حفلت السنوات العشر الماضية في قطاع تكنولوجيا المعلومات بموجات متتالية من المبتكرات الالكترونية فيما تحقق وعد الانترنت بتحولها الى وسط تفاعلي. ويبدو العقد الأول من الألفية الثالثة كأنه عقد الشركات التي طرحت هذه الأجهزة الجديدة بأكثر من 225 مليون آي بود و75 مليون بلاك بري و55 مليون وي بيعت حتى الآن.
يُقدر ان عدد الكومبيوترات الشخصية المستخدمة حاليا في العالم يزيد على مليار جهاز بالمقارنة مع أقل من 500 مليون قبل عشر سنوات. كما ان عددا متزايدا من الثلاثة مليارات هاتف جوال في العالم قادرة الآن على دخول الانترنت. ولكن مراقبون يؤكدون ان هذه المبتكرات ما هي إلا القمة الظاهرة من جبل الثلج المغمور. وان ما قد يتضح كونه التحول الأهم والأكثر ديمومة يحدث تحت السطح. ويرتبط هذا التطور بإحداث نقلة في عمل الكومبيوتر ستطال نواحي عديدة من حياتنا وتغيرها تغييرا اساسيا ودائما ـ سلبا او ايجابا.
وتنقل صحيفة فايننشيال تايمز عن كريغ مندي رئيس قسم الأبحاث والاستراتيجية في شركة مايكروسوفت وصفه القوى التي تعمل وراء الكواليس بأنها quot;ظواهر لا تأتي إلا مرة كل 15 سنة أو نحو ذلكquot;. ويضيف ان النتيجة ستكون quot;فئة جديدة من التطبيقات لم تُعرف أو تُجرب من قبلquot; تجعل الدورة الجديدة من التجديد والابتكار تضاهي بقوتها اختراع الكومبيوتر الشخصي وميلاد الانترنت.
اقترن سوق الأجهزة الجديدة في الحوسبة المرتبطة بالانترنت بتحول في سلوك الأفراد على الشبكة. باختصار ان الأشخاص تعلموا كيف يتواصلون الكترونيا بعدما كانت الانترنت أقرب الى شبكة توزيع سلبية في عام 1999. اما اليوم فان المشاركة الجماهيرية أطلقت جيلا جديدا من المواقع المهيمنة.
وباتت مواقع فيسبوك ويوتيوب وويكيبيديا وتويتر التي أُنشئت كلها منذ عام 2000 ، في عداد المواقع الاثني عشر الأكثر ازدحاما في العالم ، بحسب خدمة اليكسا Alexa التي ترصد حركة الانترنت. وما من شركة تطرح منتوجا جديدا وما من سياسي يخوض حملة انتخابية يفكر بالاقدام على مثل هذه الخطوة دون ان يحاول تطويع هذه القوة الجديدة لصالحه.
ولكن تحول الانترنت من طريق باتجاه واحد الى وسط تفاعلي ليس إلا وجها واحدا من اوجه التغيير الذي طرأ على الحوسبة خلال العقد الماضي وهو قد لا يكون التحول الأهم.
وعلى حد تعبير رئيس قسم الأبحاث والاستراتيجية في مايكروسوفت فان الانترنت نفسها المرتبطة بمليارات الأجهزة quot;الذكيةquot; ، اخذت تتطور الى منصة حوسبة فائقة القوة. وعلى غرار الكومبيوتر الرقمي الكبير الذي يخدم مئات المستخدمين في آن واحد ، والكومبيوتر الشخصي قبله فان هذه المنصة الجديدة ستدعم تطبيقات من شأنها ان تغير حياتنا ، لم تكن ممكنة في السابق.
يقول خبراء ان هذه البنية التحتية الالكترونية التي يجري تطويرها وراء الكواليس تعتبر طبقة ذكية جديدة قادرة على اختراق العالم كما لم تخترقة واسطة من قبل ، تجمع كميات هائلة من المعلومات وتخزنها وتقوم بتحليلها. ويمكن ان تُستخدم لبناء نماذج معقدة لمنظومات اجتماعية واسعة أو سلوك فرد واحد فضلا عن قدرتها على توقع ما سيحدث تاليا والمساعدة في تحديد شكله. ويمكن استخدام التطبيقات التي تتيحها المنصة الجديدة عبر ملايين الأجهزة الذكية التي بدأت بالانتشار فعلا.
ما زالت الطرق الذي ستتأثر بها حيانا نتيجة هذا التطور في بدايتها. ولتوضيح الصور يسوق الخبراء مثالا بسيطا مثل التوجه الى العمل بالسيارة. فبعد ما اصبحت اجهزة الاستشعار متاحة بأسعار معقولة بات من المجدي اقتصاديا لأول مرة جمع معلومات تفصيلية عن حالة الطرق داخل المدينة في الزمن الحقيقي ، كما يقول روبرت موريس الباحث في شركة آي بي أم.
ويمكن استخدام هذه المعلومات لبناء نموذج يبين كيف يعمل نظام المرور ، وبتوظيف معلومات تاريخية واجراء تخمينات ذكية يتنبأ النموذج بتغير حالة الطرق في الساعات المقبلة عندما يتعامل مئات آلاف السائقين مع الظروف المحيطة بهم. ويمكن حينذاك استخدام هذه التنبؤات لتوجيه حركة السير على نحو يقلل الاختناقات.
وبوجود الكثير من السيارات المزودة بأجهزة تحديد المواقع ، واحدث الهواتف الذكية القادرة على تشغيل تطبيقات تعتمد على الانترنت فان مثل هذه المعلومات عن حالة الطرق وحركة المرور يمكن ان تُنقل الى أعداد كبيرة من الآخرين لاستخدامها بدورهم. ويقول الباحث موريس ان شركة آي بي أم اختبرت المشروع في سنغافورة ولكن لم يبدأ العمل به بعد.
كما هو معهود من قطاع التكنولوجيا المتطورة في نحت المصطلحات الجديدة مع كل تطور يحدث فانه اطلق على هذا التحول الجديد اسم quot;السحابة أو الغيمة الالكترونيةquot; ، ويبدو انه اسم مناسب بما تمطره علينا من معلومات.
التعليقات