نزل quot;صديق للبيئةquot; في الأردن يوفر السكينة والهدوء |
واحة سيوة: quot;أدرار املالquot; في لغة سكان سيوة تعني الجبل الابيض الذي يقف شامخا في الواحة يحرس فندقا يحمل اسمه بني بمزيج من الملح الصخري والطين والقش. وهذه التجربة في البناء المستدام دليل حي على أن العناصر الاساسية الموجودة في الواحة يمكن استخدامها في ابداع مبتكر وجميل من المكونات الطبيعية.
ويؤخذ الملح والطين من البحيرة القريبة ويمزج المكونان بالقش بمهارة وخبرة سكان سيوة. ويرى منير نعمة الله الخبير في شؤون البيئة أن سيوة لا تتحمل الا عددا محدودا من الزائرين وأن منطق السياحة لا يناسب الواحة.
ولم يكن البناء بنفس الطرق والمواد التقليدية القديمة التي يستخدمها سكان سيوة منذ القدم أمرا سهلا حيث تقتصر الخبرة في استخدام الملح الصخري والطين في انشاء مبنى بدلا من الخرسانة على عدد صغير من البناءين الذين ورثوا الحرفة أبا عن جد في الواحة.
وأسهم نزل ادرار املال في احياء الاهتمام بأسلوب البناء التقليدي لواحة سيوة. ويشيع استخدام الطين في البناء في القرى المصرية لكن الدور المهم للملح الصخري في مواد البناء التقليدية يكاد يقتصر على الصحراء الغربية.
ويؤكد أحمد ابراهيم خليل ذلك قائلا ان استخدام الملح والطين في البناء أمر كاد يطويه النسيان مع استبدال هاتين الخامتين الطبيعيتين بمواد البناء الحديثة. لكنه أضاف أنه منذ بدء البناء في نزل ادرار املال قبل 15 عاما أصبح الكثير من الناس يهتمون بالتدريب على طريقة البناء المحلية واستخدام لخامات الطبيعية.
وكان سكان سيوة يعيشون داخل قلعة شالي القديمة لكن أمطارا غزيرة عام 1926 جرفت جدران معظم مساكن البلدة القديمة المبنية من الملح والطين. وهجر السكان البلدة القديمة وانتقلوا الى ما أصبح يعرف حاليا بالبلدة الجديدة وتخلوا في نهاية المطاف عن أسلوب البناء القديم.
لكن رغم استخدام الخرسانة والطوب في البلدة الجديدة أعيد ترميم أجزاء من شالي باستخدام الخامات والاساليب التقليدية. وباذن من المجلس الاعلى للاثار وجهات حكومية أخرى في مصر ضمت مجموعة من المساكن معا لتكوين فندق. ونجح نعمة الله في اثبات امكانية تحويل البلدة القديمة الى مكان تمكن الاقامة فيه. وبنى نعمة الله فندقا أطلق عليه اسم بابنشال أي بوابة شالي باللهجة المحلية.
ويقر المهندس المعماري رمسيس عزمي بأن بعض المشاكل ما زالت تعوق استخدام الملح الصخري والطين على نطاق واسع في البناء وذكر أن البناءين من سكان سيوة ما زالوا يحتفظون ببعض أسرار الاسلوب التقليدي.
وواجه فندق بابنشال تحديا في توصيل الكهرباء والماء والمرافق الاخرى الى مبانيه. وكانت عملية انشاء الفندق سلسلة من التجارب الرائدة لتطوير البلدة القديمة دون الحاق الضرر بها أسفرت عن عملية موازنة دقيقة بين اعادة استخدام البلدة والحاجة الى التجهيزات الحديثة. ويؤكد رمسيس عزمي أنه بدون اعادة الحياة الى شالي فستبقى في أفضل الاحوال متحفا يتفكك تدريجيا.
وعادت حرفة البناء بالوسائل التقليدية وبالمواد الطبيعية تنتقل من جيل الى اخر في سيوة وباتت شالي في حال أفضل مما كانت طوال ما يقرب من قرن من الزمان. واذا لم يتدفق السائحون على الواحة وتغزوها الجرافات لازالة مبانيها المبنية بالملح والطين فربما تظل عمارة سيوة التقليدية باقية بقوة.
ويقع النزل البيئي في أبعد الواحات الصحراوية عن العاصمة المصرية وبالقرب من الحدود الليبية. وهي بقعة من اللون الاخضر وسط بحر مترامي الاطراف من الرمال. ونجحت سيوة بموقعها النائي وتقاليدها المتوارثة ولهجتها القديمة في الحفاظ على سحرها الخاص وبيئتها الفريدة رغم تزايد أعداد السائحين الذين بدأوا يلتمسون الطريق اليها قبل نحو 20 عاما.
التعليقات