماضية في العام 2005، quot;من تراه تلميذاً لك؟quot;. رد مبارك quot;إنه أحمد شفيقquot;. وليس أدل على قرب شفيق من مبارك إلا تعيينه وزيراً للطيران المدني في اليوم نفسه الذي أحيل فيه للتقاعد من القوات الجوية.

ووفقاً لمصدر مسؤول بمجلس الوزراء فإن الدكتور أحمد شفيق كان يعتقد أن بإمكانه إبطال مفعول التظاهرة المليونية التي دعا إليها الثوار يوم الجمعة المقبل من أجل إسقاطه حكومته. وأوضح المصدر لquot;إيلافquot; أن المهندس نجيب ساويرس هو من أشرف شخصياً على الإعداد للحلقة.

وأضاف المصدر أن المكتب الإعلامي حذر رئيس الوزراء المستقيل من مغبة الدخول في مناقشة مع الإعلامي حمدي قنديل، صاحب الشعبية الطاغية، والمعروف بحدته الشديدة في التناول الإعلامي للقضايا العامة، لكن ساويرس تعهد بتلطيف الأجواء، وإعادة دفة الحوار إلى مسارها الصحيح في حالة حدوث سخونة زائدة عن الحد الذي قد يشعر شفيق بالضيق. مشيراً إلى أن أحد لم يتوقع أن يكون الدكتور علاء الأسواني بتلك الحدة التي جعلت شفيق يخرج عن هدوئه ويفقد السيطرة على أعصابه، ويضعه في quot;خانة اليكquot; على حد قول المصدر.

وتابع المصدر قائلاً: خرج الفريق أحمد شفيق من الإستديو غاضباً، وتقريباً لم ينم ليلته، حيث إتصل بالمسؤول عن السكرتارية الخاصة به في مجلس الوزراء في حوالي الساعة الثالثة صباح الخميس، وطلب منه الذهاب إلى مقر الحكومة مبكراً وجمع متعلقاته.

وأشار المصدر إلى أن شفيق حضر إلى مكتبه متأخراً بنحو الساعة، وعقد إجتماع للوزراء في أقل من عشر دقائق أعلن فيها أن الحكومة قدمت إستقالتها، وشكر الجميع على حسن تعاونهم معه، متمنياً لهم التوفيق.

وتوقع المصدر أن يكون شفيق قد أقيل ولم يستقل، منوهاً بأنه لم يعلن أثناء الحلقة عن نيته ترك العمل في القريب العاجل، بل إنه قال إنه ليس هناك موعد محدد لرحيل الحكومة.

وأشار المصدر إلى أن المجلس العسكري كان ينوي الإطاحة بشفيق، خشية تكرار التظاهرة المليونية يوم الجمعة المقبل، ووقوع إحتكاكات بين المتظاهرين أو مندسين بينهم مع قوات الجيش المرابطة في ميدان التحرير، كما حدث الإسبوع الماضي، مما قد ينقص من ثقة المصريين في القوات المسلحة، وتعرضها للإنتقادات من قبل العالم الخارجي، لافتاً إلى أن المجلس العسكري كان يراقب الأمور عن كثب، وشاهد أعضاءه بمن فيهم المشير حسن طنطاوي رئيس المجلس، والفريق سامي عنان رئيس الأركان، حلقة برنامج quot;بلدنا بالمصريquot;، و ساد لديهم إنطباع بإن زمام الأمور قد أفلت من يد الفريق شفيق.

ولفت المصدر إلى أن رجل الأعمال نجيب ساويرس عرض على الفريق أحمد شفيق أثناء الفاصل إنهاء الحقلة عند هذا الحد، لاسيما بعد إحتدام المناقشة مع الأسواني، لكن شفيق رفض، مؤكداً على قدرته على إدارة النقاش بهدوء، لكنه لم يصمد طويلاً أمام استفزاز الأسواني له، خاصة عندما تطرق الحديث إلى التحقيق في مقتل الشهداء على يد قوات الشرطة، وسأله مستنكراً بطء التحقيقات فيها: quot;لو إبنك هو اللي مات كنت هتقعد تحقق شهر؟quot;، وهنا خرج شفيق عن هدوئه وإتهم الأسواني بأنه يرتدي لباس الوطنية لمجرد أنه شارك في مظاهرات ميدان التحرير، وراح يدافع عن نفسه ووطنيته بشكل عصبي جداً.

وعلى صعيد الحقلة التي تسببت في رحيل حكومة شفيق، قال المهندس نجيب ساويرس لـ quot;إيلافquot; إن الهدف من الحلقة والبرنامج عموماً هو محاولة وضع خطوط عريضة لمستقبل مصر، والتقريب بين وجهات نظر الحكومة والثوار. وأضاف أنه يبدو أن هناك مساحات شاسعة بين الجانبين، وكان من الصعب أن يلتقيا على أرضية واحدة في الوقت الراهن، وأشار إلى أن الفريق أحمد شفيق كان غاضباً بعد الحقلة، لكن أحداً لم يتوقع أن يقدم إستقالته في الصباح.