في السيرة الذاتية "واستقرت بها النوى"، يروي الكاتب السعودي حمزة المزيني جوانب عدة من سيرته الشخصية، من دون أن يقطعها عن السياق العام لتأريخ بدايات النهضة السعودية.

إيلاف من الرياض: صدر في نهاية 2019 سيرة ذاتية بعنوان "واستقرت بها النوى" (576 صفحة، دار مدارك، ) للكاتب السعودي حمزة بن قبلان المزينى، أستاذ اللسانيات السعودي، وكان متوقعًا حضورها في معرض الكتاب الدولي في الرياض لولا جائحة كورونا.

يسرد المزيني سيرته الذاتية، ويستعرض العديد من الحوادث والقضايا والمحطات التي مر بها منذ ولادته على جانبي وادي عقيق، مرورًا بدراسته في المدينة المنورة فالرياض في أثناء دراسته الجامعية ثم بريطانيا فأميركا، كما يستعرض مسيرته العملية من خلال جامعة الملك سعود، ومسيرته الإعلامية ككاتب صحفي صاحب مقالات حركت المياه الراكدة وتطرقت للعديد من الثوابت التي لم يجرؤ أحد على الإقتراب منها.

نتاج صدفٍ
على غلاف الكتاب، كتب: "المؤكد أنى كغيرى من بنى البشر، لم أخطط بوعى لما مررت به من تجارب فى حياتى لا سيما فى الفترات التكوينية الأولى، فالبشر نتاج صدف تمليها الظروف التى نشأوا فيها وتحيط بهم وتدفعهم إلى اتجاه بدلًا من اتجاه آخر، فنحن لم نختر المكان الذى ولدنا فيه، مثلًا، ولم نختر العصر الذى عشنا فيه، ولم نختر الوالدين اللذين أنجبانا، إضافة إلى العوامل الأخرى كلها التى تؤثر فى حياتنا وتوجهها لأن تأتى على شكل بدلًا من شكل آخر. أما ما يبدو لنا، حين نستعرضه فى وقت ثان، كانه تخطيط واع تظهر فيه تجاربنا كأنها نتائج تترتب على مقدمات صريحة محددة فصورة مضللة تعرضها الذاكرة على مقدمات صريحة محددة فصورة مضللة تعرضها الذاكرة على الأحداث التى تمر بالفرد حين يحاول اكتشاف المنطق وراءها".

في الكتاب عناوين عديدة متسلسلة، متصلة بحوادث تاريخة، يسردها المزيني بلغة سهلة وبتفصيل للعديد من الأشياء ربما يراه البعض مبالغًا فيه. لكن الكاتب بين سبب فعله هذا في أوائل الصفحات إذ كتب: "ربما يرى البعض أن إيرادي هذه التفصيلات والمصطلحات التي كانت تستخدم في تسميتها يدخل في الوصف الإنثروبولجي الغير مفيد. أما أنا فيبدو لي أن إيرادها جزء من التوثيق اللغوي والمادي الضروري الذي يلقي ضوءًا على البيئة التي تكونت فيها. وربما يمثل تسجيلي لها المحاولة الأخيرة لتدوينها قبل أن تختفي من الذاكرة الجمعية والفردية إلى الأبد".

بدايات النهضة في السعودية
تطرق كتاب "واستقرت بها النوى" إلى بدايات النهضة في السعودية وبدايات التعليم النظامي والعمل المؤسساتي الحكومي. فهذه السيرة الذاتية ليست مجرد تأريخ لحياة إنسان، بل هي أيضًا تأريخ لمجتمع كامل بكل قضاياه المحلية أو حتى تعاطيه مع القضايا السياسية كحربي 1967 و1973، ومقتل الملك فيصل، واتفاقية كامب ديفيد، وحادثة جهيمان، وغزو صدام حسين للكويت.

كذلك يمثل الكتاب سردًا لعلاقة المزيني بأسرته ووالدته وأخوانه وأقاربه وطرائق عيشهم والمصاعب التي عانوها في ذلك الوقت. ويحسب للمزيني كذلك أنه كتب عن الحياة في المدينة المنورة بعيدًا عن المسجد النبوي، فكتب عن العلاقة بين حاضرة المدينة وما حولها بشكل تفصيلي ودقيق.

بحسب كثيرين قرأوا الكتاب، لفتت انتباههم لغته السهلة، خصوصًا أن المزيني مختص في دراسة اللغة، وكان باستطاعته الإستعراض اللغوي إن شاء، لكن هذا لم يحدث لإيصال سيرته إلى جميع الفئات.