ها هو العام الجديد الذي يحمل الرقم (2010).. يطل برأسه، كأنني به يحدق في الدنيا كالخائف المتوجس المرتبك، وهو يشاهد اول ما يفتح عينيه.. الاضواء تسطع والالعاب النارية تشتعل، ويسمع الصخب يملأ الكون، تارة اشعره مثل الطفل الوليد حين يصرخ وهو يخرج عاريا الى الحياة ولا يعرف اي اياد او اقدار ستحمله.

وبالتأكيد مع اقترابنا من رأس العام او بالاحرى اقتراب رأس العام منا، لابد لي ان انظر الى عام 2009، من رأسه الى اخمص قدميه، وأتأمل وجوه ايامه، ماذا عملت فيها وكيف تصرفت، متى ضحكت ومتى بكيت، من افرحني ومن احزنني، متى صعدت عندي حرارة الامل ومتى اشتدت برودة اليأس، واتذكر وجوه الذين مررت منهم او مروا بي، من الذين تركوا اثارا في القلب او بصمات في الروح، السلبية منها والايجابية، وبالتأكيد هناك اناس حملوا لي الورد، واخرون رموني بالاذى، وربما زرعوا في داخلي امراضا واحزانا، لان المودة حين تحترق شجرتها تنتج احماضا تقتل ما بذرته تلك الايام الحسنة، الكثير من الاشياء نستذكرها ولا يمكن ان نتركها تمحى لانها تمتلك موجبات بقائها كدروس وعبر من الممكن الاستفادة منها في العام المقبل ان منحنا الله السلامة فيه، الكثير من الناس مروا وهم يحملون سلالهم التي كنا لا نعرف ما تحتوي لانها كانت مغطاة بالاقنعة والبراقع، ولكننا مع مرور الايام اكتشفناها، بعد ان انكشف ما فوقها،هناك من يحمل فيها محبة بلا حدود وايثارا بلا حزاء، وهناك من يحمل ضغائن وحسدا وشماتة، هناك من يبيع ابتسامات ملونة مغلفة، لكنها في الحقيقة تكشيرات مخيفة يتقطر من لعابها سائل مميت، هناك من يجد في ابتسامتك له فرصة ينتهزها للعب على حبال الخديعة الملونة، وهناك من يريد ان يملأ بك الفراغات ومن ثم يرجمك بالشماتة، ومن ثم يرتدي النظارات التي لا تسمح له حتى برؤيتك، وهناك من لا يدخر جهدا كي تكون روحك سامقة وقلبك نابضا، وهناك من تمنعه روحه ان يسألك (شلونك) وانت امامه تنوء بأوجاع واحزان، وتنزّ من عينيك غيوم سود، وهناك من يهب اليك كالريح ويحيطك بدفء مودته واشجار اخلاصه المثمرة.

ها هو راس السنة الجديدة.. يطل، ولا بد ان أتلمس مكنوناتي الطيبة، لا اريدها ان تتغير، لن احقد على من رماني بالشتيمة او الشماتة، لن اخن من خانني، ولن اتصف بصفاته، فيما سأنحني لمن قال لي في محنتي مهما كان شكلها (الله يساعدك)، ولا اتمنى لاصحاب الوجوه المتقلبة والقلوب الملونة سوى افضل مما يتمنونه لي، وعزائي انهم يندمون بعد حين رغماعنهم بعد ان يدركوا ان غاياتهم كانت تتقاسمها الانانية والبشاعة وان ما منحوه لغيرهم سيصابون به.

* فاصلة
وأنا ألمس بأصابعي رأس السنة الجديدة
أمد يدي الاخرى الى وجهك الجميل
اشعره يضيء لي دروب الايام
وبالحب يشهق على قوافل الليالي
فيما ابتسامتك تترامى على قلبي
تطهره من الهذيانات والتعاسات
انت.. وحدك، عسلي الشافي
ووحدك.. انت اطلالتي وتجددي ورأسمالي