إيلاف من برلين: توصلت دراسة أجرتها شركة لوفتهانزا إلى أن إدراك المذاق الحلو والمالح على ارتفاع 30 ألف قدم ينخفض بنسبة تتراوح بين 30% و40% مقارنة بالوضع على الأرض.
لطالما كان طعام الطائرات مصدرًا للشكوى بل والنكات في إشارة إلى أنه ليس جيداً ومذاقه غريب نوعاً ما، ولكن وراء كل ذلك يكمن تفسير علمي معقد لسبب كون الوجبات باهتة الطعم، بل وعديمة النكهة - أو ببساطة مختلفة - على ارتفاعات عالية. يبدأ فهم هذا من خلال فهم وظائف الأعضاء والحواس البشرية والبيئة الفريدة داخل مقصورة الطائرة المضغوطة.
على ارتفاع طيران يبلغ حوالي 9 كيلومترات (30,000 قدم)، يكون ضغط المقصورة أقل بكثير منه عند مستوى سطح البحر، على الرغم من تنظيم تدفق الهواء والبناء المُحكم.
تنخفض مستويات الرطوبة إلى أدنى مستوياتها - أحيانًا أقل من 12% - على غرار ظروف الصحراء الكبرى. في الوقت نفسه، ينخفض الضغط الجزئي للأكسجين بشكل ملحوظ. ونتيجةً لذلك، يُقلل كل نفس من كمية الأكسجين التي ينقلها الجسم، مما قد يُقلل تدفق الدم إلى الأعضاء الحسية بشكل طفيف.
الشم والتذوق.. ماذا يحدث لهما؟
تؤثر هذه التغيرات بشكل مباشر على حاستي الشم والتذوق. تتأثر حاسة الشم، التي تُمثل معظم ما نُدركه على أنه "تذوق"، بشكل خاص. تجف الممرات الأنفية، ويقل تحفيز مستقبلات الشم، ويضعف نقل معلومات الروائح إلى الدماغ. كما تُصبح حاسة التذوق - المسؤولة عن تمييز النكهات الحلوة والمالحة والحامضة والمرة - باهتة.
وجدت دراسة أجرتها لوفتهانزا أنه على ارتفاع 30,000 قدم، تنخفض حاسة إدراك النكهات الحلوة والمالحة بنسبة 30% إلى 40% مقارنةً بالطائرة على الأرض.
في المقابل، تتأثر الأطعمة والمشروبات التي تميل إلى المرارة والتوابل بشكل أقل بكثير، مما يُفسر لماذا غالبًا ما تكون أطعمة مثل عصير الطماطم أو الكاري الحار أفضل مذاقًا أثناء الرحلة.
للتعويض عن هذا التحول الحسي، اضطرت شركات الطيران إلى تعديل قوائم طعامها. فالأطعمة التي تبقى طرية - مثل المعكرونة والأرز والأسماك - تميل إلى الاحتفاظ بقوامها بشكل أفضل في هواء المقصورة الجاف.
في المقابل، تفقد الخضراوات الطازجة قرمشتها، وتجف اللحوم بسرعة، ويجب تتبيل الصلصات بكثافة أكبر - أحيانًا بضعف الكمية - لتحقيق نفس النكهة التي تُختبر على الأرض.
تحافظ اليخنات الغنية والصلصات السميكة والحساء الدسم على نكهتها بشكل أفضل، ولذلك يتم تقديمها بشكل أكثر شيوعًا، خاصة في درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى.
الأطعمة والمشروبات المتأثرة بظروف الطيران
هناك تحدٍ آخر يتمثل في الرائحة. ففي المجال الجوي المغلق للطائرة، تنتشر الروائح النفاذة بسرعة وتبقى لفترة طويلة. ونتيجةً لذلك، غالبًا ما تتجنب شركات الطيران تقديم أطعمة ذات روائح نفاذة - مثل السمك المدخن أو الثوم الطازج أو الجبن المعتق - حتى لو كان طعمها أفضل أثناء الرحلة. فالانزعاج المحتمل للركاب يفوق الاستمتاع بالنكهة.
التعليقات