باولو غابرييل محتجز في غرفة في الفاتيكان

التزم البابا بنديكتوس الصمت بشأن اعتقال خادمه الشخصي المتورط في تسريب وثائق بابوية سرية، والمحتجز حاليًا في غرفة مؤمنة في الفاتيكان، حيث يستمر التحقيق معه. وظهرت تفاصيل عن إقالة ايتوري غوتي تديشي من منصب رئيس بنك الفاتيكان في الأسبوع الماضي.


لندن: أسدل البابا بنديكتوس الذي بدا عليه التعب خلال كلمته يوم الأحد في ميدان القديس بطرس ستاراً من الصمت، ومعه جريدة الفاتيكان الرسمية، على اعتقال خادمه الشخصي الذي وجّهت اليه رسميًا تهمة سرقة وثائق بابوية سرية.

ويُحتجز باولو غابرييل (46 عاما) في quot;غرفة مؤمَّنةquot; داخل الفاتيكان، فيما يواصل محققو الحبر الأعظم استجوابه بشأن كميات كبيرة من الوثائق الحساسة التي عُثر عليها في شقة تابعة للفاتيكان، يسكنها غابرييل مع عائلته، وكيف وصلت الى وسائل الإعلام الايطالية مصحوبة بضجة مجلجلة.

تتعلق أخطر المواد المسربة باتهامات أطلقها كبير الأساقفة كارلو ماريا فيغانو السفير البابوي في واشنطن، بتفشي الفساد وسوء الإدارة المالية في الفاتيكان.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مصدر في الفاتيكان أن اعتقالات أخرى قد تجري، فيما رفض أصدقاء الخادم المعتقل ومعلقون الفكرة القائلة إن الرجل الذي يوصف بالبساطة والتفاني في خدمة البابا، كان يعمل بمفرده.

في غضون ذلك، ظهرت تفاصيل عن إقالة ايتوري غوتي تديشي من منصب رئيس بنك الفاتيكان في الاسبوع الماضي، بما في ذلك نشر وثائق، كان تديشي آخر من أصبحت بحوزته قبل تسريبها.

لكن وسائل اعلام نقلت عن المحامي الأميركي كارل اندرسن، عضو الفريق المستقل الذي صوّت لمصلحة اقالة تديشي ان عزل رئيس البنك البابوي لا يرتبط باعتقال خادم البابا الشخصي.

واستعرض الفريق في بيان صحافي تسعة اسباب لعزله تبدأ بتخلفه عن أداء واجبات أساسية من اختصاص رئيس البنك، وتنتهي باشاعة أجواء من الاستقطاب في البنك واستعداء الموظفين والتخبط المتزايد في سلوكه.

ورفض غوتي تديشي الذي يعمل ايضًا استاذ الاخلاق في جامعة ميلانو الكاثوليكية التعليق على أسباب إقالته، قائلاً إن حبه للبابا يطغى على كل اعتبار آخر.

ولكن خسارة البابا في غضون يومين المصرفي الذي عينه عام 2009 لتنظيم مالية الفاتيكان، ثم خادمه الشخصي كرّست صورة بابا معتل الصحة ومعزول تحيطه الدسائس وصراعات تدور حول الرجل الثاني في الفاتيكان الكاردينال تارسيسيو برتوني.

وكتب الكاردينال كارلو ماريا مارتيني في صحيفة كوريير ديلا سيرا الإيطالية واسعة الانتشار quot;ان على الكنيسة... ان تستعيد على عجل ثقة اتباعهاquot;، مشيرًا الى ان البابا غُدر به كما غُدر بالمسيح، وان على الكنيسة ان تطلب المغفرة للجميع.

واقتبس البابا من العهد الجديد قائلاً إن ريحاً ومطرًا وفيضانات تضرب الكنيسة، ولكنها لن تسقط لأنها أُرسيت على أساس من الصخر. وفي كلمته يوم الأحد اشار الى العيش quot;في كتاب مقدس جديدquot;تتجاذبه نزعات بشرية وروحية متضاربة.

لكن البابا في هذا كله لم يأت على ذكر ما اصبح معروفا بفضيحة quot;فاتيليكسquot; التي قال مساعده إنها أحزنت الحبر الأعظم وآلمته. كما التزمت جانب الصمت بشأن القضية صحيفة لوسرفاتوري رومانو الناطقة باسم الفاتيكان، التي ورد اسمها في الوثائق المسربة بوصفها ضالعة في دسائس ماكيافيللية.

واستمع الى كلمة البابا يوم الأحد متظاهرون طالبوا بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة في قضية اختفاء ايمانويلا اولاندو ذاتالـ15 عامًا سنة 1983 حين كانت تعيش في الفاتيكان مع والدها الموظف في مقر البابا. وتنصح إحدى الوثائق المسربة البابا بالامتناع عن التعليق على القضية التي استحوذت على اهتمام وسائل الاعلام الايطالية، منذ اختفاء الفتاة وانطلاق حملة لمعرفة مصيرها بقيادة شقيقها باولو.

وكانت الفضيحة التي فجرها كتاب صدر قبل اسبوع متضمنا الوثائق التي تتحدث بالتفصيل عن صراعات ومكائد ودسائس وفساد على أعلى المستويات في قيادة الكنيسة الكاثوليكية. وبلغت الفضيحة ذروتها بعزل رئيس بنك الفاتيكان، ثم تأكيد اعتقال خادم البابا الشخصي بعد اتهامه بتسريب الوثائق الى الصحافيين لتشويه سمعة الرجل الثاني في الفاتيكان.

وقال اندرسن عضو الفريق الذي قرر عزل غوتي تديشي رئيس بنك الفاتيكان انه quot;لو كتُب هذا في رواية خيالية لما صدقه المرءquot;.

وسببت فضيحة quot;فاتيليكسquot; إحراجا كبيرا للفاتيكان، في وقت يحاول ان يُري الأوساط المالية العالمية انه فتح صفحة جديدة وتجاوز سمعته السابقة بوصفه ملاذا للمتهربين من دفع الضرائب تلاحقه الفضائح.

لكن مراقبين اشاروا الى أن الوثائق المسربة قوّضت هذه المحاولة، بما توجهه من اتهامات بالفساد في انشطة الفاتيكان المالية والمماحكات الداخلية حول مساعي الحبر الأعظم إلى الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وسيعرف الفاتيكان في تموز (يوليو) إن استوفى معايير الشفافية المالية التي وضعها مجلس أوروبا. وتعتبر شهادة حسن السلوك هذه خطوة أساسية في جهود الفاتيكان من أجل ادراجه على ما يُسمى quot;القائمة البيضاءquot; للدول التي تتقاسم المعلومات المالية في مكافحة التهرب من الضرائب.