لن يتخلى الناس عن استخدام النفط الذي يحذر خبراء البيئة من مساويء استخدامه للببيئة بسبب ارتفاع تكاليف الوقود العضوي البديل للنفط.

اعتدال سلامه من برلين: رغم ان خبير الاقتصاد والبيئة توماس كلر من الداعين الى التخلي عن استخدام الوقود المنتج من النفط لما له من عواقب وخيمة على البيئة والطبيعية، الا انه على يقين من ان هذا الحلم لن يتحقق في القريب المنظور.


اذ ما يزال النفط المادة الاولية والاهم لانتاج الطاقة الكهربائية والتدفئة والوقود، الا ان المخزون النفطي اصبح محدودا، الامر الذي يجبر الانسانية على التفكير في مصادر بديلة مثل الديزل البيولوجي او الوقود العضوي.

وحسب قوله في ندوة عقدت في برلين ما شجع في مواصلة الاعتماد على مشتقات النفط من الوقود وغيرها انخفاض سعر الذهب الاسود الى حوالي النصف مقارنة عما كان عليه في السابق ووصل الى رقم قياسي، ما جعله يسترجع اهمية مع انه من المسببات لتلوث البيئة. فملايين السيارات في العالم مازالت تعتمد على البنزين المستخرج من النفط، ومن بين ال114 مليون طن من المنتجات النفطية التي انتجتها مصافي المانيا العام الماضي انتهى اكثر من النصف في خزانات وقود السيارات وجزء لا بأس به من اجل التدفئة. اذ يوجد اكثر من 55 مليون سيارة وشاحنة وباص وقطار ودراجة نارية مازالت تعتمد اعتمادا كاملا على البنزين والديزل في حركتها، اما الوقود الحيوي فلا يغطي اكثر من 4 في المائة من الطلب مع ان الاقبال على قيادة سيارات تعمل بهذه الوقود اصبح عالية. حيث تشهد ورشات الاصلاح التي تجهز السيارات لتعمل مثلا بالزيت النباتي او الوقود الحيوي رواجا كبيرا في اعمالها.


واضاف كلر، ما يلجم الاعتماد على الوقود العضوي هي تكاليفه المرتفعة حتى الان، اذ ان تكاليف الوقود المنتج من القمح او الايتانول على سبيل المثال مرتفعة، وحتى استيراد الايتانول الرخيص المستخلص من الشمندر في البرازيل لن يكون عاملا حاسما في استبدال النفط.


مع ذلك لم يتردد الاقتصادي الالماني عن التحدث عن اهمية التحول الى الوقود الحيوية وعن مصادره الكثيرة جدا منها القمح واللفت والنخيل وقصب السكر والشمندر وشجيرة الجاتروفا بربادوس. فهذا الشجيرة تثير حاليا اهتمام البلدان الصناعية، فهي قادرة على إنتاج نوع نادر من الزيوت النباتية الذي يتم خلطها مع الوقود ولها قوة كبيرة وتساعد في عدم تلوث البيئة. كما أنها تساعد بشكل اساسي على محاربة التصحر لانها تنبت في الأماكن المتصحرة والجافة ولا تحتاج إلى الكثير من المياه. وتسمى كذلك شجرة الذهب الأخضر. وموطنها الاصلي هو اميريكا الجنوبية، ومنها انتشرت الشجيرات إلى العديد من المناطق الجافة وشبه الجافة والاستوائية في العالم. كما تجري مختبرات كثيرة في المانيا تجاربها على القش( التبن). فهناك انزيمات تم تطويرها بشكل خاص تقوم بعملية تحويل قضبان القش الى بديل عن البنزين.


واحد المصادر المهمة لانتاج الوقود هو القمح الذي تراجعت اسعاره لكثرة محاصيله خاصة في بلدان اميركا الجنوبية. اذ من غير المعروف كيف سيكون تصديره وكم سترتفع اسعاره بعد كارثة الحريق في روسيا( اهم مصدر دولي للقمح) وقضاء النيران على مساحات شاسعة من الاراضي المزروعة بالقمح، وقرار الحكومة الروسية حظر تصديره الى الخارج. لكن القمح مازال بالنسبة لدولة مثل المانيا مصدرا مهما لاستخراج الوقود العضوي وتستودره من بلدان في العالم الثالث. ويوجد حاليا تعاون بين الشركات الالمانية وشركة انساس البريطانية من اجل الوصول الى تحويل اكثر من مليون طن الى هذه الوقود في هذا العام لانه من المتوقع ارتفاع حجم استهلاكها الى اكثر من اربعة مليار ليتر في دول الاتحاد الاوروبي.

وكان القمح المادة الاهم المنتجة للايتانول حتى عام 2007 ووصلت نسبة استخدامه الى قرابة ال40 في المائة من الانتاج، فيما وصلت نسبة استخراج الايتانول من الشعير والذرة والشليم الى الثلثين.


وبهدف حماية البيئة وضع الاتحاد الاوربي عام 2008 خطة للاعتماد اكثر على الوقود الحيوي باستخراجه من المواد الطبيعية، لكن منذ صدور هذا القرار وهو يواجه انتقادات كثيرة. فعدا عن انه ينافس قطاع زراعة المواد الغذائية كالحبوب خاصة في البلدان النامية حيث يفضل المزراعون الكبار زراعة القمح او الشمندر او غيره لتحويل محاصيله الى وقود عضوي لان مصاريف هذه الزراعة اقل والمردود اكبر من الحبوب والخضروات والفاكهة، فان التركيز على الزراعة الدائمة لنوع واحد يؤثر سلبا على التربة التي يجب تنويع الزراعة فيها. اضافة الى ذلك فان الاحتياج المتزايد للوقود الحيوي يجعل حكومات كثيرة خاصة في اميركا الجنوبية تجرد مساحات كبيرة من الغابات من الشجر بقطعها ما ينشف جوف الارض، وهذا ينطبق ايضا على اثيوبيا وغيرها من بلدان افريقيا.


وحسب ارقام حصلت عليها ايلاف من مصدر في الاتحاد الاوربي فان شركة اداكس السويسرية المنتجة للطاقة الحيوية تزرع في سيراليون 26 الف كهتار من قصب السكر من اجل انتاج ديزل حيوي وفي غانا تستغل الشركة الايطالية Agroils ما يقارب من ال105 الف هكتار وشركة ياتروفا افريقا البريطانية زرعت على مساحة 120 الف هكتار شجيرات ياتروفا والشركة النروجية ScanFuel عشرة الاف هكتار ولديها عقود لزرع مساحة 400 الف هكتار، وتستغل شركة غالتان الاسرائيلية في غانا مائة الف هكتار لزراعة نفس الشجيرات. وفي الكونغو تستغل شركة صينية مليون هكتار من الاراضي لزرع الحبوب من اجل انتاج ا لوقود الحيوي واشترت الشركة الايطالية ENIاكثر من 70 الف هكتار مزروعة بشجر النخيل. وفي اثيوبيا يتم استغلال حوالي 700 الف هكتار من حقول قصب السكر، و23 مليون هكتار من شجيرة ياتروفا من قبل الشركة البريطانيةSun Biofuels والشركة الالمانية اكازيس قرابة 56 الف هكتار اضافة الى 200 هكتار تم توقيع عقد استئجارها لمدة 99 عاما مع الحكومة الاثيوبية.


وفي كينيا يستغل الصينيون والبلجكيون والكنديون اراضيها، حيث وصلت نسبة المساحات المزروعة لحساب رجال اعمال في هذه الدول اكثر من نصف مليون هكتار. وفي تنزانيا اضطر الاف مزارعي الارز ترك قطاع الزراعة بعد ان قرر اصحاب الارض زراعة قصب السكر وبيعه الى الغرب بهدف انتاج الديزل الحيوي. واكثر المساحات المستغلة في موزانبيق هي من قبل شركات من ايطاليا وكندا والبرتغال واوكرانيا والمانيا وبريطانيا، حيث وصلت المساحة الى خمس مليون هكتار تقريبا، اكثر من 183 الف هكتار مزورعة بشجيرات ياتروفا.

والملفت استغلال البرازيل التي حولت مساحات كبيرة لديها لزراعة الحبوب من اجل انتاج الايتانول، استغلالها مساحات شاسعة من الاراضي في انغولا لزرعة انواع ينتج منها الوقود الحيوي الى جانب شركات من اسبانيا وشركات انغولية وطنية ومن جنوب افريقيا.