باريس: اكتشف علماء للمرة الأولى فريسة في معدة هيكل عظمي لتيرانوصور، استنتجوا منها، بحسب دراسة نُشرت الجمعة، أن هذا النوع من الديناصورات القوية كانت تكتفي في صغرها بالأفخاذ فحسب من جيف الحيوانات ولا تلتهمها كلها.

ووفّرت محتويات معدة الغورغوصور المنتمي إلى عائلة من الديناصورات أشهرها تي ريكس، معطيات عن كيفية تطور العادات الغذائية لهذه الحيوانات، من الاكتفاء بالقطع المحدودة الحكم في صغرها إلى مفترسة فائقة تسحق العظام.

متحجرات
وأوضحت الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس أدفانسز" أن عمر الغورغوصور ("السحلية المخيفة") الذي اكتُشِف هيكله العظمي المتحجر عام 2009 في مقاطعة ألبرتا الكندية، كان يراوح بين خمس وسبع سنوات عندما نفق قبل نحو 75 مليون سنة.

ولاحظ علماء المتحجرات خلال دراستهم الهيكل العظمي شيئاً غريباً في معدته. وقال المعدّ الرئيسي للدراسة فرنسوا تيريان من متحف "رويال تيريل ميوزيوم" في كندا لوكالة فرانس برس إنهم ذهلوا "عندما اكتشفوا أن بقايا الوجبة الأخيرة لهذا الديناصور الصغير لا تزال محفوظة".

وأكثر ما أدهش الباحثين أن عظام الساق الصغيرة التي برزت من القفص الصدري تعود إلى ديناصورات شابة تشبه الطيور تدعى سيتيبس.

ويعتقد العلماء، بحسب تيريان، أن ديناصور السيتيبس كان مكسواً بالريش، ولديه جناحان، ومنقار، وكان يمشي على قدمين، كطيور الشبنم الحالية.

وكان هذه النوع من الديناصورات يشبه الديك الرومي، وهو أصغر بكثير من الديناصورات العاشبة الضخمة التي كانت التيرانوصورات البالغة تفترسها.

وشرحت الباحثة في جامعة كالغاري الكندية دارلا زيلينيتسكي أن هذا الغورغوصور الصغير اللاحم، استخدم أنيابه الحادة في افتراس الأفخاذ فحسب بدون أي قطع أخرى من حيوانَي سيتيبس.

واضافت عالمة المتحجرات أن "الغورغوصور المراهق كان يحب التهام الأفخاذ".

دليلٌ نادر
ويوفّر هذا الاكتشاف دليلاً نادراً على كيفية نموّ التيرانوصورات التي كان طولها عند ولادتها يبلغ متراً واحداً، لتصبح من بين أكبر الحيوانات المفترسة على الإطلاق.

وأوضحت زيلينيتسكي أن "هذه المتحجرة هي أول دليل قوي على أن النظام الغذائي للتيرانوصورات كان يتغير بشكل كبير لدى بلوغها".

وكان حجم هذه الديناصورات صغيراً وهي يافعة، وكانت رؤوسها وأرجلها نحيلة، وأسنانها حادة تشبه السكين تتيح لها تقطيع جيف الفرائس، ويُعتقد أنها كانت قادرة على الركض بسرعة كافية تُمكِّنُها من القبض على الحيوانات التي تطاردها.

طحن العظام
ولكن عندما كان الغورغوصور يبلغ الحادية عشرة تقريباً، أي منتصف عمره، كان حجمه يزداد نحو عشرة أضعاف، ويزيد وزنه إلى أكثر من ثلاثة أطنان. وكان رأسه وفكّه يتسعان، وتصبح أنيابه سميكة بحيث يصبح قادراً على طحن عظام ضخمة.

ويُعتقد أن هذا التحوّل المذهل يعود إلى تغيير في النظام الغذائي، إذ كانت التيرانوصورات تستعيض عن أفخاذ الفرائس التي كانت تستمتع بها في صغرها بالديناصورات العملاقة العاشبة.