يحتج البعض بدموع التماسيح وبعبرات المتحسرين وبمفردات الخاسرين وبطرق المهزومين على تهديم وازالة بعض النصب quot; الصدامية quot; من العاصمة الحبيبة بغداد وكأن بغداد ملك صرف او أرث لعصابة حكمت العراق بالذبح والبطش والاقصاء والتفرد لذلك يستحق رئيس عصابات مافيات الاقلية هذه ان يخلد بالترميز الشخصي له وسط هذه العاصمة التاريخية العريقة التي سلمها الى الحاكم الامريكي المدني بريمر ولاذ بحفرة حقيرة لاتمت للنصر بشيء لامن بعيد ولامن قريب!! واجزم بان الصنم قد استخدم شارع قوس النصر وسط ساحة الاحتفالات كطريق للهروب السريع في كل معاركه الخاسرة والاختفاء بحفره المشينة بعد ان ترك الشعب العراقي وحيدا يواجه نتائج جرائمه الارهابية وسلوكه الطائش. مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هذا الشارع هو اقصر طريق رابط بين القصر الجمهوري ومجمع القصور وشارع الزيتون المؤدي الى المنصور او الحارثية ومنها الى الطريق السريع المؤدي حيث نصب اللقاء الصدامي ومنه الى التاجي وتكريت حيث العوجه ومكان تلك الحفرة التاريخية العظيمة!

وفي الوقت الذي نطالب فيه بالحفاظ على نصب وتماثيل بغداد التاريخية المتمثلة بنصب ابو جعفر المنصور و نصب كهرمانة وابو نؤاس وعنترة بن شداد وعبد المحسن الكاظمي وغيرها من النصب العراقية الخالصة، فان نفس المطالبة تكون اقوى وتاخذ مديات اكبر للمطالبة بهدم وازالة كل نصب او تمثال او رمز يشير الى تلك الحقبة الصنمية او رموزها المهزومين. فالعراق ليس استثناء عن دول العالم وشعوبها التي ازالت كل رموز الخراب والديكتاتورية من شوارعها وساحاتها العامة في المانيا وايطاليا والنمسا واسبانيا. كما يجب وضع مراجعة حقيقية وقانونية وتاريخية محايدة لنصب اخرى تتوسط بعض الشوارع مثل نصب عبد المحسن السعدون اذ يجب تشكيل لجان ذات خبرة تاريخية بالدور السياسي لهذا الشخص في مرحلة مهمة من التكوين السياسي العراقي الحديث ووضع القرار النهائي لتمثاله على ضوء دوره وقرارته وانعكاس ذلك على الواقع العراقي حينها او امتداداته الى وقتنا الحالي. والا التناقض واضح بوجود نصبين للنافي والمنفي وسط شوارع بغداد.


من جانب ان ساحات بغداد لايجب ان تتحول الى اماكن نصب او تماثيل عشوائية بل يجب التأني والنظر بحكمة وفن رفيع الى موضوع وضع تماثيل او نصب جديدة ويجب ان تتحول ثقافة هذه النصب الى quot; الجامع العراقي quot; من الشعراء والفنانين والادباء والرياضيين والاعلاميين المميزين وايضا التاريخ العراقي الثري والحاضر المميز من المواقع والمدن اما غير ذلك من السياسين او غيرهم من الرموز التي تستحق نصب او تماثيل من بعد نيسان 2003 فمن السهل والايجاب جمعهم في متحف خاص وترك الامر للمواطن في حرية الاختيار والزيارة. ونفس الشيء ينطبق على اسماء المستشفيات والمسارح وغيرها من الاماكن العامة فاختيار اسم تاريخي او حتى اسم وردة صغيرة له وقع كبير في بناء ثقافة عراقية جديدة لاتمجد الشخص او الحاكم بل تقف احترام للوطن وشواخصه وللطبيعة ونتاجها الانساني الثري.

ان من يتباكى على quot; كفي الصنم quot; في قوس الصنم او نصب اللقاء عليه ان يراجع انسانيته قليلا وايقاظها ولو بحدودها الدنيا وان يعرف ان بغداد اكبر بكثير من حكامها خاصة المجرمين والعابثين منهم. واذا عجز عن فهم هذه الحقائق التاريخية والانسانية فهو حر طليق بان يبني الف صنم والف نصب في بيته او على سطح داره، لكن ليس له أدنى الحق بالترويج لفكر ورموز ديكتاتورية ذبحت العراق والعراقيين من الوريد الى الوريد. وان هذا قوس النصر المزعوم لايمثل غالبية العراقيين بل ينتمي الى نظام ومرحلة سوداء يجب ان تتلاشى. واعتقد ان هذا جواب صريح وواضح لماذا يهدم هذا القوس الاعوج المطلخ بدماء العراقيين قبل غيرهم. والخطاء في تاخير ازالته حتى يومنا هذا.

ويجب ان لاينتهي الموضوع عند هذا الحد بل يجب سماع جواب واضح وصريح من الجهات المختصة عن سبب تاخرها الكبير حتى وقتنا هذا للمباشرة بازالة هذا الخراب من بغداد!!؟ فان طلقة الرحمة لاتطلق مرتين بل مرة واحدة، كما أن التمثيل بالميت حرام وهولاء كانوا اموات quot; انسانيا ووطنيا quot; وهم في الحياة قبل قبرهم لذلك يجب مرة واحدة تنظيف شوارع بغداد الحبيبة من بقايا اصنامهم وحجرهم ونصبهم وليس بالتقسيط المريح.ليبدأ عراق جديد وقانوني ودستوري بكل مفرادته وخطواته.


[email protected]