الحصار حفّزهن على صناعة هداياهن بأنفسهن


يوسف صادق من غزة: فضلت عدد من النساء في غزة إستغلال نفايات منازلهن لتدويرها والإستفادة منها كتحف وهدايا يقدمنها في حلة جديدة، فضلاً عن إستغلال الأفكار للإستفادة المالية البسيطة كمشاريع صغيرة.

وعملت عشرات النسوة بعد أن أكملن دورة تدريبية لأكثر من ثلاثة أشهر في جمعية أنصار البيئة الفلسطينية بخان يونس، جنوبي قطاع غزة، على تحويل عدد من النفايات الصلبة لهدايا ومناظر يمكن تعليقها على الحائط، وإستغلال تلك المواد التي كن يلقينها في القمامة سابقاً، لإبداع فني ولوحات غايةً في الجمال.

حالة مستحدثة ولم تكن من قبل، لهؤلاء الفتيات اللاتي تمكن في ظل إشتداد الحصار على غزة، على خلق فرص عمل وتواصل إجتماعي، بعدما إنعدمت آمالهن في الحصول على وظيفة تليق بتعليمهن الجامعي أو زيارات إجتماعية بسبب الفقر والبطالة التي فاقت قدرات المجتمع الفلسطيني في التغلب عليه.

وقالت لطيفة عاشور، أنها تدربت مع 45 فتاة ضمن 3 مجموعات لمدة 45 ساعة على مدار 3 أشهر ليخرجن من مرحلة الجمود الفكري إلى الإبداع في العمل، وإستثمار ما يمكن من مخلفات المنزل لتحويله إلى رسومات وبراويّز وتحف وهدايا يمكن بيعها والتجارة بها أو تزيين المنازل بها.

وأضافت عاشور لإيلاف quot;كانت البداية صعبة جداً علينا في بداية مشوارنا العملي، فلم يكن من السهل علينا كفتيات وحتى على أهلنا وأقاربنا تقبل فكرة البحث في قمامة البيت عن أوراق مستهلكة أو الكرتون أو جمع الثمار الجافة لأشجار السرو، خاصةً وأن فكرة تدوير النفايات مستحدثة في المجتمع الفلسطيني، إضافة لأن طبيعة العمل غير مألوفة بالنسبة للجميع بما فيهم أناquot;.

وأوضحت عاشور quot;عندما إستغليت عيدان الايس كريم لصناعة علبة للمحارم الورقية وطليتها باللون البني ورسمت عليه شكل لطائر جميل، أثار إعجاب والدي وإخوتي، وأصبحوا يحثونني على مواصلة صناعة ما يمكن من أشياء جميلةquot;.

وبدت أوراق الجرائد البالية وعلب السردين والصلصة الفارغة وعيدان السنابل وغيرها من النفايات التي تُرمى عادة في المكب، حاضرة على طاولة عمل الفتيات اللاتي أبدين سعادة غامرة عندما تبدأ أياديهن الناعمة في تحويل أشياء غير ملفتة للنظر إلى إبداع فني جميل. وعادة ما تفصل المرأة في المجتمع الغربي تلقائياً، أنواع النفايات المختلفة داخل منزلها، قبل أن تقوم بإلقائها في مكب النفايات العام، إلا أن هذا الأمر دارج في المجتمعات العربية ومنها بالطبع الفلسطينية.

ولم تكن لطيفه الوحيدة من بين عشرات الفتيات اللاتي يستغلنّ وجودهنّ في جمعية أنصار البيئة الفلسطينية لصناعة ما يمكن صناعته، فزميلتها نعمة محمد quot;25 عاماًquot; أكدت أن زوجها سعيد جداً بما أنجزه وأجلبه للبيت. وقالت لإيلاف quot;الحقيقة أن الحصار لم يمكنني من شراء تحف ومناظر جميلة أزين بها منزلي، وعندما إستوهتني فكرة تدوير القمامة الصلبة وإستغلالها لصناعة تحف ولوحات فنية

وتطمح نعمة بأن تستثمر هذا الإبداع في جلب الزرق لأسرتها ولزميلاتها. وقالت quot;أمر رائع أن نستفيد من تلك النفايات بما يخدم جماليات منازلنا، أو بيعها لمحلات التحف والهدايا، ونأمل أن نقدم أعمالنا في العواصم العربية المختلفة، ليستفيد المجتمعات العربية من فكرة تدوير النفايات الصلبةquot;.

من جانبه أكد المدير التنفيذي لجمعية أنصار البيئة الفلسطينية المهندس وسام أبو جلمبو، إن المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى سنوات ليكون صديقاً للبيئة، ويستطيع الاستفادة من النفايات وتحويلها لما يمكن أن يضفي جمالاً على منزله. وقال لإيلاف وأضاف المهندس أبو جلمبو quot;الفكرة تكمن في توعية بيئية وتنموية في آنٍ واحدquot;.

وأوضح أبو جلمبو أن الفتاة المشاركة في الدورة أصبحت الآن بمقدورها العمل والإنتاج وبيع ما تصنعه أيديها للمحلات المختلفة. وقال quot;أتوقع رواج الفكرة في المجتمع الفلسطيني بشكل أكبر من خلال المؤسسات المعنية، خاصة وقد تلاقيا الفن مع البيئةquot;، مشيراً إلى أن هذا الإبداع كان سيلقى في مكب النفايات، لكنه الآن أصبح محل تقدير وإعجاب كل من شاهده.