شهد الموسم الدرامي الرمضاني إنتعاشة غير مسبوقة ولكن نظرًا لظروف الثورة، فإن خريطة الدراما في العام 2011، ستشهد إنخفاضًا حادًّا في الإنتاج، ومن المتوقَّع حدوث غزو درامي إيراني وتركي لسوق الدراما العربيَّة.


القاهرة: في العام الماضي،شهد موسم دراما رمضان إنتعاشة غير مسبوقة على الإطلاق، حيث بلغ الإنتاج المصري نحو 63 مسلسلاً، ووصل الإنتاج السوري إلى نحو 27 مسلسلاً، ولكن نظرًا لظروف الثورة، والكساد الإقتصادي، وضعف الإعلانات، فإن خريطة الدراما في العام 2011، ستشهد إنخفاضًا حادًّا في الإنتاج يصل إلى أقل من 25% من إنتاج العام الماضي، ومن المتوقع حدوث غزو درامي إيراني و تركي لسوق الدراما العربية، فيما ستدخل مصر المنافسة بمسلسلات quot;بائتةquot; من العام السابق، وهي الأعمال التي فشل منتجوها في تسويقها، حاولت quot;إيلافquot; رصد ملامح خريطة الدراما في رمضان المقبل.

مسلسلات بائتة
تأت الرياح بما لا تشتهي السفن، هذه العبارة هي الأنسب للتعبير عن حال الفنانين والمنتجين بعد إندلاع الثورات في العالم العربي، فبعد أنتهاء موسم رمضان 2010، الذي شهد ازدهارًا في صناعة الدراما، وإرتفاعًا غير مسبوق في أسعار المسلسلات وأجور الممثلين، وتوقع الجميع استمرار هذا الإزدهار في العام الحالي، لكن خاب ظنهم إذ اشتعلت ثورة 25 يناير، وأطاحت بالنظام الحاكم، وأطاحت بالكثير من الفنانين ممن كانوا نجومًا في سوق الدراما، بسبب إنحيازهم الأعمى لهذا النظام، وبالتالي تغيرت الأحوال، واضطر المنتجون إلى التفكير في إعادة تسويق ما لديهم من أعمال سابقة التجهيز، وعدم الإقدام على إنتاج أية أعمال جديدة، سوى ما تم البدء فيه فعليًا.

ومن تلك الأعمال: مسلسل الجزء الثالث من quot;الداليquot;، بطولة نور الشريف، وسوسن بدر، ووفاء عامر، ودينا فواد ومن تأليف وليد يوسف وإخراج يوسف شرف الدين، حيث لم يتم تسويقه رمضان الماضي، بعد أن رفض التليفزيون شراءه.

quot;فرح العمدةquot; من المسلسلات quot;البائتةquot; التي لم تحظ بفرصة العرض في رمضان 2010، و سيدخل حلبة السباق العام الحالي، وهو بطولة غادة عادل، وآيتن عامر، وصلاح عبد الله، وحسن الرداد، ومن تأليف مصطفي إبراهيم وإخراج أحمد صقر.

وعلى الرغم من أن مسلسل quot;عابد كرمانquot; كان جاهزًا للعرض قبل شهر رمضان الماضي، إلا أن المخابرات المصرية، رفضت السماح بعرضه، بعد أن كانت الشركة المنتجة قد روجت له على أنه قصة حقيقية مستوحاة من ملفاتها، ولكن تم تسوية تلك الأزمة، بحيث تكتب الشركة المنتجة أن المسلسل قصة من وحي الخيال، وهو من بطولة السوري تيم الحسن، والمصرية ريم البارودي، ومن تأليف بشير الديك، وإخراج نادر جلال.

ويدخل مسلسل quot;أنا القدسquot; ضمن قائمة المسلسلات التي سيتم عرضها خلال رمضان المقبل، بعد أن فشل تسويقه العام السابق، وهو من بطولة صبا مبارك، وفاروق الفيشاوي، وعابد فهد، وعبير صبري، ومن تأليف الأخوين باسل وتليد الخطيب، وإخراج باسل الخطيب.

ويأتي مسلسل quot;مكتوب على الجبينquot; ضمن القائمة نفسها وسيعرضخلالرمضان المقبل، وهو بطولة حسين فهمي، والفنانة مي سليم التي تخوض تجربة التمثيل للمرة الأولى، ومن تأليف محمد الخموي، وإخراج حسين عمارة.

غزو تركي إيراني
ووفقاً الكاتب يسري الجندي فأن الدراما ستكون في أزمة شديدة هذا العام بعد أن شهدت إنتعاشة كبيرة في العام الماضي، وأضاف أن العديد من شركات الإنتاج إضطرت إلى تأجيل العديد من الأعمال للعام 2012، وستقتصر المنافسة على المسلسلات المؤجلة وعدد قليل جدًّا من المسلسلات التي تم البدء في تصويرها قبل الثورة، إضافة إلى المسلسلات الإيرانية والتركية التي بدأت في غزو القنوات الفضائية منذ نحو الشهر تقريبًا، حيث تعرض بعض تلك الأعمال الجديدة، مشيرًا إلىأن الأزمة لن تكون كبيرة في سوريا، حيث انتهت العديد من الشركات هناك من تصوير الكثير من المسلسلات قبل إندلاع المظاهرات في مدينة درعا والتي إمتدت لتشمل مدنًا أخرى.

ولفت الجندي إلى أن الخروج من تلك الأزمة يتطلب عدم تكديس الإنتاج ليعرض خلال شهر واحد فقط، بل يجب أن يكون هناك إنتاج على مدار العام، إضافة إلى تخفيض أجور الفنانين، فليس من المعقول حصول البطل على نصف ميزانية المسلسل، مما يؤثر بالسلب على باقي زملائه والكومبارس والمجاميع، وباقي عناصر الإنتاج مثل الديكور والتصوير الخارجي، وأن يتم الإعتماد على الموضوع وليس النجم في تسويق العمل، لاسيما أن غالبية النجوم سقطت شعبيتهم مع سقوط النظام الحاكم، ولن يغفر الشعب لهم وقوفهم ضده لصالح النظام السابق الذي قتل ما يزيد على ألف مواطن، ناهيك عن الفساد الضخم.

واعتبر الجندي أن غزو الدراما التركية والإيرانية للشاشات المصرية يمثل خطرًا كبيرًا على صناعة الدراما، والثقافة العربية، مما يتطلب تكاتف الجميع لعبور تلك الأزمة.

ندرة الإعلانات
ندرة الإعلانات بسبب ضعف الإقتصاد في الوقت الراهن، هي العامل الأساسي وراء لجوء الكثير من المنتجين إلى تأجيل أعمالهم، والإكتفاء بتسويق الأعمال المؤجلة من رمضان الماضي، ولجوء القنوات الفضائية للمسلسلات التركية والإيرانية ـ حسبما يقول طارق نور أكبر منتج إعلاني ـ وأضاف أن ثورة 25 يناير، أدت إلى إحجام الشركات عن تقديم إعلانات عن منتجاتها، لا سيما بعد تعثر السوق، ومن ثم لن تغامر أية قناة فضائية بشراء مسلسلات لعرضها في شهر رمضان المقبل من دون أن يكون لديها إعلانات كافية، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة ملحة لتخفيض أسعار المسلسلات الجديدة، وهذا يتطلب تخيفض جميع عناصر العمل بدءًا من الممثلين والمؤلفين والمخرجين والفنيين، حتى تستطيع القنوات الفضائية شراءها، لأنها لن تغامر أبدًا في ظل تردي سوق الإعلانات، وتوقع نور زيادة في المسلسلات الإيرانية والتركية في شهر رمضان المقبل، تعويضًا عن النقص الحاد في المسلسلات المصرية والسورية، إضافة إلى أن رخص أسعارها سيساهم في جذب القنوات الفضائية إليها، وأشار نور إلى أنه يفكر جديًّا في عدم إطلاق فضائية quot;القاهرة والناسquot; المملوكة له، بسبب ضعف الإعلانات.

أزمة درامية
قناة quot;كايرو دراماquot; ستلجأ إلى شراء مسلسلات تركية وإيرانية وخليجية، إذا ما أصر المنتجون على بيع المسلسلات المصرية بأسعار العام الماضي، على الرغم من أن الفنانين خفضوا أجورهم بنسبة 50%، ويقول طارق عبد العزيز أحد مسؤولي القناة، إن القنوات الفضائية ستعاني من ضعف الإعلانات، ولن تقبل بالتعرض لخسائر فادحة، مشيرًا إلى ضرورة تخفيض أسعار المسلسلات إلى النصف على الأقل، لاسيما بعد أن رفض التليفزيون شراء أية مسلسلات بأسعار خيالية كما حدث العام الماضي، وأضاف عبد العزيز أن القنوات الفضائية الخاصة تسعى للتنسيق فيما بينها للإتفاق على أسعار محددة لشراء المسلسلات، لقطع الطريق على إستغلال المنتجين لها في هذه الظروف الصعبة.

لم تتحدد بعد خريطة الدراما أو أسعار المسلسلات، لكن بات في حكم المؤكد أن الإنتاج سينخفض إلى أقل من الربع، بحيث لن يزيد على 15 مسلسلاً على أكثر تقدير، إنه رأي إبراهيم العقباوي رئيس مجلس إدارة شركة quot;صوت القاهرةquot; التابعة لإتحاد الإذاعة والتلفزيون، حيث قال إن الدراما المصرية تعاني من أزمة حقيقية بعد الثورة، والسبب الأساسي وراء ذلك، يرجع إلى إنخفاض نسبة الإعلانات بدرجة كبيرة، وأضاف أن هناك قرار من إتحاد الإذاعة والتلفزيون بعدم الدخول في شراكة لإنتاج مسلسلات مع شركات إنتاج خاصة، وسيكتفي التلفزيون بعرض المسلسلات التي تعاقد عليها بالفعل أو التي ينتجها الإتحاد، ولن تكون أعدادها كبيرة، وتوقع العقباوي غزو المسلسلات التركية والإيرانية والخليجية للشاشات المصرية في رمضان المقبل.