رأى الفنان العراقي، مرتضى سعدي، أنَّ واقع الدراما العراقيَّة لا يلبي متطلبات الممثل خصوصًا أن المخرج يشعر بنقصٍ أمامه والمنتج يحتقره.


بغداد: انتقد الفنان مرتضى سعدي واقع الدراما العراقية مبديًا عدم حماسه للعمل دائمًا ومكتفيًا بعمل واحد كل سنة ينتقيه ليجدد به ديمومته الفنية، وقال ان السبب في قلة مشاركتي في الاعمال العراقية هو قلة احترام اصحاب الشأن المنتج او المخرج للفنان العراقي، وفي نظرة الاحتقار للممثل العراقي، عازيًا ذلك الى عقدة النقص عند المنتجين او المخرجين احيانًا، مشيرًا الى ان الشهرة في العراق كذابة وليس هناك من فنان حصل على شهرة حقيقية سوى كاظم الساهر.

ما جديدك ام ما زلت في اختباء ؟
اخر اعمالي التلفزيونية مسلسل (حفر الباطن) تأليف احمد سعداوي واخراج مهدي طالب، انتاج قناة العراقية، المسلسل يتحدث عما بعد حرب الكويت بعد هزيمة الجيش العراقي عام 1991، انا اجسد شخصية ضابط (الملازم جبار) شخصية عراقية وطنية، عسكري حقيقي لا يتنازل عن مبادئه العسكرية ابدًا، رجل ملتزم مع الوطن بعيدًا عن التزامه بالرمز والشخصية المسلطة على الجيش او الدولة، هذا الضابط وبعد الانهزام الكبير الذي حدث للجيش العراقي في حرب الخليج الثانية 1991 ومن ثم الانتفاضة الشعبية التي بدأت من البصرة، ومن ثم انهيار الجيش العراقي يبقى في الجبهة، هو الشخص الوحيد الذي كان يعتقد ان الانهزام الحقيقي هو انهزام النفس والارادة والوطن داخل بنية الانسان، فكانت هذه احد همومه الكبيرة التي كان يشاكس بها ضباط كبار في المسلسل، فتوجهاته كبيرة اثناء قيادته في الحرب فيكون في المقدمة ويوجه الجنود، وكل هذا كان يؤمن انه لحماية الوطن.

بماذا تميزت الشخصية ؟
الشخصية فيها حالة مركبة فدخل في ضياع من ضمن الضياع الكبير لحفر الباطن، فنرى هذه الشخصية بعد الانسحاب العسكري والهزيمة ضائعة في الصحراء ونرى تحولاً في شخصيته، فمرة نراهقائدًا عسكريًا جميلاً كما هو الانطباع السائد عن الضابط،حيث يكون حليق الذقن، ولكننا نراه فيما بعد شخصية متعبة وهزيلة امتلكت من ملامح الحرب والجوع والعطش ونراه من خلال ملامحه التي بدت شعثة الشعر وقد اطلق لحيته، وحين يجد نفسه محاصرًا تقبل على نفسه ان ينهزم داخليًا فينتحر في الاخير.

اين كانت الصعوبات في تجسيد الشخصية هذه ؟
الصعوبات تجلت في التحول من منطقة مستقرة الى منطقة فوضوية عبثية، لذلك عليّ كممثل ان اجد ادواتي وان اكون قبلها صاحب مشاهدة وقراءة لمثل هذه الشخصية، فمن المؤكد الشعور احيانًا بتلاشي منطقة الصعوبة ومنطقة السهولة في الاداء، ولكن المهم ان يكون هناك تحضير للاداء وان تكون هناك توقعات لما تريد ان تفعله كممثل.

اين القيمة الفنية لمسلسل مثل هذا ؟
قيمتها الفنية في كونها وثائقية، اعتقد ان هذا العمل هو وثيقة تاريخية للعراق لان الشعب العراقي والدولة العراقية الحقيقية قد ظلما في تلك الفترة، فأنا اعتقد أن هذا العمل اعطى وثيقة حقيقية ستبقى ملازمة لنا ولمعرفة الاخر ايضًا، لا سيما خلال المدة من عام 1990 حيث عاش شعبنا بظلامية كبيرة من خلال الاعلام العربي وحتى الاعلام الداخلي والتسلط السياسي من خلال الحزب الواحد، في المسلسل ستوضح الكثير من النقاط، من هو الثوري ومن هو الانسان العراقي الحقيقي ومن كان ضد السلطة وضد توجهات القائد الضرورة.

اليس في النص شيء من المبالغة ؟
النص مكتوب بحيادية تامة بالاعتماد على مصادر دقيقة وحقيقية، من دون مبالغات ولا انحياز، لان الاحداث حقيقية والاشخاص حقيقيون، وقد مثل العمل بشخصيات حقيقية في الجنوب.

ما سر غيابك الواضح عن الاعمال الفنية ؟
بعد تجربتي السينمائية في ايران، حيث اشتغلت فيلمين، الاول quot;سكوتquot;، اخراج محمد راضا راهنج، واعتبره من الاعمال المهمة، والاخر quot;لحظة توقف الزمنquot;، اضافة الى مسلسل quot;لا تبكي يا وطنيquot;، وفي الحقيقة ان الذي يشاهد التجربة الخارجية، اي ان تعمل كممثل اجنبي داخل دولة مجاورة او قارة اخرى يشعر بالفرق الكبير، ايران تمثل واجهة السينما في الشرق الاوسط وهناك سينما محترفة وتلفزيون محترف وهناك اناس محترفون، انا شاهدت الاحتراف في ايران وجدت ان الناس هناك مختلفون، قضية الانتاج والاحترام والتقدير للممثل والتعامل الممتاز بين المخرج والممثل نحن في العراق لا يوجد مخرج يحب ممثلاً، وهذه مشكلة كبيرة، فالمخرج يشعر بالنقص امام الممثل والمنتج يستصغر الممثل العراقي ويبخسه حقه فلا يعطيه اجره المناسب، فهم يضعوننا في دوامة العوز والحاجة اليهم، لا يوجد احد الى حد الان نظر الى الفنان العراقي نظرة منصفة، بينما في الدول المجاورة الممثل تحسب له الاجور وفق المشهد لذلك هم يعطونه على المشهد الواحد ما يعطى للممثل العراقي لاكثر من حلقة، بينما حين عملت في ايران كانت التجربة ماديًا مما يحترم ناهيك عن التجربة الفنية التي اعتبرها من اهم التجارب في حياتي بحيث غيرت حتى من نمط ادائي كممثل .

هل ما قلته فعلاً هو السبب ام ثمة سبب اخر ؟
اقسم .. ان السبب في قلة مشاركتي في الاعمال العراقية هو قلة احترام اصحاب الشأن المنتج او المخرج للفنان العراقي، وفي نظرة الاحتقار للممثل العراقي، وسلبه ابسط حقوقه، انا عملت في المسلسل الايراني بأجر خمسة مسلسلات في العراق، حيث ان ديمومة الفنان بالفن من خلال وجود مصدر مالي جيد يعزز اناقته ومأكله وظهوره في وسائل الاعلام .

هل ديمومتك بالاختفاء وقلة الاعمال ؟
ديمومتي بالانتقاء الذي اعده مهمًا للفنان،فالاستهلاك للممثلين ليس في صالحهم مستقبلاً، ما فائدة ان اعمل في خمسة اعمال في السنة وليس هناك عمل له تأثير داخل المجتمع، انا اعتقد نحن الان في وضع استثنائي تمامًا، حتى في اعمالنا التي هي انفعالية، نحن نحتاج الى عشر سنوات كي نهدأ ويهدأ الكتاب ليكتبوا المفيد والجميل والمغاير.

الا تهمك الشهرة التي يبحث عنها الكثيرون ؟
قد يكون هناك عمل واحد مؤثر افضل من عشرة اعمال غير مؤثرة، الشهرة في العراق كاذبة، الفنان الحقيقي الذي انجز شهرته هو كاظم الساهر فقط، الذي اوصل صوته الى الغرب حتى، وانا اعتبر هذه هي الشهرة حقيقيةنحن هنا شهرتنا شهرة كذابة، انا اعرف ان النجومية هي نجومية وعي وثقافة كاملة ونجومية الظهور غير المستهلك، النجومية الحقيقية هي ان الفنان حين ينزل الى الشارع تجتمع الناس حوله، ان يعرفه جميع فئات المجتمع، اعتقد ان الكثير من الشباب الباحثين عن الشهرة والذين يمثلون في كل الاعمال ضائعون في الشوارع ولا ينتبه اليهم احد.