ليس لدي علاقة بالإفتاء، ولا أحب الخوض في المسائل الدينية، لأنني أجهلها، ولم أقرأ أكثر مما مررتُ به أثناء مرحلة الدراسة.
لكنني قلتُ إنها مساحة للعقل والتفكير بعد حديث أجريته مع أحد الأصدقاء، وهو باحث في شؤون الخليقة، وتفاعلات تاريخها، من قصور آل عثمان، مروراً بملوك البوربون، وquot;فرسايquot;، وليس انتهاء بآل quot;وندسورquot;، وquot;باكنغهامquot;، وبلاط quot;السانت جيمسquot;. وبالتأكيد نفحات طاهرة من quot;موطأ أبن مالكquot; وquot;رياض الصالحينquot; وسلفية quot;ابن تيميهquot;، ورحلات الحديث النبوي، وسيرة النبي المصطفى.
معرفته بثنائية الدين والتاريخ أتاحت لي فرصة الاستكشاف، والفضول، والإنصات. قال لي ونحن نتحدث في دارته الهادئة، شمال الرياض، أن لديه أسئلة منطقية، لا بد من البحث لها عن إجابة، تتعلق بصيام عاشوراء. قلت لا أعرف، فما لدي نزرٌ يسير لا يصل إلى حد الفتوى. قال quot;إليك بعض الأسئلة، أرسلها لقرائك، وأتحدى أن تجد إجابة عليهاquot;.
كانت أسئلته بالنص، دون زيادة أو نقصان، كالآتي:
quot;لماذا فقط نحتفل بنجاة موسى دون غيره من الأنبياء؟، لماذا لم نحتفل بنجاة إبراهيم من النار، وهو أبو الأنبياء وأعظمهم قدراً بعد النبي محمد، ونوح من الغرق، ويونس من الحوت، وعيسى من القتل، والصلب؟
ثم لو لم يكون اليهود في المدينة، وحسب رواية الحديث إن الرسول وجدهم يصومون، هل يعني ذلك إننا لن نصومه؟
بقي، النبي الكريم، في المدينة عشر سنوات؛ فهل شاهد اليهود يصومون في العام التاسع فقط، مع العلم أنهم اخرجوا من الأمين، ولماذا لم يعلم طوال تسع سنوات خلت؟
هل يجوز تقليد اليهود رغم أن النصارى أقرب إلى المسلمين كما جاء في القرآن الكريم؟
اليهود يتبعون التقويم القمري إلا أنهم يعتبرون الشهر 29 يوما وبعد ثلاث سنوات يضيفون شهراً على السنة مما يعني إن هذا اليوم متغير وقد يأتي في رمضان أو يوافق عرفة، ألا يمكن أن يحدث الخلط؟quot;.
والأسئلة لا حدود لها، لكم أيها القراء!
*الأربعاء- السادس من شهر يناير
2-هل من حماس لـquot;حماسquot; في السعودية؟
منذ العام 2007 توقفت الاتصالات الرسمية بين الحكومة السعودية، وحركتي حماس، وفتح.
بقيت على الظلال القريبة من إطار الصورة الرئيس، بضعة اتصالات غير رسمية، تؤكد على أن الرياض توافق على ما يوافق عليه الأشقاء، وأنها مستعدة لدعم الفلسطينيين لإنشاء حكومة وحدة وطنية، شريطة عدم تدخلها المباشر، لأنها شعرت بالخذلان بعد أن دمر الطرفان أتفاق مكة، الذي رعاه الملك عبد الله شخصياً.
كان ملك السعودية مستاءً من كل هؤلاء الذين بكوا تحت أستار الكعبة، وأقسموا على أنهم لن يقتتلوا بعد اليوم، ولن يسمحوا لنيران الفرقة أن تنسيهم هدفهم الرئيسي، وهو مقاومة الاحتلال، وإنشاء وطن فلسطيني يضم اللاجئين، والهاربين، والمنفيين. ثم ما هي إلا أسابيع، وإذا بالعهود تنقض، والأسلحة تغير وجهتها من العدو إلى الشقيق، والأخطر كذلك، أن الأبواب فُتحت على مصراعيها، لأطراف لها مصالحها الخاصة، كي تعبث بقضية العرب المركزية، وتستغلها لصالحها.
وكما علمتُ من مصادر متفرقة، فإن السعوديين رفضوا عدة مرات، خلال تلك الفترة، استقبال مسئولين فلسطينيين من كلا الحركتين. فيما بعد، وفي قراءة جديدة للأحداث في المنطقة، وافقت المملكة على فتح قنوات اتصال رسمية مع quot;فتحquot;، بعد أن مضت quot;حماسquot; بعيداً في علاقتها مع طهران، على حساب العرب جميعاً.
إذاً كانت السعودية تتحرك فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني، بشكل غير مباشر، لكنها ألزمت نفسها بخطٍ لا تتقدم عليه، أو تتجاوزه.
وقبل أيام عادت حماس إلى السعودية. هل تغير الوضع؟ .. ليس كثيراً. لكن صناع القرار، في الرياض، وفي إطار عملية توحيد الصف العربي، وافقوا على الترحيب بعودة quot;حماسquot;، رغم أنهم يعرفون أن خالد مشعل، ما هو إلا مراوغٌ كبير، لا يؤتمن جانبه، وأن حركة حماس، تلعب على التناقضات في المنطقة، من أجل مصلحتها الخاصة، قبل كل شيء.
لا أحد يعرف لماذا قرر مشعل القيام بجولته واسعة النطاق هذه، في ظل تسريبات فلسطينية من أن السعودية تريد الدخول على خط المصالحة الفلسطينية، ولعب دور جديد في التقريب بين الحركتين المتنازعتين، عقب فشل quot;أتفاق مكةquot;. وهذا بالتأكيد القاطع أمرٌ غير صحيح، فملف المصالحة ملف مصري أصيل، ولا تجد الرياض ضرورة لتجاوز الخط الذي رسمته لنفسها، في ظل أجواء عدم الثقة، أو مزاحمة المصريين في ملف أعدو له جيداً، وقطعوا فيه أشواطاً طويلة.
الهدف من هذه التسريبات واضح، فهو يستهدف في المقام الأول، والأخير، الضغط على المصريين، ولو نفسياً، وإعلامياً، وإظهار الحركة وكأنها منفتحة على محيطها العربي، حريصة على توثيق علاقاتها معه، بعد الاتهامات المتواترة لها، بأنها تقدم علاقتها مع طهران على العرب أجمعين.
حسب ما أعرفه فإن مشعل، ورفاقه، ليس لديهم رصيد في السعودية، فقد خسروا كل ما جمعته الحركة منذ عقود خلت، بعد ثبوت تورطهم في خلخلة الصف العربي، والعمل تحت المظلة الإيرانية، وفرصتهم الأخيرة هي الوفاء بالتعهدات التي قطعوها للقيادة السعودية، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال الاجتماع الأخير بينهما.
إن مشكلة مشعل الحقيقية، هي أنه يعتقد أن متحدث مفوه جداً، لدرجة قد تمكنه من لي الحقائق، وتزييف الوقائع. ورغم أنه في اجتماعه مع المسئولين في الرياض أكد أكثر من مره أن الحديث عن علاقات الحركة مع إيران مبالغ فيه، إلا أن الرياض، بالتأكيد، لا تزال تتذكر كيف ذهب مشعل إلى إيران، وهو يحمل ملفاً عن حرب غزه، ونشاط الحركة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ورفعه لمرشد الثورة الإسلامية، في خطوة لم تحدث قبل في تاريخ العرب جميعاً.
*الخميس- السابع من شهر يناير
3-هوامش على الرحلة النجرانية
بعد أيام قضيتها هناك بدت لي منطقة نجران، جنوب السعودية، صورة لمستقبل جديد. منطقة بكر مفتوحة على كافة الاحتمالات، نهضة، وتطوراً، وإعماراًً. في الحقيقة كنت سعيداً بردود الفعل غير المتوقعة، على تلك الزيارة، والحديث الذي دار حولها، وبعدها، كونها كشفت لي ولع البعض بالحوار، والرغبة في الاكتشاف، وإرساء دعائم الوطنية المشتركة.
إلا أن أكثر ما أحزنني، هو ما خرجت عنه أغلب هذه الحوارات، والرسائل، والتعليقات، من الموضوع ذاته، لتتحول إلى نقاشات عنصرية، وطائفية، أظن أنها لن تعود بالنفع لا على المملكة العربية السعودية، التي تعتبر ساحةً لهذا الحوار، ولا على مواطنيها؛ بل لن تفيد أحداً، على امتداد هذه الخريطة من الشمال إلى الجنوب.
لقد قيل لي لماذا تذهب إلى منطقة لا يوجد فيها ما هو سعودي إلا جوازات السفر، وأعلام المؤسسات الحكومية؟
وقلت أيها الأصدقاء، والأحباء، يبدو أنكم لا تعرفون نجران، و لا تاريخها، فأنا أزعم أنها أكثر سعودية مما يتصور أي شخص، وأكثر وطنية مما نتصور، ومعركتهم الحوثية الأخيرة، هي أبلغ دليل على كيف يشارك المواطن العادي، في القتال للدفاع عن وطنه، بينما ينهمك quot;السعوديونquot; ndash; الذين يعتبرون أن نجران ليست سعودية- في نهب مقدرات البلاد، وثرواتها، ومأساة جدة، أمامنا، دليل حي، ومحسوس.
وقيل لي، كيف تروج لمنطقة، ينتمي أغلبها لطائفة، لا تتطابق مع طيف البلاد، ولا تحترم مقدساته، ورموزه الدينية، التي شاركت نبي الهدى رحلة الفتح، والهجرة، ولزمته حتى لحظة الوداع، والطارق الأخير... وكلاماً مسيئاً لا أريد أن أذكره، أو أزعج القراء به.
وقلت: أيها الأحبة، لقد سألت، وبحثت، وتطقست، ووجدت أن أغلب ما تتناقله مواقع الانترنت الصحوية، وصوالين رجال الدين المتشددين، لا ينقل الحقيقة كما هي، بل هي مبالغات، وتشويه، لا أفهم الهدف الحقيقي منها، وصلت إلى الحد الذي يقال فيه أن مذهباً بعينه يجبر متبعيه على التساهل في الأعراض، في ليلة مشهودة، فيها الأجر والمثوبة. وقلت للذين ضلوا سبيل وحدة الوطن، ومنهج عبد العزيز، مؤسس البلاد، وملكها الأول: هل يقبل مسلم قَبلي أن يتبع مذهباً يجعله متساهلاً في عرضه ابتغاء مرضات ومغفرة؟. ولم أجد جواباً.
إن نجران وآلها الكرام، مثال حي على التعايش بين أفراد يجمعهم الوطن أولاً وأخيراً، ويعرفون معنى كلمة أن تكون مواطنا سعودياً، قبل كل شيء، ومن ثم يمكنك أن تضع ما تشاء من التصنيفات، والطوائف، بينما يصر السلفيون المتشددون، على أن يكونوا كل شيء، إلا الوطن، ويرفضون الاعتراف بأن خريطة وطنهم لا توجد فيها مدينة أسمها غزة، أو سراييفو، أو قندهار !
وقيل لي، وقيل لي، وقيل لي، الكثير، لكن حصحص الحق، وسيعلم الذين كفروا بوحدة الوطن، وتساوي الأطراف، مع المركز، في الحقوق، والواجبات، أي منقلبٍ سوف ينقلبون !
*السبت- العاشر من شهر يناير
4- مذكرة عاجلة إلى...
صاحب السمو الملكي الأمير،
فيصل بن تركي بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود
رئيس نادي النصر السعودي ndash;
تحية طيبة وبعد،،،،،
يحزنني يا سمو الأمير أن أرى كل هذه الطاقات المهدورة، وكل الأحلام التي تمثلها، تنهار، وتتساقط دون رحمة، في كل مباراة يلعبها فريقك، المصاب بالزكام، والرشح، والتعثر المستمر؛ فكل ما يغرس في النصر ضائع، لأنه لا يمكن أن ينبت quot;واد غير ذي زرعquot;، أو يتحول الجدب، إلى واحة خصبة غنّاء!
أمير النصر اللطيف، توجه إلى الهلال، وكن هلالياً تسلم، ومشجعاً ترتاح، بدلاً من الاستمرار في هذا الضَلال النصراوي إلى الأبد. ليس من العيب الرجوع عن الخطأ، لكن العيب هو الاستمرار فيه. هكذا تعلمنا من دروس التاريخ، والفكر، والأخلاق.
قلي بربك يا سمو الأمير، كيف يمكن أن تقف ضد التطور، والحضارة، والإبداع، والرأسمالية الكروية، لترأس ناد عقيم متهالك، يذكر بالإتحاد السوفيتي وقت احتضاره، ولم يتمكن طوال تاريخه منذ نصف قرن، إنجاب لاعب جديد، غير ماجد عبد الله، الذي قتلتموه، وذهب أدراج الرياح.
تخيل لو أن quot;عُطيلquot; الرياضة السعودية- نسبة لإحدى مخلوقات شكسبير الشهيرة- ونمرها الأسمر، ماجد عبد الله، كان هلالياً، فماذا كان حاله؟ . هل كان سيظل يحلم بحفل اعتزالي كل هذه السنوات الطويلة؟!.
الحديث ذو شجون، ولكن المناصحة إن طالت، تحولت إلى عبء على سامعها، ومدعاة للهجران، وإغلاق الآذان، دون الحق، لذلك أتمنى أن تكون الرسالة وصلت، وأن النصيحة مرت على قلب سموكم، مروراً هادئاً، وخفيفاً. وما هذه الرسالة المرسلة إليكم، عبر هذه الزاوية، علناً، وأمام مخلوقات الله العاقلة، إلا أبلغ دليل على أهميتكم، وأنكم مكسبٌ مهم في الرياضة السعودية، نتمنى له الاستمرار، والتوفيق، ولكن في دروب الإبداع، والتألق الهلالية.
قبل الختام، والسلام، أقول أنني أرسل هذه الرسالة لك إبراء للذمة، ومحاولة للنصح، والإرشاد، قبل أن يفوت الأوان، وتجد نفسك تائهاً في الدروب غير الزرقاء، التي لا تؤدي إلا إلى المجهول. وأود أن أختم بتعهد، سوف أسال عنه يوم القيام، أمام الله، وملائكته، ورسله، بأن أتدبر لسموكم الكريم، عضوية شرف في نادي الهلال، والتي تساوي، في رأيي، رئاسة ما يسمى بنادي النصر لثلاث دورات متتابعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*ملحوظة: من الأسبوع المقبل سوف نبدأ في نشر مقتطفات من quot;الأوراق الخاصةquot; وهي تعنى بالأخبار السياسية، والمعلومات، والتقارير السرية، ولتواصلكم مع الزاوية، من أفكار، ومعلومات، أرجو الإرسال إلى العنوان التالي..
التعليقات