يبرز التقرير حقائق مفيدة ويرشد كيفية التعامل مع مرض السرطان لدى المراهقين.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: ما أخطر أن يصاب الفرد بمرض خبيث بشكل مُقنَّع، أو دون دراية من جانبه بذلك. لكن هذا وبكل أسف هو ما يحدث مع نسبة ليست بقليلة من المراهقين، بعدما أظهرت نتائج بحثية جديدة أن واحدًا من بين 333 طفلا يصابون بمرض خبيث قبل أن يبلغوا عامهم العشرين، وأن المرض يؤدي إلى مزيد من حالات الوفاة في المرحلة العمرية ما بين 15 و 19 عامًا، مقارنة بأي مرض آخر. وفي هذا السياق، تنشر صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تقريرًا مطولا ً، تستهل فيه الحديث بالتدليل على تلك الحقيقة، بإشارتها إلى حالة تلك الفتاة التي تدعى سيموني وينشتاين، التي تبلغ من العمر الآن 20 عامًا، بعدما شُخِصت إصابتها أخيرًا بنوع من أنواع سرطان الدم.

حيث تستذكر في حديث مقتضب لها مع الصحيفة ما كانت تعتقده والدتها عن حالتها وقت أن كانت طفلة، قبل أن يتم تشخيص إصابتها بهذا المرض اللعين، حيث كانت تنظر إليها على أنها quot;فتاة مراهقة كسولة وسخيفة نوعًا ماquot;. فقد كانت تبدو متعبة، وتعاني عند استيقاظها في الصباح، ولا تمتلك حتى الطاقة التي تمكنها من تمضية الوقت مع صديقاتها. ويشير الخبراء في تلك الجزئية إلى أنه وفي الوقت الذي لا يميل فيه المراهقون لطلب المساعدة من الكبار أو يأتمنونهم على ما يطرأ على أجسادهم من تغييرات مُحرجة، فإن تشخيص إصابتهم يتم على الأرجح في وقت أكثر تأخرًا بدورتهم المرضية عن الأطفال الصغار. وهو ما يعني دومًا أنهم سيكونون بحاجة الى علاجات أكثر شراسة وأطول في المدى، يمكنها أن تؤدي لآثار جانبية تستمر مدى الحياة.

ثم تمضي الصحيفة لتقول إنه وفي الوقت الذي ترتفع فيه المعدلات العامة للبقاء على قيد الحياة لنسبة تتراوح ما بين 70 إلى 80 %، اعتمادًا على نوع المرض السرطاني، فإن المراهقين لم يستفيدوا من التقدم الكبير الحاصل في مسألة البقاء على قيد الحياة، كما هو الحال مع الأطفال الأصغر في السن والأشخاص الأكبر في السن خلال العقود الأخيرة. كما تقل لديهم احتمالات المشاركة في التجارب السريرية، التي تطرح أكثر السبل العلاجية حداثة. فتشير الصحيفة هنا ndash; نقلا ً عن بعض التقديرات - إلى أن نسبة تقل عن خُمس المراهقين المصابين بالسرطان تتم معالجتها في تجربة سريرية، مقارنة ً بنسبة تزيد عن النصف لدى الأطفال الأصغر سنًا.

إلى هنا، تلفت الصحيفة إلى أن بعض التساؤلات الأساسية عن السرطان لدى المراهقين لا تزال دون حل ndash; بما في ذلك المكان الذي يتوجب أن يتم فيه العلاج. وتشير كذلك إلى أن المراهقين يميلون للإصابة بمجموعة مختلفة للغاية من السرطانات عن البالغين الأكبر سنًا. ومن أشهرها، سرطان الدم، والورم اللمفاوي، وسرطانات الجهاز التناسلي، وأورام المخ والأورام اللحمية -- سرطانات العضلات والنسيج الضام الذي غالبًا ما يُخطئ في تعريفه على أنه إصابات رياضية. وهنا، تنقل الصحيفة عن دكتور أرشي بليير، من مركز سانت تشارلز الطبي في بيند في ولاية أوريغون، والخبيرة المتخصصة بمرض السرطان لدى المراهقين، قولها :quot; يقع المراهقون في فجوة سرطانية. ويحتاج هؤلاء الذين يبلغون من العمر 14، 15 أو 16 عاما ً لدعم نفسي، لن يتمكنوا من الحصول عليه إذا كانوا في مستشفى خاصة بالكبارquot;.

وفي الإطار ذاته، تتابع دكتور بليير حديثها بالقول :quot; بحسب نوع المرض السرطاني، يُعالج البعض على نحو أفضل في مركز طبي خاص بالكبارquot;. ثم تنتقل الصحيفة لتتحدث عن حالة فتاة تدعى، هيثر بونغيولاتي، 22 عامًا، مصابة بمرض ليمفوما اللاهودجكين، حيث كانت في حاجة ماسة لمنفذ اجتماعي يساعدها في محنتها بالغة الصعوبة مع المرض اللعين. وفي هذا الشأن، تقول بونغيولاتي إن معظم زميلاتها تخرَّجن من الجامعة وانشغلن بشؤون حياتهن الخاصة، بينما كان عليها أن ترجئ شؤون حياتها، بعد إصاباتها بمشكلات خطرة في العظام نتيجة تناولها لأدوية السرطان. كما تشير إلى أنها باتت غير قادرة على القيادة وخضعت لتسع عمليات جراحية خلال السنوات القليلة الماضية، من بينها ثلاث عمليات خاصة باستبدال مفصل الورك.

من جانبها، تقول جينا ديغرو، مختصة الشؤون السريرية الاجتماعية التي تدير عيادة للناجين من مرض السرطان للمراهقين في مستشفى ( فينيكس ) للأطفال، إنه وفي الوقت الذي لا يوجد فيه وقت مناسب خلال مراحل الحياة للإصابة بمرض السرطان، فإن سنوات المراهقة قد تكون من ضمن السنوات الأكثر صعوبة في حياة الإنسان. وتتابع بقولها :quot; يبحث أي مراهق عن الاستقلال، لكن وذات فجأة، قد يجد نفسه مصابا ً بهذا المرض، وحينها يعتقد أنه سيتعين عليه الاعتماد على الغير من جديد. ومن ثم يكون عليه التعامل مع أمور لا يتعين على معظم الكبار التعامل معها، مثل التفكير في مسألة فقدانه لخصوبته ناهيك عن مظهره. حيث يبدأ جسمه في الانتفاخ ويبدأ شعره في التساقط نتيجة لعلاجه بالإشعاع والعلاج الكيميائي والمنشطاتquot;.

وتختم الصحيفة حديثها بما نقلته عن دكتور ويندي ستوك، مدير برنامج سرطان الدم في المركز الطبي التابع لجامعة شيكاغو، حيث قال :quot; عندما شاهدنا الاختلافات في التعاطي مع المرض والعلاج بين المراهقين المصابين بهذا النوع من سرطان الدم المعروف اختصارا ً بـ A.L.L وبين الأطفال الصغار المصابين على ما يبدو بالمرض نفسه ، أصبت بحالة من الربكة، شأني شأن أطباء الأورام. فلم يكن الفارق بنسبة قدرها 5 %، وإنما فارق بنسبة 30 % في فرص البقاء على قيد الحياةquot;. وتشير الصحيفة في الوقت ذاته إلى أن ما يعرف ببروتوكول الأطفال يتم تقديمه الآن للمراهقين من خلال مواقع التجارب السريرية. كما يحاول دكتور ستوك رفقة آخرين معرفة العوامل المسؤولة عن تحقيق نتائج أفضل، وإذا ما كانت زيادة فرص البقاء على قيد الحياة ناتجة من البروتوكول العلاجي نفسه أم أن هناك عوامل أخرى، مثل البيئة الأكثر تنظيما ً لمركز طب الأطفال أو زيادة معرفة علماء أورام الأطفال بمرض A.L.L.