bull; الخميس ndash; 11 فبراير
1- السعودية لم تصافح وإنما الأمير تركي الفيصل!

لا زلت أتابع الضجة التي أثارتها مصافحة الأمير السعودي تركي الفيصل مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي المشهور بفظاظته ووقاحته. وعلى الرغم من أن الحادثة قد طواها الزمن في
عالم سريع الإيقاع والحركة، إلا أن كثيرين لم ينسوا، ولن ينسوا، وسوف يظلون يملأون الصحف بالاحبار والقصص والتوقعات.

وأعترف أنني كنت في صراع داخلي طوال الأيام التي مضت فيما يتعلق بمشهد المصافحة نفسه، وهو الذي لا يزال موضع بحث وسؤال داخل الأوساط السياسية في المملكة، وعلى جنبات الموائد الرسمية العليا.

في البدء كنت مأخوذا بالمشهد، ولا أتجنى على الحقيقة إن قلت أنه كان مشهداً قاسياً جداً علي، مضت ثوانيه كأنها ساعات طوال.
وكان السبب في ذلك الشعور، الذي هو مزيج من القلق والترقب والوحشة، قلقي على الأمير نفسه، وعلى طموحاته المنتظرة. لقد عرفت أن الأمير تركي سيدخل دائرة الصراع والصداع العربي، خلال الأيام التي يجب أن لا يدخل فيها في أي صراع، وهو على مبعدة خطوات من قمة الجبل، الذي ظل يسير إليه سنوات حسوماً.

أما بعد هدوء العاصفة فيمكن تحليل الحادثة بعيداً عن مؤثرات المكان والزمان والأحكام المسبقة.

أولا إن الأمير تركي الفيصل ليس موظفاً في الدولة، ولا يحمل أي صفة رسمية، لذلك فإن مصافحته لا تعني أنها مصافحة رسمية بين مسؤول سعودي وآخر إسرائيلي. وثانياً إن للأمير المشهور بحركته الدؤوبة سجلاً من الخلافات في الرأي مع صناع القرار الرسميين في بلاده، وكان آخرها مقالته في quot;الواشنطن بوستquot; عن أفغانستان، التي أثارت إستياء البعض من أصحاب المقامات العالية في المملكة. وثالثاً أن الرجل سياسي بقفازات مفكر، أو العكس، ولا يوجد أصعب على السياسي من أن يكون مفكراً، حيث تتنازعه، رياح العقل، والمنطق، مع نسائم الحسابات، والمصالح !

إذاً الواقعة الآن في إطارها الصحيح: مصافحة بين مسؤول سعودي سابق، مثير للجدل كما هو قدره، وبين نائب وزير إسرائيلي، مشهور بالنزق والصلافة.

تابعت المشهد عشرات المرات وقلت في نفسي: quot;مالذي يمكن للأمير تركي أن يفعل؟.. هل يعطي ظهره للسلام أمام مسؤولين ومثقفين من نخبة النخبة في الغرب؟ أم يلبس النظارة الشمسية كي يموّه على الموجودين؟quot;.

وبعد التفكير خلصت إلى أنه لا يمكن تجاهل إسرائيل في أي مكان، خصوصا وإن كان ذلك في مؤتمر يتعلق بترتيبات الأمن في الشرق الأوسط. وهل يمكن لسياسي عاقل أن يتجاهل دور إسرائيل في الشرق الأوسط، وما ينعكس عن ذلك ليصل إلى أمنه، وسياسته؟
إنني أعتبر نفسي أحد تلامذة المدرسة السياسية الواقعية، التي تعتبر أهم مدارس الفكر السياسي العالمي؛ وهذا ما يجعلني لا أرى أي مبرر لتجاهل إسرائيل، فهي دولة موجودة على الأرض ولو بفعل فاعل، سواء رضينا أم أبينا. وعلينا التعامل معها دون هرولة لا لزوم لها، ودون انكفاء لا طائل منه، بل عمل دبلوماسي في حدود مصالحنا، وحسب ما تقتضيه أهدافنا في المنطقة.

وأعني بذلك أن السعودية وإسرائيل هما أهم لاعبين في الشرق الأوسط، أما البقية فهم تفاصيل، أو رتوش صغيرة على هامش الصورة الكبرى. وإن تم تعاون من أي نوع بين البلدين يجب أن يكون بالثمن الذي حددته الرياض، وهو العودة إلى حدود 67، وبعدها سلام شامل لا ريب فيه، حسب رؤية صانع السلام الملك عبد الله بن عبد العزيز ومبادرته التي أصبحت مبادرة عربية.
الفاتورة باهظة، لكنها جديرة بالمحاولة !

bull;السبت ndash; لم أسجل التاريخ بالضبط
2- سيجارة في ليلة باردة مع... quot;مأمون فنديquot;!

منذ زمن لم أر الصديق مأمون فندي، وهو للأمانة واحد من أهم الكتاب العرب، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق. والجميل فيه أن أعداءه كثر، وهذا في رأيي مقياس نجاح، لأن الأوضاع في

وطننا العربي معكوسة، فإن مدحك أحد فيجب عليك مراجعة نفسك والبحث عن الخطأ الذي ارتكبته كي تستحق مدحاً والعياذ باله !

قلت له ونحن نرتجف من البرد اللندني القارس ونطل على المدينة الناعسة من علياء quot;نايتس بريدجquot;: quot; الحملة كبيرة عليك والأسماء أكثر من أن تعدquot;. قال لي بهودء وهو ينفذ دخان سيجارته:quot; لا أهتمquot;. قلت له :quot; إنهم يسمونك quot;مأفون فنديquot; وأحيانا quot;مأمون منديquot; وغير ذلك الكثير الكثير مما تحتمل ومما لا تحتملquot;. وقال:quot; ليكتبوا مثلي وبعدها يمكن أن أناقشهم... لا يوجد أحد على الساحة يكتب بطريقتيquot;.

وبالفعل. يمتلك هذا الصعيدي الأسمر خلطة لم يجدها أحد، وبصمة خاصة في الكتابة لا شبيه لها. وحتى إن سقطت إحدى صفحات الصحيفة التي يكتب فيها في الشارع وبها فقرة واحدة من مقاله، ستعرف بالظبط من كتبها، وأسمه، وذاته، وصفاته.

حينما تحدثنا عن مشاريعه المقبلة، أخبرني عن سلسلة مقالات، أوشك على الإنتهاء منها، عن العمران، ودوره في الحياة الاجتماعية، وهي مستندة في بدايتها على بيته في القرية، وكيف كانت عائلته تمارس اللعب على الزمان والمكان في ذلك البيت القروي الصغير؛ ففي الليل يكون الصالون غرفة نوم، والظهر تكون صالة استقبال للضيوف، ومنتصف النهار يتحول إلى مطبخ، وهكذا دواليك.

إذاً أطلق مأمون نظرية تقسيم المكان، وهي فتح في فن الكتابة العربية من رجل طار من الصعيد حافي القدمين، ليدرس الأميركان في quot;جورج تاونquot;، وهي أعظم الفتوحات العلمية، ويعمل في مراكز أبحاثهم ويكتب في صحفهم، ويثير حسد الآخرين وإستيائهم.
سر يا quot;مأمونquot; ولتكن quot;مأمونquot; العواقب !


bull; الأثنين ndash; 15 فبراير
3-دبي قهرت الموساد... وسوف تعاقبه!

quot;إن كنت مهدداً بالإغتيال فعليك الذهاب إلى دبيquot; . هذه نصيحتي لكل سياسي هارب، أو مطارد من أجهزة الإستخبارات الشقيقة وغير الشقيقة، لأنه سيكون أمام حلين أحلاهما مر: الأول أن يخرج من العملية سليماً معافى، والثاني على الأقل إن حدثت فإننا سنعرف الفاعلين، ولن يذهب دمه مثلما ذهبت دماء أغلب السياسيين العرب هدراً.

An image grab taken from hotel surveillance camera allegedly ...

حادثة أغتيال المبحوح ثبتت مقدرة دبي العجيبة في رفع حواجب الأصدقاء والأعداء دهشة وحبوراُ. أعادت الثقة في نفسها، وأعادت للعالم نظرة الإحترام إلى مدينة لم تعد تقل عن دول العالم الأول تقدماً، وتطوراً، وانفتاحاً. ظللت عدة مرات أتابع المشهد الذي بثته شرطة دبي عن الحادثة وأنا مندهش، لهذه السرعة في جمع التفاصيل، وبثها للملايين صوتاً وصورة.

حين أنتهى المشهد ألتفت إلى صديقي محمود العوضي وقلت له: quot;تصور لو أن الحادثة تمت في السودان أو مصر، صدقني لن نعرف القصة ولو بعد عشرين سنة!quot;.

ضحك، وضحكت على عالم عربي، لا تستحقه دبي !

[email protected]
مقالات أخرى في مدونة سلطان القحطاني