القاهرة: عادت قضية وفاة الفنانة سعاد حسني في ظروف غامضة لواجهة الأحداث من جديد، للمرة الثانية خلال أقل من شهرين بعد إنتصار الثورة المصرية، وتمكنها من الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير الماضي .

كانت المرة الأولى بعد تنحي مبارك بأيام، حيث أثيرت أقاويل حول تورط أحد أركان النظام السابق في مقتل الفنانة، وأشارت أصابع الإتهام إلى صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق تحديدًا، والذي يعتبر واحدًا من دائرة صنع القرار الضيقة في مصر في عهد النظام البائد، وإنتهى الأمر بتقديم أسرتها بلاغًا للنائب العام يطالب فيه بإعادة فتح التحقيق في قضية وفاتها، وتوجيه الإتهام إلى الشريف.

حالياً، إنتشرت من جديد أقاويل تزعم تورط عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار السابق، بإتحاد الإذاعة والتلفيزيون المصري بالتورط في مقتلها. إنطلقت الأقاويل من جريدة أسبوعية مصرية، نشرت تقريرًا صحافيًا، أوردت فيه أن سعاد حسني إتفقت مع المناوي في العام 1996، إبان إقامتها في العاصمة البريطانية لندن للعلاج على أن يتولى كتابة مذكراتها، وأشارت الجريدة إلى المناوي الذي كان يعمل صحافيًا في ذلك الوقت، أنه قد عقد معها العديد من الجلسات، وانتهى خلالها من تسجيل مذكراتها، وبدلاً من أن يعمل على نشرها في كتاب حسب الإتفاق، سلمها إلى صفوت الشريف الذي كان يشغل منصب وزير الإعلام وقتها.

لكن ما الذي جعل المناوي يسلم مذكراتها سعاد حسني للشريف؟ والإجابة تتلخص في أن الشريف حاول تجنيد سعاد حسني في نهاية الستينيات من القرن الماضي للعمل لصالح الإستخبارات المصرية، التي كانت بصدد إنشاء إدارة جديدة باسم quot;الكنترولquot; مهمتها تجنيد النساء وتحديداً الفنانات؛ للإستخدامهن في العمل المخابراتي، وكان الشريف الشهير بquot;موافيquot; هو الضابط المسؤول عن عمليات الإيقاع بالفنانات.

وورد أن سعاد حسني كشفت عن الكثير من الأسرار عن تلك الفترة، ضمن المذكرات التي سجلها لها المناوي، وسلمها للشريف، الذي أزعجته جداً تلك المذكرات، وقرر التخلص من صاحبتها، ومكافأة المناوي، بمنصب رفيع في وزارة الإعلام، إلا وهو رئيس قطاع الأخبار،على حد قول الصحيفة.

ازدادت حدة تلك الأقاويل في أعقاب إزاحة المناوي من منصب رئيس قطاع الأخبار، على خلفية تغطية أحداث الثورة بشكل سييء جداً، رغم قرب مبني التليفزيون من ميدان التحرير، الذي كان معقلاً للثورة.

quot;كلام أونطة، ومن وحي الخيالquot;، هكذا وصف المؤرخ والناقد الفني طارق الشناوي، وقال لquot;إيلافquot;، إن هناك وقائع تاريخية في الستينيات، وردت ضمن ما يعرف بquot;قضية إنحرافات المخابرات العامةquot;، تشير إلى أن صفوت الشريف حاول تجنيد سعاد حسني للعمل مع المخابرات، لكنه لم ينجح، ولم تعمل سعاد معهم أبداً، وكانت هناك محاولات أخرى لإستقطاب العديد من الفنانات منهن فاتن حمامة، لكنها هربت إلى بيروت. وأضاف: من خلال معرفتي الشخصية بسعاد حسني، أؤكد أنها لم تفكر في كتابة مذكراتها، لأن معنى ذلك أنها ستفضح نفسها، لو كانت لها علاقة أو نشاط ضمن تلك القضية الخطيرة، كما أنها كانت ستفتح على نفسها باب جهنم، في وقت كانت هي في حاجة إلى وقوف الحكومة المصرية إلى جوارها، في محنة مرضها، كما أنها كانت شخصية محترمة جداً، ومن المستحيل، أن تتورط في ما التجريح في الآخرين، حتى ولو كانوا أعداءها، أو أساءوا إليها في وقت ما. وتابع: ما يقال حول تورط المناوي في قتلها غير صحيح، ليس دفاعاً عنه، ولكن دفاعاً عن الحقيقة، وهذا لا ينفي أنه مدان في قضية التغطية السيئة لأحداث الثورة، و لابد من مساءلته، لأنه ارتكب وقائع تعتيم وتشويش إعلامي، وكذب أدت إلى تضليل الكثير من المصريين، وساهمت في سقوط العديد من الشهداء بشكل غير مباشر.

ووصف الشناوي ما يقال حالياً حول تورط مبارك أو أفراد أسرته أو رموز نظامه في العديد من القضايا القديمة، بأنها quot;مبالغات وخيالquot;، مشيراً إلى أنه ليس من المعقول القول إن مبارك كان وراء منع فنانة من دولة عربية من دخول مصر، رغم أن الحقيقة أنها منعت ومازالت، لتورطها في قضية دعارة، وهذا لا ينفي أن عهده اتسم بالفساد، لكن لا ينبغي المبالغة في تحميله مسؤولية كل شيء.

اما عاصم قنديل محامي أسرة سعاد حسني، فقال لquot;إيلافquot;، إن ما يقال يلامس الحقيقة، لكن ليس هناك أدلة مادية أو قرائن تؤكده، مشيراً إلى أن القضية الآن بين أيدي النيابة العامة للتصرف فيها. وحول ما إذا كان سوف يقدم بلاغاً جديداً يطلب فيها ضم الإعلامي عبد اللطيف المناوي إلى لائحة الإتهام، قال قنديل أنه لا ينوي القيام بتلك الخطوة، مبرراً ذلك، بأن ما يتردد حالياً في مصر، يمكن وصفه بأنه quot;مجرد كلام جرائدquot;، لا يمتلك دليلاً عليه. ونوه قنديل الشقيق الأصغر للإعلامي حمدي قنديل، بأن النيابة العامة لم تحدد موعداً حتى الآن، لإعادة فتح التحقيق في القضية، والإستماع إلى أقوال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق في الإتهامات الموجهة إليه بالضلوع في مقتل السندريلا، متوقعاً بأن يحدث ذلك خلال فترة القليلة المقبلة، بعد الإنتهاء من قضية قتل المتظاهرين.

ولأن المناوي يقيم في لندن المدينة نفسها التي شهدت مقتل سعاد حسني، انبرت زوجته الإعلامية رولا خرسا في الدفاع عنه، واتصلت quot;إيلافquot; بها طوال اليومين الماضيين، إلا أن هاتفها كان غير متاحاً، أو مقفلاً، لكنها نفت في مداخلة مع برنامج quot;مانشيتquot; على قناة quot;أون تي فيquot;، تورط زوجها في تلك القضية، وأبدت أندهاشها الشديد من ترديد مثل تلك الشائعات، متسائلة: لماذا يصرون على اتهام زوجى بقتل سعاد حسنى؟ واستطردت: أنا وزوجي تعرفناإلى سعاد حسني أثناء تواجدنا فى لندن من خلال طبيبها المعالج الذى تجمعنى به علاقة صداقة، وقابلتها وعرضت عليها أن أجرى معها حوارا يتم عرضه خلال مهرجان القاهرة السينمائى، الذي كان يترأسه وقتها الفنان حسين فهمى، وهو شاهد على ذلك، ومنذ العام 1996 لم أقابلها لا أنا ولا زوجي كما أننا تركنا لندن قبل وفاتها بفترة، فكيف يتم اتهامه بهذا الاتهام البشع؟! مشيرة إلى أن المناوي بصدد رفع دعوى قضائية ضد من روّجوا لهذا الكلام.

ودافع المناوي عن نفسه في البرنامج ذاته، من خلال اتصالهاتفيّ من لندن، ونفى أن يكون قد شرع في كتابة مذكرات سعاد حسني، مشيراً إلى أنه سوف يقاضي المسؤولين عن إتهامه بالتورط في قتلها.

يذكر أن الفنانة سعاد حسني بدأت إنطلاقتها الفنية في العام 1958 عندما لعبت دورالبطولة في فيلم quot;حسن ونعيمةquot;، وقدمت 91 فيلمًا سينمائياً، من أشهرها: quot;صغيرة على الحبquot;، quot;غروب وشروقquot;، quot;الزوجة الثانيةquot;، quot;خلي بالك من زوزوquot;، quot;أين عقليquot;، quot;شفيقة ومتوليquot;، quot;الكرنكquot;، وكان آخر أفلامها quot;الراعي والنساءquot; في 1991. وقدمت مسلسلاً تلفزيونياً بعنوان quot;هو وهيquot;، وثماني مسلسلات إذاعية. و لقيت سعاد حسني حتفها في 21 يونيو من العام 2001، بعد أن سقطت من بناية شاهقة الإرتفاع بالعاصمة البريطانية لندن، وسجلت أسباب الوفاة على أنها إنتحار، ورفض أصدقاؤها وأقاربها هذا التوصيف وأصروا دوماً على أنها قتلت من خلال إلقائها من شرفة الشقة التي كانت تقيم بها.