إيلاف من بيروت: يقول جان باتيست تافيرن، أحد تجار الماس في القرن السابع عشر، والذي سافر كثيرًا إلى بلاد فارس وعاشر قومها وتجارها سنوات طويلة: "الفرس بطبيعتهم متملقون، يسعون إلى اكتساب التقدير والتصفيق، لكنهم مدمنون بشدة، في الوقت نفسه، على الكلام السيئ والتوبيخ البذيء".
لم يمض وقت طويل بعد تافيرن، حتى جادل العديد من العلماء والمؤرخين الغربيين بأن بلاد فارس كانت بالنسبة إلى العالم الإسلامي ما كانت فرنسا لويس الرابع عشر بالنسبة إلى أوروبا المسيحية: مثال الرقي والأناقة والثقافة العالية، وأخيراً وليس آخراً، مثال الغطرسة الساخرة.
يقول راي تاكييه في كتابه "الشاه الأخير" The Last Shah، وصلت بلاد فارس المسلمة إلى ذروتها في بداية القرن السابع عشر، في السنوات الأخيرة من حكم الشاه عباس الكبير الذي وسع مملكته واستقر فيها، وأثبت نفسه جنديًا قديرًا وصاحب رؤية اقتصادية، وأبدى اهتمامًا بالغًا بالغرب، بالمعرفة والابتكارات التي عرفت في الغرب.
كان خلفاؤه، في الغالب، يقضون معظم وقتهم غالبًا في حال من السُّكر أو في مخادع الحريم. بحلول بداية القرن العشرين، كانت بلاد فارس دولة إقطاعية غارقة في الديون، في التعصب الشيعي.
كانت سلالة الخجر المنحلة التي وصلت إلى السلطة قبل قرن من الزمان تنفس رمقها الأخير، تحت رحمة الضغط الأوروبي، عسكريًا واقتصاديًا. تمامًا كما كانت الاحتياطيات النفطية الهائلة في بلاد فارس تجتذب الاقتصادات الصناعية الغربية. وحيث فشلت السلالة القديمة والنخب الأرستقراطية التقليدية وملاك الأراضي، نجح رقيب سابق فظ اسمه رضا بهلوي في أن يكون مؤسسًا عصاميًا لسلالة جديدة من الحكام، ومصلحًا لا يرحم على غرار بطرس الأكبر في روسيا وكمال أتاتورك في تركيا.
يبدو أن تاكييه، وهو باحث إيراني مولد من أصل مسيحي آشوري، ليس من المعجبين بسلالة بهلوي، لكنه يقر بأن رضا شاه لم يكن مستبدًا عاديًا مرتاحًا لركود بلاده، مثل المستبدين الآخرين في الشرق الأوسط. كان يملك رؤية لتحويل إيران إلى دولة صناعية تكنوقراطية، وكانت إصلاحاته الصناعية والتعليمية تهدف إلى إنشاء كادر جديد مدين بالفضل للنظام الملكي ويشاركه رؤيته للتغيير الجذري.
يركز تاكييه على شاه إيران الأخير، محمد رضا الصبي الخجول والذكي الذي نشأ منذ الطفولة ليكون حاكماً "قاسياً"، وجندياً مدرباً مثل والده، لكن مع تعليم حديث صارم حرم منه والده. كانت مأساته أنه بينما كان يمتلك العديد من الصفات البارزة وكان ملتزمًا مهمته بصدق، افتقر إلى سمة واحدة حاسمة: الثقة بالنفس التي لا تعرف الرحمة.
خلال الستينيات، أجرى الشاه سلسلة من الإصلاحات المصممة لتحييد النخبةK ما أدى إلى تعزيز قوة الدولة البوليسية بشكل كبير مع تقويض القاعدة الاقتصادية للأرستقراطيين. أحاط نفسه بالتكنوقراط - رجال نعم يدينون له بمناصبهم فقط ويخشون تقديم النصيحة التي لا يريد أن يسمعها وليس لديهم مهارات سياسية.
كان الشاه شخصية مأساوية ذات أبعاد شكسبيرية. ورث غرائز والده الاستبدادية لكن لم يرث أيًا من قسوته. تطلب نجاح نظامه الملكي منه تقاسم السلطة والمسؤولية مع طبقة القيادة التقليدية، لكنه لم يكن على قدر المسؤولية. يخلص تاكيه إلى أن "التناقض الذي قضى على حكمه في نهاية المطاف هو أنه كان لديه طعم للاستبداد من دون الشخصية التي تحافظ عليه.
لم يكن هناك حاجة إلى مؤامرة من القوى الأجنبية للإطاحة به، عندما ظهر في النهاية عدو ماكر متعطش للدماء - آية الله الخميني - لم يكن لدى الشاه الجرأة للقتال ولا الحلفاء لمساعدته على شنها.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "واشنطن تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.washingtontimes.com/news/2021/mar/16/book-review-the-last-shah/
التعليقات