ماهو الحب؟ هل يمتلك تعريف محدد و متفق عليه؟ هل هو مجرد مسألة شعورية تستند على الاساس العاطفي أم انه عالم آخر تتداخل فيه العوامل المختلفة من أحاسيس و إدراك و يقين؟ هل الحب مرتبط بزمن او مرحلة معينة من عمر الانسان ام انه يمتلك بعدا و عمقا لايمکن تحديده او تأطيره بزمن او مرحلة محددة؟ اسئلة کثيرة من دون ان تشفي اجوبتها غليل المتسائلين، بل وان العديد من الاجوبة تقود الى مفترقات و أخاديد و حافات شديدة الانحدار قد تردي بسؤال و الاجابة في قيامة فکرية جديدة تترك خلفها الابجديات الاساسية و تخلق عالما آخرا متباينا عن ذلك الذي ألفناه.
الحب، ذلك الخيط الرفيع من الاحساسيس الذي يصبح في لحظة ما قدرا و ماردا مستبدا يتحکم في مصير الانسان سواءا من حيث رفعته و سؤدده او من حيث تسافله و ضعته و إنحطاطه، عالم يحلو کل زمان التطرق إليه و خوض غمار حديث ذو شجون بصدده، حديث يکاد يکون کأقاصيص و حکايات شهرزاد للملك المتوتر بعقدة خيانة الانثى شهريار، حديث يتجدد و يتجدد متخذا أشکالا و مضامينا مختلفة من دون أن تکون هنالك من نهاية معينة له أبدا.
الحب، هل هو حقا کل الذي نحتاجه کما يقول العديد من الانبياء و المفکرين و الفلاسفة، وهل إنه قادر بحق على أن يکون مهدي هذا الزمان او مسيحه او بابانوئيله ويمنح الانسان الکنه و الطعم الحقيقي لمعنى وجوده؟ هل هو کعصا موسى إذا ألقي يخر له کل المتواجدون في بلاطه رکعا و سجدا، وتهرب او تتلاشى من أمامه کل العصي و الحبال و الاحاجي الاخرى المواجهة و المخالفة له؟
يقينا ان الجزم و الادعاء بأن الحب هو مجرد حالة إحساسية خيالية تمر بالانسان و تقوده الى روابي و سهول و مروج لاوجود لها إلا في دنيا أفکاره، قد لايکون کلاما موزونا و منصفا وقريبا من واقع القضية و حقيقتها، إذ ان أنصاره و مريديه من مختلف الاعمار و المشارب يقولون کلاما و حديثا لايتفق بالمرة مع الجزم و الادعاء الآنفين، وقد نکون ميالين للأخذ بالعالم الذي صوره الشاعر الترکي الخالد ناظم حکمت في مسرحيته الخالدةquot;شيرين و فرهادquot; عندما يحول الحب من حالة وجدانية محضة و منغلقة الى العالم الموضوعي و يجعل منه قوة دفع إستثنائية بإتجاه حل و معالجة مشاکل و ازمات الحياة الانسانية لکن من دون ان يکون أخذنا هذا فيه الغلو او الافراط.
وقطعا لسنا أيضا ميالين لرفض الحالات الوجدانية المحضة او ضربها عرض الحائط، ذلك انه بالامکان إکتشاف ومضات إنسانية متدفقة في ثناياها، والحديث عن الجنائن المعلقة في بابل القديمة و ضريح تاج محل في الهند، يؤکدان حقيقة و واقعية مانرمي إليه و نعتقد به، وللحديث ثمة صلة.
التعليقات