منذ أن استلم كيم جونغ أون الحكم في كوريا الشمالية، لم يستقبل أحدًا من زعماء العالم، ويبقى الرجل الغامض الذي يتوقف عليه مستقبل البلاد الاقتصادي.


على الرغم من أن كوريا الشمالية، أكثر الدول سرية في العالم، بلاد معتادة على كيم جونغ أون الفريد من نوعه، إلا أن المراقبين يخشون من أن تكون شخصيته الحادة خطيرة جدًا، لا سيما وأنه يجلس على قمة سلالة معزولة وقمعية وتملك أسلحة نووية.

ما يزيد من هذا التخوف هو عمليات التطهير في الشمال في العام الماضي، وعدد من الإعدامات العلنية، كان آخرها عندما أمر كيم بإعدام عمه جانغ سونغ ثايك، الذي كان يعتبر محاورًا واعدًا مع الصين، ومقربًا من زعيم البلاد الراحل كيم جونغ إيل. وتم تفسير هذه الخطوة على نطاق واسع بأنها لحظة انتقالية من التوجيهات التي وضعها الاب لإبنه.

الزعيم الثلاثيني (لا أحد يعرف عمره الدقيق) يواجه معضلة صعبة ورثها عن جده وأبيه: على كوريا الشمالية أن تنفتح وتجري إصلاحات ضرورية لتصبح قابلة للحياة اقتصاديًا، وإلا تنهار. أما الخطر الآخر فيتمثل في أن التغيير الحقيقي سوف يقوض نظام الولاء، الذي يوفر الأساس المنطقي لوجود عائلة كيم، ما يعني أن التغيير قد يجلب الانهيار.

الدولة الصعبة

نقلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور عن سكوت سنايدر، من مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، قوله: quot;لا أحد يعرف التوازن الذي تقوم عليه كوريا، لكن بالتأكيد يمكننا القول إنه لا يوجد توازن، فالبلاد ليست قريبة من السلام إطلاقًا، تدفع شبه الجزيرة نحو المواجهةquot;.

قبل عامين، عندما تولى كيم مقاليد الحكم، بدا بمثابة القائد الإصلاحي في أول خطاباته، لكن كل هذا تبدد في الربيع الماضي، عندما أثار قلق العالم عن طريق اختبار صاروخين وجهاز نووي. وعندما استجابت الأمم المتحدة بفرض عقوبات، هدد كيم بحرق القواعد العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ وعدد من المدن الأميركية، جنبًا إلى جنب مع سيول، عاصمة كوريا الجنوبية.

يتفق المحللون أن كيم جونغ أون استلم دولة صعبة. فكوريا الشمالية تحمل إرث الأب والجد من قبله، وبالتالي يتبع نهجًا صعبًا قد يكون السبب في كل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى العزلة التي تتسم بها.

شخصية غامضة

السؤال الذي يطرح هنا هو ما إذا كان كيم جونغ أون على استعداد لتغيير نهج الحكم الموروث. لكن، بما أن الزعيم الغامض شخصية مثيرة للجدل وغير واضحة، فإن الإجابة عن هذا السؤال تبقى في سياق التكهنات.

لا أحد يعرف الكثير عن شخصية كيم، ليتمكن من التنبؤ بتصرفاته، لكن يقول بعض محللي النفس أنه شاب خجول ومدلل ويحب ألعاب الفيديو والأفلام الأميركية، وهي هواية يبدو أنه أخذها عن والده الذي كان يملك مجموعة من 20 ألف قرص (دي في دي).

ويقول بيتر هايز، مدير معهد نوتيلوس في بيركلي - كاليفورنيا، إن كيم جونغ أون شاب رياضي يحب كرة السلة وأفلام التشويق لممثلين مثل جاكي تشان، جون كلود فان دام وكلينت ايستوود. التحدي الأكبر الذي يواجه كوريا الشمالية هو الوضع الإقتصادي الذي لا بد من معالجته حتى تتمكن البلاد من الاستمرار.

ونظرًا لموقعها، يقول الخبراء أن اقتصاد كوريا الشمالية يجب أن ينمو بمعدل 10 بالمئة سنويًا، فهي تتمركز في واحدة من أكثر المناطق حيوية على الأرض، وتعتبر ممرًا حضريًا يمتد من بكين وشنغهاي وسيول إلى بوسان، ثم يقفز إلى أوساكا وطوكيو، ويحتضن ما يقرب من مليار شخص.

عمليات التطهير

ولكن، بدلًا من استفادة طوريا من المناطق المحيطة بها، فإنها دولة بوليسية تنفق بقلق شديد قدرًا كبيرًا من ثروتها على إبقاء بقية دول آسيا بعيدة عنها. وفوق كل ذلك، فإن النظام السياسي يواجه مشاكل عدة، بينها تضاعف عمليات الإعدام العلنية في العام الماضي (وفقًا لاستخبارات كوريا الجنوبية)، وكذلك ارتفاع عمليات التطهير.

الباحث الأسترالي أدريان بوزو يلخص عقلية الحكم في الدولة التي تركها كيم إيل سونغ، وبقيت على حالها، بأنها تعتمد على عمليات التطهير والأجهزة الأمنية المتعددة المتداخلة والمعقدة، والمستويات العالية من القمع المستمر، وتجنب كل اتصال خارجي لا لزوم له، والإصرار الشديد على الولاء غير المشروط، للاستمرار منذ سنين حتى اليوم.

كيم جونغ أون ورث دولة عن والده وجده، لكنه يمتلك بعض الخصائص التي تميزه عنهم. فهو يعيش عصرًا مختلفًا وزار العالم خلافًا لأسلافه، فهل يمكن أن تشهد البلاد تفويضًا أو تقاسمًا للسلطة في الأيام المقبلة، ما يعطي دفعة للإقتصاد ويضمن استمرارية البلاد؟