برلين: تفتتح الاثنين في ميونيخ واحدة من اكبر محاكمات النازيين الجدد بعد الحرب العالمية الثانية في المانيا، بعد تأجيلها بسبب جدل، للبت في تسع قضايا تتعلق بقتل اجانب وصفتها المستشارة انغيلا ميركل بانها عار لالمانيا.
ومنذ اسابيع يثير تنظيم المحاكمة وخصوصا توزيع الاماكن المخصصة لوسائل الاعلام جدلا حادا في قضية تميزت اصلا بسلسلة فضائح حول التحقيق ما ادى الى تأجيل بدئها الذي كان مقررا في 17 نيسان/ابريل، الى السادس من ايار/مايو الجاري.
وفي البداية لم تخصص محكمة ميونيخ مقاعد لوسائل الاعلام التركية في حين ان ثمانية من الضحايا هم من الاتراك او من اصل تركي، ما تسبب بازمة دبلوماسية صغيرة بين برلين وانقرة.
لكن بعد ان طلبت منها المحكمة الدستورية اعادة النظر في موقفها، قررت المحكمة في اللحظة الاخيرة تأجيل المحاكمة ووزعت بالقرعة المقاعد الخمسين المخصصة لوسائل الاعلام. لكن الجدل لم يتوقف، لاسيما وان مجلة نسائية واذاعات موسيقية حصلت على اماكن وليس بعض ابرز الصحف الالمانية او وكالات الانباء الدولية.
وهذه المحاكمة لا تضاهيها اخرى من حيث حجمها منذ محاكمة quot;عصابة بادر ماينهوفquot; قبل 36 عاما. وفي اواخر نيسان/ابريل اعتذرت المانيا رسميا في الامم المتحدة عن الاخطاء التي ارتكبت اثناء التحقيق، معترفة بان عمليات القتل العنصرية هذه تشكل quot;بدون ادنى شك احدى اخطر انتهاكات حقوق الانسان في العقود الاخيرة في المانياquot;.
وتواجه المتهمة الرئيسية بياتي شابي (38 عاما) عقوبة قاسية بالسجن، وتحاكم للاشتباه بمشاركتها في تسع عمليات قتل لاجانب اضافة الى قتل شرطية في 2007. كما يشتبه بضلوعها في اعتداءين على جاليات اجنبية و15 عملية سطو على مصرف، بحسب محضر الاتهام. وقد اعلن احد محاميها انها لا تعتزم التعبير عن موقفها من الوقائع المنسوبة اليها فيما تلتزم الصمت منذ سنة ونصف السنة.
اما شريكاها اوفي بونهارت (34 عاما) واوفي موندلوس (38 عاما) وهما متهمان بالقتل فانتحرا في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وشكل الثلاثة خلية النازيين الجدد quot;سرية-القومية الاشتراكيةquot;.
كما يحاكم اربعة اشخاص يشتبه في تقديمهم مساعدة لوجستية لهؤلاء.
ويدعي ما لا يقل عن 77 شخصا بالحق المدني بمواكبة خمسين محاميا. وسيتم استدعاء ستمئة شاهد الى المنصة للادلاء باقوالهم في اطار هذه المحاكمة التي قد تستغرق سنتين ونصف السنة.
وستسعى المحكمة الى الاجابة على سؤالين يؤرقان المانيا منذ الكشف عن القضية: كيف تمكن هؤلاء النازيون الجدد الثلاثة الذين كانوا يخضعون لمراقبة اجهزة الاستخبارات منذ اواخر التسعينات من التحرك طوال هذه الفترة من دون قلق؟ وكيف بقيت عدة عمليات قتل تجار صغار بلا اي تفسير طوال اكثر من عقد؟
ولخصت صحيفة در شبيغل الاسبوعية الامر بقولها quot;طوال سنوات، لم ينتفض احد ضد هذه الجرائمquot;.
وقتل ثمانية مواطنين اتراكا او من اصل تركي ويوناني واحد بين التاسع من ايلول/سبتمبر 2000 والسادس من نيسان/ابريل 2006.
وارتكبت عمليات القتل هذه في مقاهي انترنت ومحال للخضار والفاكهة ومطاعم كباب عبر البلاد وبالسلاح نفسه. لكن الشرطة لم تحقق في اي من هذه الجرائم بجدية في اطار سيناريو معاداة الاجانب.
بل على العكس تم الاشتباه بعائلات الضحايا التي سيحضر بعضها المحاكمة، وخضعوا للضغوط والتهديدات.
وقالت سمية شيمشك quot;طوال 11 عاما لم يكن لدينا الحق في ان نكون ضحاياquot;. وقد قتل والدها امام كشك للزهور يديره واتهمت والدتها لاحقا بقتله.
وخلال مراسم احياء ذكرى الضحايا العام الفائت وجهت ميركل اعتذارات علنية الى العائلات المتهمة خطأ. وقالت ان تلك الجرائم quot;عار لبلادناquot;.
وفي المحكمة في ذاك اليوم روى اسماعيل يوزغات كيف توفي ابنه البالغ 21 عاما بين ذراعيه برصاصتين في الرأس. اما دافع جلاديه، فلم يكن الا كره الاجانب.
واتضحت معالم القضية في النهاية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 بالصدفة. فقد عثر شرطيون في كارافان على جثتي بونهارت وموندلوس اللذين فضلا الموت على تسليم نفسيهما بعد فشل عملية سطو على مصرف.
بعد ساعات احرقت بياتي شابي شقتهم، وسلمت نفسها بعد اربعة ايام.
في هذا الوقت ربطت الشرطة بين القضيتين واكتشفت في حطام الشقة السلاح المستخدم لقتل المهاجرين التسعة. كما عثرت على قرص فيديو رقمي يتبنى فيه الثلاثة جرائمهم.
في الاشهر التالية اكتشفت المانيا اخفاقات التحقيق واتهم جهاز الاستخبارات الداخلية بالاهمال وحتى بالعنصرية. كما شكلت لجنة تحقيق برلمانية.