أكد الفنانون العراقيون بشكل خاص والمثقفون بشكل عام تضامنهم مع الفنان عادل إمام في المحنة الجديدة التي يتعرض لها بعد أن أصدرت محكمة مصرية حكماً عليه بالسجن لثلاثة أشهر بتهمة إزدراء الاديان، قبل أن تعود محكمة أخرى وترفض الدعوى، علماً أن هناك قضايا اخرى مرفوعة ضده في نفس الإطار لم يفصل فيها بعد، وأشاروا الى ان هذه الخطوة التي بدأت بعادل امام ستتبعها خطوات اخرى تؤدي الى زيادة المشاكل في مصر لاسيما مع الطبقة المثقفة .


بغداد:أعرب الفنانون العرافيون عن استنكارهم لسياسة الترهيب التي اعلنتها الاحزاب الاسلامية في مصر والتي ترفض الرأي الاخر ، مؤكدين ان ما حدث لإمام هو تدمير لكل ما حققه المصريون عبر تاريخهم الطويل ، وقتل لما طالب به الشباب المصري الذي انتفض مؤخراً لا سترداد حريته ، موضحين ان تهمة ازدراء الاديان التي نالت من امام هي الخطوة الاولى لتهم اخرى تتضمن ازدراءات عديدة تطال الفن والثقافة في مصر .

فقد قال الفنان حمودي الحارثي : اعتقد ان الحكم الذي صدر ضد فنان الشعب المصري بل فنان العرب جميعا عادل امام الفنان الذي اصبح اسمه على كل لسان من صعيد مصر الى الوجه البحري ، لا اعرف كيف سمح القضاء ان يصدر عقوبة بحق هذا الرجل لانه عبر عن رأيه أو قدم عملاً فنياً انتقد فيه السلبيات ، ومهما يكن ما قدمه هذا الفنان فيجب ان يحترم وان يدافع عنه الفنانون لان هذا الحكم ليس ضد عادل امام بل ضد كل فنان مصري قدم فناً جميلاً اسعد به الجمهور ، كيف تسمح هذه المحكمة اصدار هذا القرار المجحف ؟ الذي ان دل على شيء فأنه يدل على انه خطوة الى الوراء في مصر ، فكل ما بنته مصر من زمن الفراعنة ومروراً بالاسلام الى زمن السادات، وحسني مبارك سيكون في خطر ، فهناك على الدوام هامش كبير من الحرية، فكيف يسمح الشعب المصري الذي تظاهر لنيل حريته ان تكمم الافواه وتصادر الاراء ، أليس الربيع العربي المصري كان لاسقاط الدكتاتورية والتسلط والبحث عن الحرية ، انا اتمنى ان يتظاهر الشعب المصري ضد الحكم الصادر ضد عادل امام لانه ليس مجرماً بل انه كان فناناً حراً تناول مشاكل الشعب ، فالفن هو مرآة الحياة والفن هو للانسانية وعادل امام احد صفوة الفن فيجب ان يحترم هذا الرجل ويجب ان تقدم المحكمة اعتذاراً للفنان كي يستطيع ان يغرد مجدداً.

عودة الى عصور محاكم التفتيش
أما الكاتب والروائي أحمد سعداوي فقال : ادانة الفنان الكبير عادل امام واتهامه بازدراء الدين الاسلامي في اعماله الفنية هو اخر ما كان يتوقعه المراقب من نتائج لثورة نادت بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وهي عودة الى عصور محاكم التفتيش، حيث يتحول (الرأي) الى تهمة، وتتحول القراءات المختلفة للظاهرة الدينية وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية الى جرائم، وهذا كله يصب في صالح وجهة نظر محددة ترفض النقاش وترهب الآخرين بسيف القانون مرة وبالاعتداء على النفس والجسد كما حصل مع فرج فودة قبلها، ونجيب محفوظ، واخرين في مصر، ويحصل كثيراً في بقاع اخرى من عالمنا العربي المبتلى بالتطرف الديني.

وأضاف : قضاء عادل امام ثلاثة اشهر وراء قضبان السجن كضريبة على أعماله الفنية ربما هو شرف في هذا الزمن البائس، ولكن الرسالة الابعد تتخطى الحكم على هذا الفنان لتضع حدوداً من الارهاب والتخويف امام الفن والثقافة بقطاعاتها المختلفة، واذا رضخ الفنانون والمثقفون لهذه الوسائل والاساليب المنافية لروح الحرية والديمقراطية، فهذا يعني (البشارة) بعصر مظلم جديد في قلب العالم العربي.

محاولة ستأتي بنتائج عكسية ضد التيار الإسلامي
وقال الفنان راسم منصور : هذه محاولة لجس النبض من قبل الإسلاميين في مصر وإبتدأت بنجم كبير مثل عادل امام لايصال رسالة للشارع المصري قبل الوسط الفني ولكنها محاولة بكل تأكيد ستأتي بنتائج عكسية بسبب رصانة الوسط الثقافي والفني المصري المصريون شعب يحترم مبدعيه.. وعادل امام بعد هذا الحكم او بعد هذه القضية عاد الى الواجهة بقوة كبيرة .. فجميع المؤسسات والمنظمات والقطاعات الفنية والثقافية في مصر ساندته وبقوة بأختصار الشعب المصري يعرف قيمة ومعنى ان تكون فناناً، الثقافة والفنون جزء من تأسيس المجتمع المصري .. انهم يعتبرون الفنان اعلى قيمة من السلطة وهذا مالم ينتبه له الأسلامييون في مصر ، انا اعتقد ان عادل امام بالنسبة للمصريين جميعا قيمة عليا ، لهذا لن تؤثر عليه هكذا قضية.. انت تتحدث عن بلد فيه اكثر من مائتي دار عرض سينمائي في العاصمة فقط والاف دور العرض في مختلف المحافظات، انت تتحدث عن بلد يحلم رب الاسرة فيه ان يكون ابنه او بنته فناناً سواء ممثل او مخرج ، انت تتحدث عن مجتمع يعتقد ان السينما جزء من سلوكه الاجتماعي والسينما في مصر تاريخها يضاهي تاريخ الدول العربية وتأسيسها جميعاً ، والأسلاميون بسبب تخلفهم الحضاري منحوا عادل امام شعبية اكبر مما كان عليها قبل الثورة لكن من الناحية الإعلامية اثرت هذه القضية على شعبية الأسلامين واحزابهم داخل المجتمع المصري بدليل ان الاخوان المسلمين خسروا انتخابات الجامعات في القاهرة وانتخابات الاتحادات ، فالتيار الليبرالي في مصر استثمر القضية وهاهو يحقق جزء مما فقده بعد الثورة ، لقد رد الفنانون المسرحيون والسينمائيون المصريون على القضية بأساليب حضارية كبيرة فقد كرم مهرجان المسرح العالمي في اكاديمية الفنون الجميلة عادل امام وكرمه عدد من المؤسسات الفنية كنوع من الرد والتضامن معه وكأشارة الى رفض محاكمة الابداع ..... فالقضية مختلفة في مصر

الحكم صدمة لكل الشعوب التواقة الى الحرية
اما الكاتب والصحفي جمال المظفر فقال :يمثل الحكم الذي صدر ضد عادل امام مؤخراً والذي يقضي بسجنه لمدة ثلاثة اشهر صدمة كبيرة لكل الشعوب التواقة الى الحرية ، فبدلا من اتجاه الشعوب الى الحرية بعد التخلص من الانظمة الدكتاتوريه وقعت في شرك التيارات الدينية المتطرفة التي تريد ان تخضع كل شئ الى نظام الفتوى والرجوع الى عصر ماقبل النهضة ، والمشكلة الكبرى ان القضاء بات يحكم على من يتهم بالنقد الى التنظيمات الدينية بأثر رجعي ، وهو ماحصل لعادل امام ..

واضاف: الثورات العربية انتجت خريفاً لاربيعا ًيمثل شرعنة الفتاوى واستعلائها على السلطات الثلاث وبذلك ستبقى تلك السلطات ضعيفة امام رجال الدين وفتاواهم ، وستصبح الشعوب اسيرة الشرعنة الدينيه لاسلطة القضاء ..، مع الربيع العربي ستتراجع الحريات وستصادر ، يمنع كل شئ لايناسب مفاهيم الاسلام ، ربما يحرم الجمع بين الجنسين ولبس البنطلونات والماكياج وقيادة المرأة للسيارة وغيرها من الفتاوى الفنطازية ، التيارات الدينية صادرت الثورات العربية تحت باب المظلومية وكأن لااحد ظلم في زمن تلك الانظمة غير التيارات الاسلامية بينما الكثير من المعارضين كانوا من العلمانيين .

بداية ساذجة للإسلاميين في التعامل مع الفن والثقافة
وقال المخرج قاسم زيدان : اعتقد ان الاسلاميين عندما جاءوا للحكم في مصر بهذا الفعل فأنهم بدأوا بداية ساذجة في التعامل مع الفن والثقافة بل بالتعامل مع الحياة المصرية ، فالمشروع الحديث في مصر يجب ان يقوم على بناء دولة حديثة بعيدة عن الدكتاتورية ، دولة فيها تسامح بين الاديان ، دولة قائمة على رفض العنف، لذلك اعتقد عندما تعرض الاسلاميين لمحور الثقافة في بداية وصولهم للحكم سيحدثون شرخاً كبيراً بينهم وبين الناس ، سواء على مستوى مصر او الوطن العربي، وبالتأكيد سيلاقي هذا القرار معارضة كبيرة سواء في مصر من النخبة المثقفة او النخبة السياسية ، واعتقد ان هذا سيخلق مشاكل كثيرة داخل المجتمع المصري ، الان بدأوا بعادل امام ومستقبلا سيذهبون الى مفاصل الحياة المصرية التي نعرفها جميعا ، هناك حياة مصرية قائمة على الليبرالية وعلى الانفتاح ، مصر لايمكن ان تكون الا بثقافة الانفتاح ، ان تأتي مجموعة حاكمة وتحارب هذا الانفتاح فبالتأكيد ستموت مصر ، ستموت الثقافة فيها ويموت الفن ويموت الشعر والغناء ، اعتقد ان هذا الفعل ستتبعه افعال كثيرة ليست مع المثقفين وانما تدخل في صلب الحياة المصرية التي تمتلك خصوصية كبيرة .
واضاف : لا يمكن ان نستوعب مصر بدون الغناء ، وبدون الرقص والسينما وبدون الانفتاح على الثقافات العديدة ، الخطاب الديني وتحديداً المتطرف اعتقد ان هذا الحكم ضد امام هي بداية موته في المنطقة العربية وفي مصر تحديداً لان الفعل الذي تم فعل ساذج لا يستند الى ابسط معايير الحرية او حرية الرأي وسيخلق اشكالات كثيرة للنخبة السياسية الموجودة حالياً، وانا كمثقف عراقي ادين هذا الفعل ونتمنى ان نقف ضده بشكل او اخر سواء في مصر او العراق ، فالثقافة لا تقوم الا بالحرية والا ان تكون لها اجنحة دائمة الطيران وخلاف ذلك سيحصل رد فعل شعبي معارض .

هذه تصرفات مرفوضة في أي بلد عربي
وقال الفنان اسعد مشاي : اعتقد ان الطريقة التي اتخذت مع عادل امام طريقة غير صحيحة واتمنى على من اصدر الحكم ان يفحص القضية بشكل دقيق ويتراجع عنه لانه يسيء الى مصر والى مثقفي وفناني مصر ، اعتقد ان ما قدمه عادل امام هي وجهات نظر وان كنت لا اعتقد ان من اصدر الحكم كان صائبا ، ثم انهم يسمون النظام السابق دكتاتوريا ، ولكنها كانت تنصف المثقف حين كانت للفنان ان يقول رأيه ومعنى هذا انني سأنتمي لهكذا دكتاتورية ، عادل امام قدم نقدا للسلوكيات الخاطئة وانتقد بعض الحالات وكان يقف ضد المشهد الدموي والعنيف وهذا هو واجب الفنان .
واضاف : اننا نرفض هذه التصرفات في اي بلد عربي كانت ، وليست في مصر التي عرفناها بفنها وبمطربيها العمالقة ، عرفنا مصر بالمشهد الثقافي وليس السياسي ، نحن ضد قرار الحكم واتمنى من المحكمة ان تتراجع واعتقد ان ما بعد عادل امام ستحدث مطبات قوية ، وانا كعراقي مستعد ان اخرج بتظاهرات مع زملائي العراقي تضامنا مع الاخ عادل امام .