يجزم مختصون جزائريون بانتفاء مخاطر المفاعلات على البيئة، إذا ما جرت مراعاة شروط الأمن وتمّ الالتزام بضوابط بيئيَّة صارمة، بيد أنّ هؤلاء يركّزون على كون المعضلة الكبرى تكمن فيما يرافق عملية ردم هذه المفاعلات عند انتهاء مدة خدمتها.

الجزائر: يشدد خبراء جزائريون في تصريحات خاصة بــquot;إيلافquot;، على أنّ فوائد هذه المفاعلات على البيئة كبيرة جدًا، شريطة الالتزام بمحددات دقيقة على المستويين الأمني والبيئي، بهذا الصدد، يركّز الأستاذ هيثم رباني على أنّه ينبغي توفير درجة عالية من الأمان عند تشغيل المفاعلات وعند نقل اليورانيوم المشعّ أو لدى تخصيبه قبيل تحويله إلى طاقة كهربائية.

ويشير رباني أنّ الطاقة النووية عند تشغيلها في المفاعلات ضمن أطر حماية البيئة ومن مخاطر الانفجارات والتسربات، يمكنها أن تكون نظيفة جدًا وغير ملوثة، وإبعادها كطرف مسبّب لظاهرة الاحتباس الحراري، طيلة ثلاثين عامًا هي المدة الافتراضية لتشغيل مفاعل ما لأغراض سلمية.

أما المعضلة الوحيدة، فتكمن في مكان ردم المفاعل ومكوناته عند انتهاء مدة خدمته، ويلّحرباني على أنّ وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية، مدعوة لإيجاد المكان اللازم والآمن في الجزائر من الآن، حتى يتم استخدامه كموقع ترمى فيه مكوّنات المفاعل المشعة، بل وينبغي بالنسبة إلى رباني،منح الولاية الجزائرية التي ستستضيف هذه المواد غير المرحب بها، تحفيزات مالية ومكافآت خاصة على قبولها استقبال هذا النوع من النفايات، علمًا أن هذا ينسحب أيضًا على اليورانيوم المشع الذي يجري التخلص منه كل عام بعد استعماله، فهو أيضًا قمامة خطرة جدًّا على حد تعبيره، يجب أن ترمى في تجويف صخري سميك جدًّا، على نحو يحول دون مرور تلك الإشعاعات.

لكن رباني يعتقد أنّه على الرغم من أهمية الطاقة النووية السلمية وفوائدها على البيئة، إلاّ أنّ النظام السياسي الجزائري غير واع بأهمية الطاقة النووية العسكرية، ويؤيد كجزائري فكرة امتلاكبلاده للسلاح النووي لأنه رادع ضد أي نوع من أنواع الاعتداء في المستقبل، إن أرادت الجزائر تطوير تكنولوجيات عسكرية من نوع خاص.

بدوره، يشير الأستاذ أنيس بن مختار إلى أنّ الجزائر في سياق استخداماتها للطاقة النووية لأغراض تنموية على غرار الطب والصناعة والزراعة والطاقة الكهربائية، تحرص من خلال قانونها المتضمن استعمالات الطاقتين النووية والذرية، على تأطير كافة الجوانب المتعلقة باستعمالات هذه الطاقة، من خلال مجموعة إجراءzwnj;ات تنظيمية وهيكلية، تحدد تدابير وشروط الاستعمالات الصحية والاقتصادية للطاقة الذرية، من خلال وكالة مركزية للأمان والسلامة النووية، تكفل توفير إنذارات مبكرة عن مخاطر محتملة ناجمة عن استخدام اليورانيوم لأغراض سلمية، والأخطار المترتبة عن الإشعاع النووي.

من جانبه، يرى الخبير أنيس نواري أنّ استثمار الجزائر في المجال النووي لا ينطوي على مخاطر، طالما أنّ الجزائر وفرت الاحتياطات اللازمة لإبعاد تطبيقاتها النووية عن أي محاذير، وتمتلك الجزائر حاليا مفاعلين نووين صغيرين، هما ''سلام'' بمنطقتي عين وسارة (250 كلم جنوب) و''نور'' بالدرارية (20 كلم شمال)، في انتظار بناء عشرة مفاعلات نووية جديدة موجهة لأغراض سلمية،على المديين المتوسط والبعيد، فضلاً عن إمكانية إنشاء وحدات إلكترونية نووية واستغلال 30 ألف طن من مادة اليورانيوم المخصّب في مضاعفة توليد وإنتاج الطاقة الكهربائية، في سياق بحث الجزائر على تطوير تطبيقاتها النووية على غرار إنتاج معدات إشعاع نووية للاستعمالات الطبية، ناهيك عن برنامجين للكهرباء النووية سيتم تنفيذهما بالتنسيق مع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويؤكد العميد quot;عبد القادر بن جلولquot; المدير المركزي لمصالح الصحة العسكرية بوزارة الدفاع الجزائرية، على أهمية التكوين والتوعية والتنسيق بين مختلف الفاعلين لمواجهة أخطار التلوث، مشيرا إلى أنّ الجزائر على غرار بقية دول العالم واعية بالآثار التي يحدثها هذا النوع من الكوارث ولا سيما الصناعية منها، لذا جرى تزويد كل واحدة من الهياكل المحلية بالمعلومات الضرورية والإجراءات الواجب اتخاذها للتدخل وتسيير الوضعية في حالة وقوع حوادث ذات مخاطر كبرى، فضلاً عن تسيير مختلف الجوانب المرتبطة بالإستراتيجية المحلية المشتركة التي تم تبنيها في مجال المساعدة والحماية الطبية للسكان.

كما يشير الخبير quot;يحيى زانquot; إلى أنّ الاستثمار في مجال الطاقة النووية وتوفير الطاقة النظيفة مهم جدا، والجزائربينت اهتمامها بإنشاء مفاعلات نووية لأغراض سلمية، ويشدد زان على أنّ الجزائر كرست خلال السنوات الأخيرة لبنة لتحقيق التعاون في مجال تطوير الطاقات الصديقة للمحيط، ويلّح زان على ترقية الدور الاقتصادي للطاقات النظيفة التي تساهم في الحد من التلوث البيئي.

من جهته، أوضح quot;محمد مكاكيةquot; المسؤول المركزي على مستوى الوزارة الجزائرية للبيئة وتهيئة الإقليم والسياحة، أنّ هذا المعنى سعت الجزائر لنشره متوسطيا، طالما أنّ انفتاح السوق الاقتصادية بشمال المتوسط، يعدّ ضرورة لاندماج هذه الطاقات على الصعيد الاقتصادي ضمن تطورموارد الطاقة الأخرى، وهو ما يستدعي التحكم في إنتاج الطاقات الملائمة للمحيط ونقل المعرفة والتبادل التكنولوجي في مجال نقل هذه الطاقات وتخزينها.

واهتمت الجزائر منذ سنوات بتطوير قطاعها النووي لأغراض السلمية، كما اعتنت بتوفير الطاقة النظيفة من خلال إقرار تشريعات جديدة بهدف حماية منظومتها النووية وبناء مفاعلات تختص بالكهرباء النووية واستعمال الذرة لأغراض سلمية تلوح واعدة في الأعوام القادمة.