أكدت بريطانيا التزامها بأمن دول الخليج وتعزيز استقرارها وإجراء قدر أكبر من التشاور مع حكوماتها حول السياسة الخارجية.


وجد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في quot;حوار المنامةquot; مناسبة لتقديم عرض شامل لسياسة بلاده للعام 2014 في المنطقة، وقال إن quot;الكثيرين يصفون الشرق الأوسط بمنطقة المشاكل، أما نحن فنعرفها كمنطقة إنجازات وفرصٍ هائلة أيضاً. ولهذا السبب دعمنا مبادرة دبي لاستضافة معرض إكسبو 2020 العالميquot;.

وقال هيغ: إنني أومن إيمانًا قوياً بأن على المملكة المتحدة والدول الغربية الأخرى أن تواصل بل وتعزز التزامها بالاستقرار في الخليج. وها نحن نبرهن على هذا الالتزام هنا في البحرين.

وأضاف امام دول الخليج العربية: ها نحن وبفضل ضيافتكم الكريمة، يقلع سلاح الجو الملكي في سمائكم منذ 70 عامًا، وحيث تجول دوريات البحرية الملكية في مياهكم منذ قرابة 80 عامًا، وحيث كاسحات الألغام البريطانية التي تعتبر من الأكثر تقدُّماً في العالم ترسو هنا الآن وتظل على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تهديدٍ لأمن هذه المنطقة.

وأكد الوزير البريطاني: اننا نعمل على توسيع تعاوننا في مجال الدفاع والأمن مع دول الخليج بشكل مدروس ولأمد طويل ليشتمل على أمن الإنترنت والمعلومات ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى التنسيق بين قواتنا المسلحة.

وأشار هيغ إلى أن بريطانيا تعكف حاليًا على إجراء قدْرٍ أكبر من التشاور مع حكومات دول الخليج حول السياسة الخارجية، وتبذل قدْراً أكبر من الجهد المنسَّق لبناء علاقات اقتصادية بين المملكة المتحدة والمنطقة، مرحبًا في هذا الصدد بنمو التجارة المتبادلة مع الخليج بنسبة 30% في مجال السِّلع في السنتين الأخيرتين فقط.

الشرق الأوسط

وحول الشرق الأوسط بشكل عام، قال وزير الخارجية البريطاني: كان عام 2013 هو العام الذي شهد بحق أهمية وقيمة الدبلوماسية. فقد قمنا معًا هذه السنة، وبكل ما أوتينا من قوة، بدفع عجلات الدبلوماسية الخاصة بعملية سلام الشرق الأوسط وسوريا وإيران، وهي قضايا مرت بحالة من الجمود لعدة سنوات، وفي حالة إيران لعقد من الزمن تقريبًا.

وأضاف هيغ: رسالتي هذه الليلة هي أنه بعد الجهد الجبار الذي بذلته دول كثيرة جدًا خلال عام 2013 لضمان دوران هذه العجلات، فإن علينا أن نضع أكتافنا من ورائها لتستمر في الدوران خلال عام 2014.

وفي الآتي تنشر (إيلاف) أبرز النقاط التي أوردها وزير الخارجية حول سياسة بلاده حول قضايا الشرق الأوسط:

السلام الفلسطيني الإسرائيلي

أولاً، لا بدَّ أن تكون سنة 2014 هي السنة التي يجب أن يقترب خلالها تحقيق الوعد بحل الدولتين ليصبح فعلاً في متناول اليد. وإنني أثني هنا على وزير الخارجية الأميركي لقدرته القيادية المتميزة التي أدت لأن يصبح استئناف المفاوضات أمراً ممكناً، وعلى رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس لتحليهما بالشجاعة لبدء العملية التي علينا الآن ألا نسمح بتعثرها، لأنها إذا تعثرت واستمر خلق الأمر الواقع على الأرض، فإن إمكانية تحقيق حل الدولتين سوف تختفي إلى الأبد. إن المطلوب من الطرفين قدرٌ من الشجاعة والحسم، وعلى الاتحاد الأوروبي والدول العربية أن يكونوا مستعدين للقيام بدورهم في توفير الحوافز اللازمة للتوصل إلى تسوية.

سوريا

ثانيًا، علينا العمل لكي يكون عام 2014 هو العام الذي نتجاوز به المرحلة الصعبة ونبدأ بإحراز تقدم بشأن الصراع في سوريا. والاتفاق على التخلص من أسلحة سوريا الكيميائية، وعلى تحديد موعد لانعقاد مؤتمر جنيف 2 للسلام في 22 كانون الثاني (يناير) قد نتجا عن وجود بصيص من الضوء.

إن إنهاء الصراع في سوريا سيكون مهمة بالغة الصعوبة وتتطلب من الأطراف أنفسهم إدراك أن ما سيكسبونه من التفاوض يفوق كثيراً ما يحققه القتال بينهم.

لكن علينا محاولة أن يكون عام 2014 حاسماً، حيث إن لم نفعل فإننا قد نواجه أزمة إنسانية ربما تصبح خارج نطاق السيطرة. وإذا استمر تدفق اللاجئين بالمعدلات الحالية فإن أكثر من 4 ملايين سوري قد يصبحون لاجئين بحلول نهاية العام القادم. ذلك يعني أن خمس تعداد سكان سوريا سيكونون خارج حدودها، إلى جانب سقوط المزيد من القتلى، وتدمير أكثر للمجتمع السوري، والمزيد من الألم للنساء والأقليات، بل ويعني مواجهة تسلق جبل أكبر للتوصل لإنهاء القتال. والمجتمع الدولي، في الوضع كما هو حاليًا، لا يستطيع مواكبة تطورات الأزمة. والأموال من حملة الإغاثة التي دعت إليها الأمم المتحدة مازالت أقل 40% من المطلوب، وهذه النسبة على وشك أن تزداد مجددًا.

ونحن في المملكة المتحدة قدمنا 500 مليون جنيه استرليني من المساعدات الإنسانية، وإنني أدعو الدول الأخرى لأن تؤدي دورها كاملاً خلال مؤتمر المانحين الذي سيعقد في الكويت بمنتصف شهر يناير (كانون الثاني).

وعلاوة على ذلك، إذا ما واصل الصراع في سوريا المنحنى الذي يسير عليه حاليًا، فإن سوريا نفسها سوف تتفكك مع نمو التطرف فيها، ما يولد مساحة غير قابلة للحكم في صميم الشرق الأوسط، هذا إلى جانب زيادة تدفق اللاجئين ونمو خطر الإرهاب. وسيكون جيران سوريا في مواجهة مباشرة لهذا التدهور الكارثي في الصراع، كما سيشكل ذلك تهديدًا خطيرًا محتملاً لأمن أجزاء أخرى من العالم، بما فيها أوروبا.

مواجهة دمار سوريا

وبمواجهة خطر دمار سوريا ووجود كارثة إنسانية في المنطقة، فإن الحل السياسي هو بلا شك من مصلحة الشعب السوري والعالم أجمع. حيث أنه سيتيح للسوريين التوحد واسترداد بلدهم من الذين استغلوا هذا الصراع لصالحهم.

كما أنه سيهيئ أسس تعافي المجتمع السوري بما لديه من جذور ممتدة إلى تاريخ قديم وتقاليد من الاعتدال والتسامح. وذك يعني أن يتمكن المجتمع الدولي من توجيه موارده لأجل المساعدة في إعادة إعمار سوريا بدل أن تكون موجهة فقط للتخفيف من أزمة اللاجئين من دون أن تكون لها نهاية.

وحيث أن النجاح يعتمد بالنهاية على الأطراف أنفسهم، فإن الضغوط لأجل إنجاح مؤتمر جنيف بحاجة لأن تأتي من داخل سوريا ومن خارجها على حد سواء. وبالتالي على كل من النظام والمعارضة الذهاب إلى جنيف في 22 يناير وهم على استعداد لتقديم التنازلات الضرورية لبدء التفاوض على إنهاء الصراع بناء على ما ورد في إعلان جنيف العام الماضي: تشكيل جهاز حكم انتقالي يتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية ويضم ممثلين عن النظام والمعارضة، ويكون تشكيله بالاتفاق بين الطرفين - وذلك يجعل من المحال أن يكون للأسد وللمقربين منه أي دور في مستقبل سوريا.

إيران

وثالثاً، لابد وأن يكون عام 2014 هو العام الذي نطبق فيه خطة العمل المشتركة التي اتفقنا عليها مع إيران، وأن تحقق النجاح في التفاوض على الوصول لاتفاق شامل.

إننا ندرك ونرحب بتغيير اللهجة والمضمون لدى الحكومة الإيرانية الحالية مقارنة بالتي سبقتها بشأن المسألة النووية. وقد لمست من واقع تعاملي مع وزير الخارجية ظريف صدق رغبته بالتوصل لاتفاق دبلوماسي. وعلينا استغلال قوة الدبلوماسية بالكامل. فالبدائل هي مضي إيران في طريقها الحالي لتطوير برنامجها النووي أو وجود خطر حقيقي لنشوب صراع في المنطقة لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

إن ما اتفقنا عليه في جنيف الشهر الماضي كان اتفاقاً قوياً موقتًا يوقف تطوير برنامج إيران النووي، بل ويؤدي للتراجع في بعض اوجهه، في مقابل تخفيف محدود للعقوبات، وهو يضع مبادئ الاتفاق الشامل النهائي.

سبب القلق

إن تلك ما هي إلا الخطوة الأولى، ونحن ندرك سبب القلق لدى البعض. لكنها دون شك خطوة كبيرة تجاه تعزيز أمن منطقة الشرق الأوسط بأكملها. ومن الضروري جدًا الآن أن نضمن الالتزام التام بالمراقبة والتنفيذ من كافة الأطراف، وأن نواصل تطبيق العقوبات الكثيرة المتبقية ضد إيران لكي يكون لديها كل حافز للتوصل لاتفاق شامل، وأن نبذل كل جهدنا لإيجاد الحلول التي من شأنها أن تضمن عدم تطوير إيران للأسلحة النووية، وأن تثق الدول المجاورة لها والمجتمع الدولي بالترتيبات المطبقة.

وإنني أؤكد لكم بأن هذا الاتفاق بالنسبة لنا في المملكة المتحدة لا يوحي أبداً بأي تراجع عن التزامات القوى الخارجية تجاه حلفائنا في المنطقة أو تجاه أمن خطوطها الملاحية الحيوية، أو تجاه الكفاح ضد الإرهاب. فالتواصل مع إيران بشأن برنامجها النووي يجب ألا يُفسَّر على أنه يتيح لها أن تفعل ما تشاء في ما يتعلق بالقضايا الأخرى في المنطقة.

ليبيا، تونس، مصر واليمن

إن تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي المستقر في كل من ليبيا وتونس ومصر واليمن، بما في ذلك وجود حكومات فيها تكون ممثلة لمختلف طوائف المجتمع وتخضع للمساءلة، ربما يستغرق جيلاً كاملاً. والتفجير المقزز الذي وقع يوم أمس في اليمن يبين مدى عظم التحديات الأمنية فيه. يجب ألا يُسمح لمن يحاولون زعزعة عملية الانتقال السياسي في اليمن أن ينجحوا في مسعاهم. وعلينا مواصلة مساعدة أصدقائنا اليمنيين في هذه العملية، وبنفس روح التعاون بين الخليج والغرب، واتباع توجه وأفكار القيادة المحلية. وإنني أشيد بهذا الصدد بجهود مجلس التعاون الخليجي وقيادة المملكة العربية السعودية.

ليس هناك من بديل للعملية البطيئة المضنية في بناء مؤسسات مستقلة وتهيئة الفرص الاقتصادية وتحسين ظروف حقوق الإنسان والمشاركة السياسية في كافة هذه الدول. ولسوف نواصل تقديم دعمنا العملي لهذه الدول التي شهدت انطلاق الثورات فيها، بينما نحترم الدول التي تشهد التغيير عبر تطوير أنفسها.

فرص اقتصادية

إن هذه المنطقة التي فيها فرص اقتصادية واجتماعية هائلة - والتي تعتبر محرك العالم مستقبلاً - سوف يتلألأ بريقها أكثر فقط حين تدور عجلات الدبلوماسية هذه. لذا علينا أن نأمل بأن نجعل 2014 العام الذي نتجاوز فيه المرحلة الصعبة في الصراع السوري، ونقترب أكثر من حل الدولتين في عملية السلام في الشرق الأوسط، ونبذل كل الجهود الممكنة للتفاوض على تسوية شاملة مع إيران بشأن برنامجها النووي. فإن فعلنا كل تلك الأمور فإننا بذلك سنوسع بصيص النور الذي أشرت إليه سابقًا، وسيكون لذلك أثر هائل على الفرص المستقبلية للمنطقة وكافة أصدقائنا فيها، بل وأيضاً على سلام وأمن العالم أجمع.

وختم وزير الخارجية البريطاني بتوجيه الاحترام الأخوي الصادق لولي عهد البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة باعتباره صديقاً كبيراً للمملكة المتحدة، ونظراً لقيادته الرشيدة لبلاده حيث يؤسس للاستقرار طويل الأمد الذي يستحقه البحرينيون.

وأشار وزير الخارجية عن العلاقة التاريخية عميقة الجذور بين المملكة المتحدة ومملكة البحرين، والتي ترجع إلى 200 عام تقريبًا، وتطرق إلى المستقبل الزاهر للبحرين وإلى مجالات التعاون التي تتجدد وتتنامى طيلة الوقت بين البلدين.