باريس: استقال الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي، بطريرك الكنيسة الكلدانية ورجل السلام والبساطة المطلقة، من منصبه لبلوغه السن القانونية، في وقت لا يزال بلده العراق غارقا في الفوضى والمعاناة. وبلغ الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي وهو ايضا بطريرك بابل، ال85 من العمر وهو يترأس هذه الكنيسة منذ العام 2003.

وكان الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي الذي ولد في الموصل عام 1927، قد سيم كاهنا في العام 1952 ورقي الى رتبة اسقف مساعد لبطريرك بابل عام 1962، وقد منحه البابا بنديكتوس السادس عشر رتبة الكاردينالية عام 2007.

واراد البابا بنديكتوس السادس عشر الذي عينه ان يعطي دلالة على quot;التقارب الروحيquot; وquot;التعاطفquot; مع مسيحيي العراق من خلال تعيينه. ويبلغ عدد اتباع هذه الكنيسة حوالى ثلاثة ملايين نسمة في العالم ولم يبق منهم سوى حوالى 400 الف نسمة في العراق، حتى ان عددهم يتناقص بسبب الهجرة المستمرة من بلاده يحكمها العنف منذ نحو تسع سنوات.

وقد جاء تعيين دلي كاردينالا عندما كانت الكنيسة الكلدانية العراقية التي تعد طقوسها الشعائرية من الاقدم في تاريخ المسيحيين، تعاني من نزف بشري حاد بفعل العنف الذي لم يوفرها منذ الاجتياح الاميركي في 2003. وما زالت كذلك.

وسينتخب خلف عمانوئيل الثالث دلي خلال مؤتمر لاساقفة الكنيسة الكلدانية الذي سيعقد في 28 كانون الثاني (يناير) بدعوة من البابا بنديكتوس السادس عشر. والمطران دلي الرجل الخجول الذي يعاني حاليا من مشاكل صحية، قضى حياته في مساندة الطائفة المسيحية في العراق.

وقد انتخب دلي بطريركا للكلدان في روما وليس في بغداد في كانون الاول/ديسمبر 2003 بعد اشهر من الاجتياح الاميركي للعراق الذي ادانته الكنيسة الكاثوليكية. وحاول العمل على مصالحة العراقيين ووضع حد للصراعات الطائفية، وخصوصا حماية ابناء كنيسته الذين كانوا ولا يزالون يشكلون اهدافا للعنف.

ومن مقره الصغير في حي المنصور في بغداد، حاول البطريرك دلي طرق كل الابواب الممكنة لايجاد حل لمشكلة اللاجئين المسيحيين (عددهم ما بين 200 الف و300 الف). ونادرة هي الدول الغربية التي وافقت على فتح ابوابها لهم.

ودافع دلي عن السلام في العراق حيثما حل، لا سيما في فرنسا حيث استقبله الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في 2005، وفي روما والولايات المتحدة. ولد البطريرك دلي في شمال العراق عام 1927 واسمه الحقيقي كريم دلي، الا انه اتخذ اسم عمانوئيل منذ طفولته ودخل الى اكليريكية الرهبان الدومينيكان في الموصل. ودلي المعروف بتقواه ومثابرته وميله للعلم، سيم كاهنا في كانون الاول (ديسمبر) 1952، وحصل في روما على شهادة دكتوراه في اللاهوت.

واذ عين اسقفا العام 1962 عندما كان في الرابعة والثلاثين، بقي دلي الى جانب رعيته عبر المراحل الدامية التي عصفت بالعراق مع انهيار الانظمة وتشكيل انظمة جديدة، وصولا الى حروب الخليج. ونجا دلي صاحب اللحية البيضاء والنظارات الدائمة، مرات عدة من عمليات القصف عندما كان نائبا لسلفه البطريرك رافائيل بيداويد.