من خلال صفحتها على موقع الـquot;فايسبوكquot;، تحاول الفنانة المصريَّة، رانيا محمود ياسين، الدفاع عن الفنان المصري ضد الإتهامات الَّتي طالته طوال الفترة الماضية، وتقود ما يمكن تسميته بـquot;حملة لتبييض سمعة الفنانينquot;، في مواجهة حملات أخرى تحاول النيل منهم، وتكيل الإتهامات لهم، في ما يخصُّ الأجور الخياليَّة وتدمير تقاليد وأخلاقيَّات المجتمع والخيانة ومعاداة ثورة 25 يناير.


القاهرة: في مقابلة مع quot;إيلافquot;،دعتالفنانة المصريَّة،رانيا محمود ياسين، إلى إلغاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لأنَّه لن يقدِّم أي جديد، ما دامت المشاركة المصريَّة فيه ضعيفة، مشدِّدةً على ضرورة إلغاء مهرجانات المسرح المتعدِّدة والإكتفاء بمهرجان واحد فقط، ودعت مؤيدي الثورة إلى التسامح مع الفنانين الذين أخطأوا في حقِّها، لاسيما أنَّهم قدَّموا إعتذاراتهم عمّا إقترفوه.

يلاحظ أنَّك تعيشين حالةً من النشاط عبر صفحتك على الـquot;فايسبوكquot;، وتقودين حملةً للدفاع عن الفنان المصري، لماذا؟ وهل الفنانون هم بحاجة إلى من يدافع عنهم؟
تعرض الفنان المصري لهجوم كبير في الفترة الأخيرة، و بدأ هذا الهجوم بالحديث عن الأجور الخيالية التي يشاع أنهم يحصلون عليها مقابل مسلسلات أو أفلام سينمائية، وساهمت في ذلك الصحافة التي كانت تتعمّد نشر أرقامٍ مبالغ فيها، على الرغم من أن أجر الفنان هي من أهمّ خصوصيّاته، ولا يجب الحديث عنه في وسائل الإعلام، لاسيما أن الغالبية ممن يكتبون ليس لديهم دراية بالأمر، وهذا ما حاولت توضيحه عبر الغروب على الـquot;فايسبوكquot;، حيث شرحت للجمهور أن المنتج يمنح الفنان أجراً كبيراً، لأنه يحقق مكاسب ضخمة، وأن الفنان لا يحصل على الأجور من خزينة الدولة، وأن الأمر يخضع لمنطق السوق وقانون العرض والطلب، ولو أن المنتج يتكبد خسائر، لما لجأ إلى دفع كل تلك المبالغ إلى أي فنان مهما علت مكانته.

والحق أنني فؤجئت بأن هناك حالة من الغضب والشعور بالإستفزاز لدى الجماهير، لدرجة أن البعض منهم هاجمني، متهماً الفنانين بأنهم يستولون على قوتهم و قوت أولادهم، ويغرفون من جيوب الناس البسطاء ويكونون ثروات ضخمة، ويأتي هذا الهجوم في الوقت الذي كان الفن يتعرّض فيه للتجاهل من قبل النظام السابق.

كيف ذلك والرئيس السابق استقبل وفدًا من الفنانين قبل أشهر قليلة من إسقاط نظام حكمه في 11 فبراير الماضي؟
إنها مرة وحيدة، ولا أذكر أنه فعلها من قبل، لم يكن هناك أي إحتفاء بالفن قبل ثورة 25 يناير، كان النظام السابق لا يميل إلى الفن، باعتباره جزءًا من الثقافة وأنه رسالة سامية، على العكس من إحتفائه بكرة القدم مثلاً، حيث يحصل اللاعبون على أجور ضخمة، ويستقلبهم الرئيس كثيراً ويزورهم في الملعب أثناء التدريبات، وكذلك أبناؤه، ويغدق عليهم الأوسمة والهدايا والمكافآت، مع إعترافي بأهمية دورهم الوطني في إعلاء اسم مصر بين الدول في المباريات الدولية، لكنهم لم يتعرضوا لمثل الهجوم الذي ينال من الفنانين للأمر نفسه، على الرغم من أن أجورهم أعلى، ويحصلون على غالبيتها من خرينة الدولة، وتلك التفرقة ما هي إلا بسبب عدم تقبل النظام السابق للفن كرسالة وطنية.

لكن بعض الفنانين يتعمدون تضخيم أجورهم، ويعلنون عن أرقام مبالغ فيها للترويج لأنفسهم، من أجل الحصول على عقودٍ أعلى في أعمال أخرى؟
لم تكن تلك الظاهرة موجودة في الماضي، لكنها طفت للسطح مع دخول أشخاص ليس لديها موهبة وليس لهم علاقة بالمهنة، بدأوا الترويج لأنفسهم، من خلال نشر أخبار لهم في وسائل الإعلام بالإتفاق مع بعض المنتجين، تزعم أنهم يتقاضون مبالغ معينة، ومع مرور الوقت، بدأ بعض الفنانين يشعر أن ذلك هو السبيل، للتأكيد على نجوميته، وبدأ كل فنان من هذه الفئة quot;يضرب رقمًا كبيرًا حول أجرهquot;، وحدث ذلك تزامناً مع عدم اهتمام النظام بالفن، في مقابل إهتمامه الزائد عن الحد بلاعبي الكرة، الذين يتقاضون أجوراً ضخمة، وأنا هنا لا أحقد عليهم، بل أدعو لهم ربنا يرزقهم ويزيد لهم أكثر وأكثر، ولكنّ أحدًا من الصحافة أو وسائل الإعلام لم يهاجمهم بالطريقة نفسها، لأن هناك من كان يشعر أن اللاعبين مقربون من النظام الحاكم السابق، الذي كان يستخدم شغف المصريين بها ضدهم، لإلهائهم عمّا هو أهم، وأوضحت ذلك للناس على الغروب، ووجهوا لي الشكر، وقالوا إن الصورة صارت واضحة أمامهم الآن، لأنهم لم يكونوا يعلمون أن الأمر عرض وطلب.

ما رأيك في القائمة السوداء للفنانين التي تضم أسماء المسيئين للثورة؟
هذه من القضايا الشائكة التي تعرضت فيها للنقد عندما بدأت في طرحها، فهناك حالة غضب شديدة تجاه هؤلاء الفنانين، لكن بعضهم تعرض للظلم، ووضع اسمه ضمن القائمة من دون أن يكون قد تعرض بالإساءة للثورة، ودعوت الجميع للتسامح معهم، لاسيما أنهم قدموا إعتذاراتهم عمّا بدر منهم، وأكدوا أنهم تعرضوا لعملية خداع، وساهم الإعلام المصري في تضليل الناس، وكان البعض منهم يظن أنه بتأييده للنظام السابق إنما هو يؤيد الإستقرار، نعم البعض أخطأ، ولكن من دون قصد، فقد كان لديهم تقصير في الفهم، فالحدث كان أكبر من إستيعابهم، ولم يكن أحد يتوقع نجاح الثورة على الإطلاق، ينبغي إستيعاب هؤلاء في إطار حرية الرأي والتعبير.

لكن البعض منهم تجاوز حرية الرأي والتعبير إلى تخوين الثوار ووصل الأمر إلى حدّ السبّ والقذف في أعراض الفتيات والنساء اللواتي شاركن في الثورة؟
أتفق معك في الرأي، وهذا لا يجوز إطلاقاً، لكن ينبغي ألا نبادلهم الأمر نفسه، أعني أننا لا يجب أن نتهمهم بالخيانة مثلاً، لأنهم مصريون ويحبون وطنهم أيضاً، وكانت لهم وجهات نظر عبروا عنها بطريقة حادة، ثم إعتذروا عنها، نحن في حاجة إلى لم الشمل وليس الإنقسام والتخوين، لذلك أدعو إلى التسامح مع أصحاب القائمة السوداء.

ما هي القضايا الأخرى التي تمت مناقشتها مع الجمهور؟
ناقشت أيضاً قضية العري والإباحية في السينما باسم quot;الفن الواقعquot;، وهو الأمر الذي أرفضه أنا شخصياً، والحق أن الجماهير ترفض هذه النوعية من الأفلام بشدة ويستوي في ذلك المثقف والأمي والكبير والصغير والشباب والفتيات، وأقول ذلك عن ثقة، وإذا كان البعض يستند في تقديم هذه النوعية من الأعمال إلى الجملة الشهيرة quot;الجمهور عاوز كدهquot;، أقول له: quot;لا الجمهور لا يريد ذلكquot;، وعلينا أن نتعرف إلى احتياجات الجمهور بطريقة أخرى، الجمهور لا يريد العري بحجة أن هذا هو الواقع، الواقعية بريئة منهم.

إذن أنت مع فرض الرقابة على الإبداع الذي يتخطى تقاليد المجتمع ويحاول هدمها؟
أنا أقف في صفّ حرية الرأي والتعبير، وضد الرقابة، لكن ينبغي المحافظة على القيم المجتمعية وعدم العمل على هدمها، نحن مجتمع متدين بمسلميه ومسيحييه، لسنا في هوليوود، لا أرفض طرح القضايا الجريئة للمناقشة في السينما أو التلفزيون، ولكن من دون تجاوز، ولا يصح القول إن quot;الناس عايزة كدهquot;، لأن الناس الذين تحدثت معهم عبر الغروب من فئات وأعمار مختلفة يرفضون ذلك.

ما رؤيتك لرسالة الفن بعد إنتصار ثورة 25 يناير الداعية إلى حرية الرأي والتعبير وإعلاء قيم الشفافية والنزاهة؟
هناك مسؤولية كبيرة على الفن في المرحلة المقبلة، فمثلاً في السينما يجب الإبتعاد عن أفلام التسلية والترفيه، والعودة للأعمال الأدبية والروائية الرائعة، التي تعتبر تاريخاً وتأريخاً للثورة المصرية الرائعة، ومحاولة الكشف عن المواهب وأصحاب الأفكار المبدعة، لابد من إلغاء بدعة تصنيف الممثلين، إلى ممثل سينمائي وتلفزيوني ومسرحي، وأرى أن الكثير من المهرجانات هي من دون قيمة، وأدعو إلى إلغاء مهرجان القاهرة الدولي للسينما في دورته المقبلة، حتى يتم الإستعداد له وإنتاج أفلام تمثل مصر بشكل حقيقي بما يليق بالثورة، ولا يجب أن يتم إفتتاحه من أجل إستضافة الفنانين الأجانب فقط، من دون تمثيل جيد ولافت لمصر، ينبغي توفير آلاف الدولارات التي تنفق عليه إلى حين تقديم أعمال نقول من خلالهاإن مصر صارت بلداً مختلفاً في كل شيء، أقول هذا الكلام وأنا أعلم أني سأتعرض لهجوم، لكنها وجهة نظري، ومن المهم بعد إنتصار الثورة، أن تعود الدولة لرعاية صناعة السينما وإعتبارها إحدى الصناعات الإستراتيجية، وليست صناعة ترفيهية كما ينظر إليها النظام السابق، نحن في اشتياق للأعمال الوطنية وهي نوعية تحتاج إلى تكاليف ضخمة، لا تقدر عليها سوى الدولة.

وماذا عن المسرح الذي كان لمصر تاريخ عريق فيه حيث تعتبر من أولى الدول التي عرفت هذا الفن؟
في إعتقادي أن وزارة الثقافة تقيم العديد من المهرجانات للمسرح سنوياً، وأنا أرى أن أغلبيتها ليس له مردود حقيقي في نهضة المسرح، لذلك أدعو وزير الثقافة لإلغائها، والإكتفاء بمهرجان واحد فقط، ويجب إدراك فن المسرح وإنقاذه، لأنه بالفعل لم يعد له وجود في الوقت الراهن، ولكن مصر بحاجة إليه في المرحلة المقبلة.

وماذا بخصوص الدراما التلفزيونية؟
إنها تعيش حالة من الإنتعاش، ولكنها كانت تقدم قضايا هي في الغالب بعيدة عن الواقع المصري والعربي، لذلك يجب أن تبحث عن الأفكار الجديدة، وتستقطب إليها الكتاب والمخرجين الشباب، مع ضرورة التخلي عن الشللية، وإتباع الموضوعية في إختيار كافة عناصر العمل.

وما هي توقعاتك بالنسبة إلى المسلسلات في رمضان المقبل؟
أتوقع إنخفاض عدد المسلسل إلى أقل من 25% مما تم تقديمه خلالالعام الماضي، وأتمنى ألا يتعرض أي من العاملين في هذا المجال لضائقة مالية، هناك الآلاف من الأسر التي تعيش على تلك الصناعة التي ستعاني حالة ركود تام.

وما هي الأعمال التي ستشاركين فيها في رمضان؟
أشارك في مسلسل quot;وادي الملوكquot;، ولكن لم نبدأ التصوير فيه حتى الآن، ولدي عمل آخر لكني لم أحسم أمري بالنسبة له.