رغم مرور عشرة أعوام بالتمام والكمال على ذكرى أحداث أيلول/سبتمبر عام 2001، لا تزال هناك تساؤلات تطرح بإلحاح بخصوص قدرة وجهوزية الولايات المتحدة الأميركية على منع حدوث عمل إرهابي آخر، خصوصًا وأنّ حالة السلم باتت هي الاستثناء منذ ذلك التاريخ.


مخاوف تجاه جهوزية الولايات المتحدة للتصدي لاعتداءات ارهابية مماثلة لاعتداءات أيلول

واشنطن: في وقت أَجبَرت فيه هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر المسؤولين الأميركيين على إعادة تقويم وجهات نظرهم بشأن الوضع الأمني في البلاد، لا تزال هناك تساؤلات بشأن قدرة وجهوزية البلاد على منع حدوث عمل إرهابي آخر، وذلك رغم مرور عشرة أعوام بالتمام والكمال على ذكرى أحداث أيلول/ سبتمبر عام 2001.

وشبَّهت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الحالة التي تعيشها أميركا منذ ذلك الحين بأنها حقبة حرب لا نهاية لها.

ودللت في هذا الإطار على التداعيات التي مازالت تحظى بها أحداث أيلول/ سبتمبر بذلك المُجمَّع، الذي يعتزم الجيش الأميركي افتتاحه عمّا قريب في فورت كامبل في ولاية كنتاكي بتكلفة قدرها 31 مليون دولار لاستقبال الجنود المصابين وهؤلاء الذين أنهِكت أجسامهم بعد عقد من المشاركة في الحروب.

مضت الصحيفة تقول إن أعمال البناء الجارية الآن لهذا المجمع يمكنها أن تحكي قصة اعتناق أميركا لتلك الحرب التي لا نهاية لها طوال فترة السنوات العشرالتي مرت على البلاد منذ وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر في العام 2001.

بينما كان ينظر الجيش والشعب الأميركي طوال العقود الماضية إلى الحروب على أنها انحراف، وإلى السلام على أنه العرف السائد. وطبقاً لما ورد في آخر تقويم أعدّه البنتاغون للوضع الأمني حول العالم، فإن الأيديولوجيات الدينية المتطرفة، والتقنيات الحديثة، والأسلحة الفعالة الرخيصة قد أوصلت العالم إلى حقبة من الصراع المستمر.

وورد في هذا التقويم أيضاً: quot;لا ينبغي لأحد أن يتوهم بأن العالم المتقدم سيفوز بهذا الصراع في المستقبل القريبquot;.

استناداً إلى هذا المنطق، يمكن القول، وفقاً لما أكدته الصحيفة، إن حروب أميركا لن تنتهي، وأن أي حديث عن السلام يعتبر حديثاً وهمياً أو ساذجاً.

ولفتت واشنطن بوست في الإطار نفسهإلى أن وجهة النظر الجديدة بشأن الحرب والسلام أحدثت تغييرات بعيدة المدى في وكالات مثل السي آي إيه، التي بدأت تحول تركيزها من جمع المعلومات الاستخبارية إلى استهداف وقتل الارهابيين. وبداخل الجيش، لفتت الصحيفة إلى أن التحول أعاد تشكيل القواعد العسكرية، وأدى إلى إنشاء قواعد جديدة، وكذلك إلى تغيير المعنى الحقيقي للمحارب.

على الجبهة الداخلية، بدَّل الفكر الجديد وجهات النظر القائمة منذ مدة طويلة بشأن فعالية القوة العسكرية واحتمالية أن يسود السلام. وفي العقود التي تلت حرب فيتنام، صبّ الجيش الأميركي كامل تركيزه تقريباً على التدريبات من أجل التحضر لخوض حرب كبرى، لم تكن في الحسبان، مع الاتحاد السوفيتي. ورغم وقوع صراعات محدودة، مثل غرينادا وبنما وحرب الخليج، إلا أن أميركا كانت في حالة سلام إلى حد كبير.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتحقيق أميركا فوز سريع في حرب الخليج، راهن الجيش على أنه سيكون بمقدوره استخدام الأسلحة الكبرى والتكنولوجيا ذات الجودة الأعلى لضرب الأعداء كي يستسلموا على وجه السرعة.

وقال اليوت كوهين، المؤرخ العسكري الذي خدم في إدارة الرئيس جورج بوش، إن العقد الذي قضته أميركا في حربي العراق وأفغانستان قد سحق quot;التأكيدات المتعجرفةquot; لتلك الحقبة السابقة.

وقالت الصحيفة إن امتداد حقبة الحروب لفترات طويلة تسبب أيضاً في عزل الجيش الأميركي عن المجتمع. وسبق للجنرال المتقاعد دافيد بارنو، الذي قاد القوات الأميركية في أفغانستان، أن كتب مقالاً نُشِر على الموقع الإلكتروني لمجلة فورين بوليسي الأميركية، قال فيه quot;يعيش الجيش اليوم، بما في ذلك القيادة، في فقاعة منفصلة عن المجتمع. ويهدد هذا الانعزال العسكري الرائع بتعزيز ثقافة التفوق والانطواء. وهو ما يجب أن يتغير إذا أراد الجيش أن يستمر مع الشعب الأميركي دائم التنوعquot;.

وواصلت الصحيفة بقولها إن حربي العراق وأفغانستان ربما لم يحظيا بالتأثير الثقافي واسع النطاق نفسهالذي حظيت به صراعات سابقة كالحرب العالمية الثانية أو حرب فيتنام.

وأوضحت أيضاً أن الصراع اللانهائي أحدث تغييرات كبرى في الطريقة التي ينظر من خلالها الأميركيون إلى الحرب والسلام. كما أشارت الصحيفة إلى أن هيئات البنتاغون، التي أُنشِئت حديثاً لمتابعة حربي العراق وأفغانستان، من المرجح أن تبقى إلى أجل غير مسمى من أجل التعامل مع تهديدات العصر المتواصلة.

في غضون ذلك، قالت الصحيفة إن كلمة quot;السلامquot; أضحت ثمة كلمة قذرة في دوائر السياسة الخارجية لواشنطن. وأشارت هنا إلى أن أوباما لم يَعِد بإنهاء الحروب التي تخوضها أميركا، وأنه ألمح فقط إلى أن بلاده بحاجة لإيجاد طرق قتالية جديدة وأكثر فعالية من ناحية التكاليف لا تضطرهم إلى إرسال عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين لكي يتمركزوا في العديد من القرى المنتشرة في كل من العراق وأفغانستان.