تنتشر في الأراضي الفلسطينية عشرات المحطات التلفزيونية والإذاعية الخاصة، وتعلن غالبيتها أن من أهدافها تحقيق التنمية في المجتمع، إلا أن مساهمات تلك المحطات في التنمية المجتمعية ما زالت محدّدة جدًّا، وتكاد معظم البرامج التي تُبث عبر تلك المحطات تكون متشابهة من حيث المضمون، حتى أن الأفكار في أحيان كثيرة تكون منقولة من وسائل إعلام عربية وأجنبية.


يساهم الاعلام الفلسطيني وبخاصة المرئي والمسموع بشكل محدود في تنمية المجتمع على الرغم من وجود أكثر من 60 وسيلة إعلامية من المسموع والمرئي الخاص والعام في فلسطين وفق احصاءات غير رسمية بفعل توقف بعض المحطات عن البث لاسباب ذاتية او عدم تجديد تراخيصها من الجهات الرسمية. وتعود محدودية مساهمة الاعلام الفلسطيني في تنمية المجتمع المحلي وفق ما يراه عدد من القائمين على هذه المحطات الاذاعيّة والتلفزيونيّة لأسباب عديدة من اهمها افتقارها الى التمويل للخروج ببرامج تنموية شاملة ومفيدة، علمًا أن بعض البرامج التنموية التي تبثها هذه الوسائل تعتبر ناجحة وموصلة للرسالة الاعلامية التنموية حسب رأي معديها او ادارات هذه المحطات. على اعتبار ان هذه البرامج التنموية ممولة من قبل مؤسسات دولية او شركات اقتصادية محلية غير مشروطة بمعنى ان راعي البرنامج لا يتدخل في آلية وضع البرنامج والمادة الاعلامية التي يطرحها البرنامج او حتى اوقات بث البرنامج التنموي.

وتعرّف معظم وسائل الاعلام المحلية الفلسطينية، وبخاصة الاعلام المرئي والمسموع، عننفسها على انها وسائل تحمل رسائل اعلامية وتنموية للمجتمع غير ان معظم البرامج التي تبثها او تقوم ببثها تكون متشابهة من حيث المضمون او المادة الاعلامية او تكون افكارها منقولة عن وسائل اعلام عربية او اجنبية كمحاولة منها للتقليد او ايجاد الجديد او تقديم برامج متميزة للمشاهد او المستمع تشكل نوعًا من المنافسة مع غيرها من وسائل الاعلام ولكنها (اي تلك البرامج) تكون في مجملها خالية من عنصر الابداع والتشويق وهكذا.

(الراعي لا يتدخل)
وقال وليد نصار المدير التنفيذي ومنسق البرامج في اذاعة اجيال برام الله في لقاء خاص مع( ايلاف): ان البرامج التنموية التي تبث عبر الاذاعات ووسائل الاعلام بشكل عام تشارك في صياغة القرارات بشكل غير مباشر، مشيرًا الى ان اذاعة اجيال ومنذ تأسيسها تقدم برامج تساهم في تنمية المجمتع وفقًا لامكانياتها، منوّهًا ان الاذاعة تجاوزت الان بعد مرور 11 عامًا على تأسيسها مرحلة ارضاء المسؤولين ولم يعد من مجال لذلك المسؤول في التهرب من المسؤولية الملقاة عليه، وبخاصة في حل المشاكل الاجتماعية التي يتقدم بها المواطنون عبر الاذاعة، معتبرًا ان الاذاعة تقدم برامج مباشرة ومتواصلة مع الجمهور وتكون حلقة الوصل بين المواطن والمسؤول رافضا الاقرار بوجود برامج موجهة للمجمهور وانما برامج توجيهية وتنموية وان المستمع هو الذي يحكم ان كانت تلك البرامج ناجحة ام لا ...؟

وقال نصار : اننا نعيش في عصر سرعة نقل الحدث وتسابق وسائل الاعلام الى متابعته، لذا فإنّ هذه الظروف نفرض علينا ان نعمل 24 ساعة متواصلة، نافيًا في الوقت ذاته أن يكون للممول راعي البرنامج دور في صياغة المادة الاعلامية التي تكوّن البرنامج، لان بنود الاتفاق مع الراعي تنص على عدم التدخل في ذلك، ولا حتى في وقت بث البرامج التنموية والتي غالبًا ما تكون في ساعات الذروة اي خلال ساعات الصبح وقبل الظهر على اعتبار ان الاذاعات اكثر استمعانًا خلال الفترة الصباحية، وقال ان من بين البرامج الناجحة للاذاعة برنامج الفترة الاخبارية الصباحية والذي يبدأ من الساعة السابعة والنصف صباحًا ثم برنامج مع الصباح وهو مخصص للاستماع الى مشاكل الناس واخذ راي المسؤولين فيها لحلها ومدته 45 دقيقة. فهو برامج مميز وناجح ويلاقي تعاونًا وتجاوبًا من المسؤولين ويساهم في حل مشاكل الناس وبخاصة في القرى والتي تعاني من الاستيطان وبناء الجدار الاسرائيلي فعلى سبيل المثال نجح البرنامج في توفير مركز طبي لقرية في محافظة بيت لحم تسمى قرية العبيدية خلال فترة زمينة قصيرة وغيرها من القضايا المجتمعية التي تم خلالها عبر البرنامج والبرامج الاخرى معتبرا ان الاذاعة تتعرض لانتقادات من قبل بعض المسؤولين على بعض القضايا والمساءل ولكنها اي الاذاعة لا تتعرض لاي نوع من المضايقة سواء الرسمية او الاهلية.بالاضافة الى برنامج بعنوان رفعت الجلسة له علاقة بالثقافة القانونية والمحاكم والراي العام وهناك برامج اخرى منوعة وتساهم جميعها في تنمية المجتمع المحلي .

وخلص نصار الى القول : ان اذاعة اجيال تأسست عام 99 وتتبع لشركة البكري للبث الاذاعي بمدينة رام الله والتي يتبع لها ايضا راديو انغام ضمن ذات الشبكة الاذاعية ويصل ارسالها،اضافة الى كافة الاراضي الفلسطينية كل من الاردن واجزاء من لبنان وسوريا ومصر بالاضافة الى بثها عبر موقع الانترنت بهدف التواصل مع الجالية الفلسطينية والعربية في العالم.

( برنامج تكسي مثير للاهتمام)
اما عن اذاعة راية اف ام والتي بدأت عملها عام 2007 من مدينة البيرة والملاصقة لمدينة رام الله فقال ايهاب الجريري مدير البرامج فيها ل( ايلاف): ان اذاعة راية هي مشروع يهدف الى المساهمة في عملية التنمية المجتمعية وفي خلق اعلام محلي قادر على الارتقاء بمسؤولياته نحو الفرد والمجتمع مشيرا الى ان الاذاعة تؤمن بحرية الوصول الى المعلومة كنعصرا اساسيا للشعب الفلسطيني الذي يمر بمرحلة بناء دولته المستقلة وتعتبر نفسها اذاعة حيادية تعمل على ترسيخ مفاهيم حرية الراي والموصوعية كاسس لبناء مجتمع فاعل يساهم في ارساء قواعد الديمقراطية وغيرها من مقومات المجتمع المدني الحديث.

مضيفا الى ان اذاعة راية لديها العديد من البرامج التنموية والتي تخدم المجتمع المحلي وتتفاعل معه وتشكل همزة الوصل بين المواطن والمسؤول,مشيرا الى ان برنامج ( تاكسي) الذي يعده ويشرف عليه يعتبر من اهم البرامج التنموية والتي تتعرض لمشاكل وهموم السائقين العمومين وهو قطاع مهم في فلسطين ومشاكله مع رجال الشرطة والامن بالاضافة الى برنامج مع الناس والذي يتلقى شكاوى الناس وبخاصة فيما بتعلق بمشاكل الناس مع الدوائر والمؤسسات الرسمية وتابع الجريري: ان هذه البرامج تهدف الى خلق نوعا من الجرأة عند المواطن الذي يتخوف من الحديث عن مشكلاته خصوصا المظلومين منهم فيتم الحديث عن مشكلات عديدة واستضافة المسؤولين والحديث معهم ومحاولة تقديم المساعدة لكل من يتصل .
وقال الجريري: ان لدى الاذاعة توجهات من اجل تفعيل هذه البرامج المباشرة مع الناس ليصبح المواطن هو الذي يسأل المسؤول وليس يتذمر فحسب, وذلك خلال العام المقبل 2010،اضافة الى رزمة برنامج جميعها تدخل ضمن نطاق البرامج التنموية والتي تبث في معظمها خلال ساعات الذروة .

وحول تعرض البرامج للاحتجاجات قال الجريري: اننا نواجه بعض الانتقادات من قبل الجهات الرسمية ولا نتعرض لاي تهديدات من اي جهة كانت وهذه الانتقادات تصب في مجملها على استخدام مصطلحات لا تصلح والذين يحتجون عليها هم رجال الشرطة ومسؤولي الاجهزة بالاضافة الى احتجاحات من قبل بعض المواطنين كما وان لدينا برامج اقتصادية تساهم في التنمية الاقتصادية وبرامج عن العدوان على غزة العام الماضي بالاضافة الى اننا نعالج قضايا سياسية باسلوب درامي وكوميدي .

برنامج رأي عام
اما تلفزيون (وطن) ومقره الرسمي في مدينة رام الله فقد اطلق مؤخرا برنامجا تنمويا بعنوان (راي عام) ويهدف الى خلق راي عام فلسطيني في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويعتمد على استضافة شخصيات سياسية وعامة واستقبال المشاركات الحية من الجهمور للادلاء بارائهم في المواضيع التي يطرحها البرنامج والتي لها علاقة بالتنمية باشكالها المختلفة تلبية لحاجة المواطن الفلسطيني لنافذه حرة وجرئيه ليعبر من خلاله عن قضاياه المختلفة الوطنية والاجتماعية ولااقتصادية على حد سواء وابداء رايه في بناء مستقبله وايصال صوته لمستويات ودوائر صنع القرار في المؤسسات الفلسطينية كافة.