الفنانون والمثقفون بعد الإفراج عنهم

دمشق:أفرج أمس عن مجموعة من الفنانين والمثقفين السوريين اللذين تم اعتقالهم يوم الأربعاء الماضي وأثار اعتقالهم الكثير من الجدل في الشارع السوري والإعلام العربي.
وبعد تأسيسهم لصفحة على الفيسبوك سميت (مثقفون لأجل سوريا) وتم الإعلان فيها عن قرارهم الخروج في تظاهرة سلمية من أمام جامع الحسن بمنطقة الميدان الدمشقية وذلك 'للمطالبة بالوقف الفوري والنهائي للحل الأمني بحق المتظاهرين السلميين ومعاقبة المجرمين بحق الشعب محاكمات عادلة، وإيقاف التحريض الإعلامي على الشعب وعلى المثقفين والإعلاميين السوريين، والسماح للإعلام العربي والعالمي بتغطية الأحداث بحرية، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين، ورغبة برص صفوف الشعب والمعارضة للمشاركة في بناء سورية الدولة المدنية الديمقراطية، فوجدوا الأمن في انتظارهم وتم اعتقال 29 فتاة و10 شباب من بينهم الممثلة مي سكاف، ورئيس تحرير مجلة 'شبابلك' إياد شربجي، والممثلان المسرحيان محمد وأحمد ملص ،الكاتبتان ريما فليحان ويم مشهدي والموسيقي رامي العاشق والمخرج نضال حسن، والمصورة ساشا أيوب، والناشطة الحقوقية مجدولين حسن، والممثلة دانا بقدونس، وآخرون...
وأعربت الممثلة السورية مي سكاف عند الإفراج عنها عن خشيتها من الوضع الراهن في بلدها، وذلك بعد أن تمت محاصرتها مع زملائها من قبل من سمتهم quot;بشبيحة الحكومةquot; في إحدى المقاهي، وحمّلت الحكومة المسؤولية الكاملة في حال تعرضت حياتها ومن معها للخطر.
وأكدت سكاف حال خروجها من السجن بأنها محاصرة ومن معها في أحد المقاهي قريباً من القصر العدلي، وأنها متمسكة بشلة من الشباب متعهدة بعدم العودة للبيت إلا حين يتم الإفراج عن بقية المعتقلين، وتم لها ذلك.
وعن ظروف اعتقالها، أكدت مي سكاف أنها تستنكر الطريقة المهينة التي تعامل بها أعوان الأمن مع المعتقلين بالإهانات النفسية وسيل الشتائم لهم.
وتحدث الأخوة ملص لـquot;إيلافquot; عن يوم اعتقالهم وقالوا quot; تجمع المثقفين بدأ مبكراً بترديد النشيد السوري الوطني ثم انطلقت الهتافات 'الله سوريا حرية وبس' و'واحد واحد واحد الشعب السوري واحد'، وعرفنا منذ خروجنا إن هناك مسيرة تأييد في ذات المكان ونحن كنا بحالة مظاهرة سلمية فتم اعتقالنا وضربنا وأما الذين خرجوا للتأييد تم تركهم رغم إن عدد من الشبان الصغار هاجموا الفنانين ،واليوم عند خروجنا من القصر العدلي قالوا لنا لا يجوز التظاهر دون ترخيص وبالمقابل وراء المبنى وأمام أعينهم كان هناك العشرات خرجوا بمسيرة دون رخصة وانتهت القصة بتهريبنا من الباب الخلفي للقصر كي لا يهاجمونناquot;
وعبر عدد من المثقفين والدراميين في سوريا عن التضامن مع هؤلاء الذين أفرج عنهم، وتحدث فنان الكاريكاتير علي فرزات لـquot;إيلافquot; بأن الفنانين هم جزء من الشارع ، وقد أضافوا الألق والإشراق للمظاهرات السلمية التي تنزل بشكل يومي، وإنهم سحبوا البساط من تحت أرجل الشبيحة الذين كانوا يتهمون الشارع بالبساطة وبنظرة فوقية ومتعالية دون أن يعرفوا إن البسطاء هم خميرة الوطن وتبنى الأوطان على أكتافهم ، مضيفاً بأن المثقفين من أطباء ومهندسين تواجدوا منذ اليوم الأول مع كل من خرج بشكل سلمي، وأرادوا في هذه المرة الخروج عن المألوف بتواجدهم لنسف روايات التخريب، تاركين للنظام مثقفيهم وأبواقهم الذين لا يجيدون سوى الرقص والدبكة في الساحات العامة ومن المنابر الحكومية يغنون الأغاني التي انقرضت بتمجيد الأشخاص ،موجهاً التحية للمثقفين الذين تم الإفراج عنهم ووصفهم بمثقفي الأرض والشمس ومثقفي الحرية.
وعلق المخرج ثائر موسى على اعتقال المثقفين بالقول ( لامخربين في المعهد العالي للفنون المسرحية ) وأضاف quot;هاهي غيفارا نمر، أيضا أحد طالباتي السابقات في المعهد، تعتقل مع جملة المثقفين الذين تم اعتقالهم في مظاهرة حي الميدان.. كذلك فإن كاتبة السيناريو يم مشهدي من خريجات المعهد... ماذا يحدث؟؟؟!!! هل فقدوا عقولهم أولئك الذين اعتقلوا الفنانة الموهوبة مي سكاف؟؟؟!!! هل إن مي مخربة أم سلفية؟؟؟!!! هل من عاقل يجيبني؟؟؟ وماذا عن الصحفي إياد شربجي، والمخرج السينمائي نضال حسن، والأخوين ملص؟؟؟ وكذلك دانا بقدونس وباسل شحادة... لم تصلنا كل الأسماء بعد، لكني أجزم أن كل هؤلاء المثقفين على تنوعهم كانوا سلميين في تظاهرهم، وحين إرتفع صوتهم كان بالنشيد الوطني الغالي على قلب كل سوري، فماهي عقوبة هذه الجريمة؟؟؟quot;
وأكد السيناريست والكاتب عدنان عودة على إنه وبعض المثقفين كانوا قد عبروا عن موقفهم مبكراً منذ أول يوم أمام الجامع الأموي وبغض النظر عن بعض الأسماء التي يكن لها الاحترام والتي وقفت بطرف الموالي للسلطة من وجهة نظر حرية التعبير، مشيراً إلى أنه آن الأوان ليصبح المجتمع السوري مجتمع تعددي ديمقراطي له وجهات نظر مختلفة.
وأشار إلى أنه كان من المدعوين لتجمع المثقفين واللقاء أمام جامع الحسن ولم يذهب لظرف شخصي طارئ منعه من النزول ،مؤكداً بأنه يؤيد التظاهر السلمي وأنه ضد الاعتقالات التعسفية كونه مع جمهورية سورية ديمقراطية متعددة وأنه مع التغيير السلمي الذي ينقل البلد من حكم الفرد والحزب الواحد إلى الحالة الديمقراطية، لافتاً في الوقت نفسه بأن المجتمع السوري لم يعتد الديمقراطية وتوجد أخطاء من طرف الموالاة وبعض المعارضين عن كيفية ممارسة الحق في التعبير نتيجة الثبات الذي اعتادوا عليه على مدى أربعين عاماً ،مشيراً بأن التاريخ يسير إلى الأمام وسورية تتجه نحو التعددية والديمقراطية مطالباً المواليين أن يكونوا أعضاء فاعلين في سورية المستقبل والبعد عن الممارسات الغوغائية والمتخلفة حتى لو كان 10% فقط من السوريين يريدون التغيير يجب احترام حقهم بفرض نفسه على المشهد السياسي والاجتماعي السوري كونه يساعد على الانتقال من مرحلة نعتقد إنها كانت سيئة إلى مرحلة أفضل.
وفي يوم ميلاد أبنه في سنته الثانية أكد عودة بأنه ببساطة لا يريد لطفله أن يعيش حياته محروماً من الحرية وطالب المواليين باحترام الحراك الشعبي لأنه لولا هذا الحراك لما تحسنت معيشتهم اليومية بانخفاض سعر المازوت مثلاً.
وأشار المخرج محمد عبد العزيز عن رفضه لسياسة الاعتقال التعسفي بالأساس مؤكداً بأنه عندما استقبل الفنانة مي سكاف وأصدقائها من باب المحكمة اضطروا اللجوء إلى مقهى قريب من المحكمة عندما تم مهاجمتهم من قبل بعض الناس، معتبراً بأن ما حصل لم يكن جديداً ولم يكن مستغرباً لأن الحزب الحاكم طيلة نصف قرن لم يحاور نفسه ولم يتعود على أن يحاور الآخرين ولم يترك لهم فسحة التعبير عن نفسهم، لافتاً إلى أنهم تعودوا على كتم أي صوت مختلف.
وأكد عبد العزيز بأن الهدف الأساسي لهذه التظاهرة كان التأكيد انتمائنا نحن المثقفين إلى جماهير الشعب، ومشاركتنا في الحراك الشعبي المطالب بالحرية والعدالة والمساواة.
وقال الصديق وسام كنعان مراسل جريدة الأخبار اللبنانية بأنه عاين الحالة على الأرض منذ اللحظة الأولى وبغض النظر سواء قام بالاحتجاج أناس مثقفين أم ناس عاديين فأن الحل الأمني أجهض على كل ما تبقى من أمال لخروج سوريا من الأزمة ،وعند الحديث عن المثقف بشكل خاص فهو جزء من الشارع ولكنهم يمتازون بدرجة من الحساسية العالية بالتعاطي مع الأمور، مؤكداً بأنه لم يستطع النوم في ليلة اعتقال زملائه وأصدقائه لمشاهدته لطريقة القمع السادية ،مشيراً بأنه كان بالإمكان حل الموضوع بالحوار مثلاً كأن يسمح لهم بالتظاهر خاصةً وأن المثقف ليس بالشخص المخرب وسيحافظ على الممتلكات العامة، ثم يرسل شخص من النظام ليتحاور معهم ،معتبراً بأنهم لم يتجاوزوا القانون بحجة التظاهر دون ترخيص كونه على علم بشخص قدم طلباً نظامياً للسماح بمظاهرة تم احتجازه لمدة ثلاثة أيام لأسباب غير مفهومة.