quot;لاتستطيع التحكم بكمية الرياح أذا كانت النافذة مفتوحة quot; . منطلق قد نتفق عليه.
العرق بشكله الحالي نافذة مفتوحة لمبادئ سياسية وفكرية وحلول شكلية خطيرة تحتاج المعالجة لتناقض أهداف المرشحين والكتل
السياسية المتنافسة .
التصويت الذي أجرته quot; الجزيرة quot; مؤخراً ، لجس الرأي العام العراقيبطرح سؤال : هل ترى أن الانتخابات البرلمانية المقبلة يمكن أن تنهي الأزمة في العراق؟ أجاب 86.8%من القراء (لا)وذلك لحد تاريخ يوم 4 شباط2010 .
مدة التصويت: من18/2/2010 إلى 18/3/2010
موضوع التصويت:
هل ترى أن الانتخابات البرلمانية المقبلة يمكن أن تنهي الأزمة في العراق؟
الخيارات
النسبة
عدد الأصوات
نعم
13.2%
166
لا
86.8%
1089
إجماليالمصوتين
1255
نتيجة التصويت لا تعبر عن رأي الجزيرة وإنما تعبر عن رأي الأعضاء المشاركين فيه.
فكانت النسبة مخيبة للأمال ولها أسبابهاوأوضحتْ أحدى جوانب الأزمة العراقية . فقد جاءت نتائج التصويت التي بدأت قبل ثلاثة أيام من
الأنتخابات على نحو غير مُشجع .
والان وبعد أن تبين أن 62% ممن شاركوا في الانتخابات رغم المخاطر والتهديد وأمتناع أكثر من 35% عن التصويت ، فلابد أن نتبين الصورة الأوضح بتقييم المخاطر للعملية الديقراطية الجديدة التي يُفترض أن تأخذ المسار السلمي بعد تشكيل الحكومة واشكالات الخطوات القادمة . ومن جملتها باقتضاب :
- تأثير دول الجوار على نتائج الانتخابات العامة ، و تصريح وزير الخارجية العراقي زيباري لوكالة رويترز بشأنه ( إن إيران والمملكة العربية السعودية وسوريا وتركيا والاردن والكويت ) كلها تدخلت بدرجات متفاوتة قبل ثاني انتخابات عامة يشهدها العراق منذ الغزو الاميركي عام 2003 .وذكر في المقابلة quot;هذه ليست مجرد انتخابات عراقية هذه انتخابات اقليمية quot; quot;كل دول الجوار الست مشاركة.quot; وأضاف quot;بعضهم يشارك بنشاط في دعم بعض الجماعات محبذين نتائج معينة.
- ونقيض لذلك التصريحألقى الدكتور أياد علاوي خطاباً في بغداد قبل ساعات من بدء التصويت الخاص لمنتسبي القوات المسلحة والمعتقلين والمرضى صباح الخميس ان quot;الشعب العراقي يستعد الان لخوض الانتخابات العامة في البلاد التي ستحدد مسار العراق نحو الحرية والكرامة غير أن الاجواء السائدة للاسف تتسم بسوء الادارة والتوتر والتسقيط السياسي وإطلاق الاشاعات الكاذبة وإعداد أدواتها الفنية والاعتقالات والمداهمات والاقصاء والابعاد والتهميش والترويع وإقصاء الناخبين العراقيين في الخارجquot; .
- ما تمخض من وفاق سياسي وتحالفات بين قوى فعالة ذات تأثير ساحة العمل السياسي بعدأن تعلمتْ دروساً وافكاراً سياسية جديدةلتصورات وطنية تؤكد على وحدة العراق وبناء أعمدته المخربة . في المقابللجوء أصناف وقوى عراقية عديمة التأثير الى دول الجوار للحصول على التمويل والتأييد السياسي والأعلامي ، وهو الأمر المُلاحظ من المراقبين ومؤسسات الرأي العام على السواء حيث أبدى الكثير أمتعاضهم لهذا الأتجاه والأشكالية التي رافقتها . وتشير المعلومات السابقة للأنتخابات بعدم وثوقمكونات عراقية عديدة بما يُطلق على (هذه الأصناف التجارية)التي خسرتْ الثقة العامة كما خسرتْ المئات إن لم نقل الألاف من مناصريها ومؤيديها بسبب أتجاهاتهم الخارجيةغير الملمة بعراقية العراق في ظروف كانت في غاية الخطورة .
فهناك قناعة عراقية بأن قوى مسلحة متنافسة مع بعضها على السلطة هي القوى المتنفذة التي تحكم العراق لن تقوم بمسؤولياتها على الوجه الذي يأمله المواطن . هذه القناعة والتحليل الحسي للمواطن ، بعد أستطلاعرأي الشارع العراقي ، صحيحة الى حد كبير. فالعراق مرَّ بمرحلة خطرة من تاريخه الذي بدأ في سنة 2003 وتَنفذتْ في قراراته وسلوكيته عناصر دخيلة تغلغلتْ على العملية السياسية الديقراطية الطموحة رغماً وطوعاً . وكان لأنتشار عصابات مسلحة من مليشيات متعددة ، وقع سيئ الأثر على القادة الجدد. وأضافوا جوانب سلبية على أنفسهم في تبريرهم لوجودها وصَعُبَ التحكم بأفرادها والسيطرة على قياداتها التي أستغلت الأنهيار الأمني وأستثمرته بواسطة هذه العصابات للحماية والتمركز والتسلط وتغاضتْ عن أفعالها الشنيعة الأمر الذيسبّبَنقمة أضافية بأدخالها لعناصر متطرفة مجرمة من الأقطار المحيطة بالعراق تمكنتْ (الى حد كبير ) من مضاعفة الجرائم والتخريب والتفرقة المذهبية العنصرية.
في وقت أصبح من الصعوبة على أهل العراق في أيجاد قوى عراقية الولادة والقيادة والتمويل والولاء.وهي وجهة نظر يصعب تغييرها بين ليلة وضحاها ، وتتطلب الكثير من الضمانات من المرشحين الذين سيدخلون الساحة السياسية ثانيةً.فأن هذه الضمانات لن تكون في صالحها هذه المرة أذا أخذت صيغة خطابات وهوسات ووعود برلمانية، تترجم لاحقاً الى أمتيازات ومحسوبيات ووساطات وأفساد جديد للتقدم الحضاري والعملية السلمية لتحويل العراق من دولة خربة الكيان والأرادة الى دولة عصرية ذات سيادة .
وماعرفتهُ من مصادر عراقية سياسية أبدتْ المساهمة في كشف أشكاليات هامة ، أشارتها العامة بأن الأمل في الحكومة القادمة بعد الأنتخابات العامة هو أنها قد تكتشف أخطاءها السابقة ( الشديدة الحساسية) وتقومبتصحيحها بجرأة وتعقل وحكمة قبل أنتهاء الأربع سنوات القادمة وذلك بالوصول الى تشريعات وتوسيع أجراءات اللجان البرلمانية التي من جملتها :
1. تحقيق بناء دولة القانون وأعادة بناء المؤسسات العراقية بشكلها اللائق ومنع المسؤولين العراقيين من القيام بجولات عربية لتأليب أحزاب وحكومات ومؤسسات أِعلامية ضد العراق وأهله .
2. تعديل مواد دستورية ، وخاصةً نواب رئيس الجمهورية وصلاحياتهم لتركيز السلطة التنفيذية بيد رئيس الوزراء كما هو متعارف عليه في الدول الحديثة .
3 . أنهاء الوجود المسلح للمليشيات وأزالة حالة شبه الوجود العسكري لكي يتسنى ضبط الأمن وتعيم النظام.
4 . أعادة تقييم حاجات العراق الأساسية لتحسين الحالة المعاشية والبيئية بأدخال مضامين جديدة لحالتهم وتغيير أو أبطال البطاقة التموينية وتحسين قيمة الدينار.
5 . الأستفادة من اليد العراقية العاملة وتوظيفها وخاصة بعد أعادة شبكة المواصلات الجوية وتأهيل حركة المطارات وفي مجالات تحسين الثروة المائية ونظافة الأنهار والطاقة الكهربائية و توقيع بروتوكولات وأتفاقيات دفاع مشترك مع دول شرقية وغربية والأشتراك في دورات تعليمية وورش تدريب تقني حديث للموظفين والعسكريين .
6 . الدخول في بروتوكولات أقليمية لتبادل المعلومات الأستخبارية الأمنية ومراقبة حركة التهريب وأنتقال الأموال بطرق غير مشروعة وضبط مسالك حدودية لمراقبة تحركات مخربين وعناصر أرهاب خارجية .
7. أخراج العراق من السيطرة الأجنبية ومنع المسؤولين العراقيين من التعاقد الشخصي مع هيئات أو شركات أو منظمات ، أو الخضوع الى المكونات ألاجنبية الأقليمية والدولية أوالسماح لهابالتدخل في شؤون عراقية صميمية .
أعود وأقول بأن التصويت الذي أجرته قناة quot; الجزيرة quot; بأستقراء أراء المواطنين رغم أهميته لايكشف عن الجانب الأخر الجدير بالأهتمام وهو أنحسار المد ألأجتماعي الديني أو طغيانه خلال عملية الأنتخابات العراقية التي أخذتْ طابعاً أخلاقياً متحضراً له أيجابياته المستقبلية الذي يُمكن أيضاحه بأختصارعلى النحو الآتي.
فالبيان الأيضاحي الذي أصدرهُ ممثل السيستاني ، بمبادرة المرجعية الشيعية في العراق، في عدم تأييدها لأي قائمة أنتخابية وحيادية الهيئات الدينية وتوجيهاتها باستقلالية الناخبين وأختياراتهمكان صائباً ، فالأسلام هو أنتساب روحي وأخلاقي الى اللهلا الى الأحزاب والفرقة والتشرذم ، وكانت المبادرةتذكير للمؤمنين بالرسالة السماوية لدور المرشد الديني الأخلاقية (أنما أنتَ مُنذِر ولكل قوم هادِِ) كما جاءت في سورة الرعد ، وهي في رأيي دفعة مُحبَذة لها دلالاتها في تطور الفكر السياسي الديني ورفع الغشاوة عن عيون الكثير من الجهلة المتحدثين عن ولاية الفقيه ودور رجال الدين . فضرورة عدم تدخل الهيئات الدينية في الأنتخابات العامة والتمثيل النيابي الحر في رأيي ، علامة أيجابية واضحة تتعلق في فك القيود التخديرية العنصرية المقيتة وطغيان أفكار المذاهب الدينية وعنفها المسلح .
ولايحتاج الأنسان الى دلالة تاريخية أكثر مما أحدثه الأخوان المسلمون في مصر والبلدان الأسلامية من خراب ودمار تحت عباءة الأسلام وقلبهم مفاهيم الحضارة الأسلامية الأنسانية وتشويهها سياسياً، quot; فالناسُ أعداءُُ ما جهلوا quot; الأمر الذي أضطر الحكومات المصرية لملاحقة الأخوان وزجهم في السجون وأسدال الستار على دورهم السياسي التخريبي بمنعهم من مزاولة العمل السياسي الذي يؤثرعلى قرارات الدولة وتحالفاتها مع الدول الأجنبية .
والعراقيون اليوم يؤكدون على رفضهم طابع التخلف الحضاري الذي قد جمع البعض منهم مع الحركات الأرهابية ( بن لادن و الضواهري والزرقاوي والمصري ) والأشكالات والأزمات الأقليمية والدوليةالتي أدخلوها الى بلادنا ولاحقت بوسائلها المختلفة العملية الديقراطية العراقية الحديثة النشأة خلال السنوات الماضية.
لقد أصبح من المتعذر معايشة الارهاب الديني وتعليله وتبريره مهما كانت ألأنتماءات المذهبية ومهما كان تلكؤ البعض في الأقتناع بمفاهيم الديمقراطية وحكم الأكثرية .
ضياء الحكيم

أستاذ جامعي وباحث سياسي

[email protected]