ولدت بالصين.....
مثيرة هي كرة القدم.. سحرت بجمالها الملايين وتوجت نفسها ملكة دائمة على عروش المحبة والشهرة والهوس. مثيرة للجدل أينما سارت أو تدحرجت أو عانقت في غفلة من الحراس شباك مرماهم. لا أحد يعلم بالتحديد متى أو أين ولدت. لكن التاريخ المكتوب يخبرنا بأن أولى الممارسات المسجلة لهذه اللعبة كانت في الصين و أن هذا الشعب الموغل في القدم كان يسلي إمبراطوره في أعياد ميلاده بلعبة تستخدم فيها كرة من الجلد محشوة بالشعر يتقاذفها اللاعبون من الحرس الإمبراطوري.
وكانت المباراة تنتهي كعادة الاحتفالات الملكية بتقديم الولائم للفريق الرابح وبجلد الفريق الخاسر...!! كان ذلك حوالي 2600 قبل الميلاد. وفي الصين أيضا ظهر المرمي ذو القوائم الخشبية والشباك المصنوعة من الحرير. ويحدثنا كتيب عسكري يعود إلى عهد الولايات المتصارعة بالصين (221 إلى 476 قبل الميلاد) أن الجيش الصيني كان يمارس لعبة تسمى quot;كوجوquot; يقذف فيها اللاعب كرة جلدية عبر فتحة في قطعة من الحرير الممتد بين خشبتين ارتفاعهما 9 أمتار.
أما آبان حكم أسرة تانج (618 -907) فقد تم إدخال الهواء إلى أحشاء الكرة الجلدية للمرة الأولى.
وبما أن الأمر مجرد حديث عن التاريخ فلابد من أن يكون لنا العرب نصيبا فيه، فعلماء الآثار اكتشفوا في العراق لوحة أثرية بها رسم لشخصان يوجهان ركلة لشيء مستدير يشبه كرة القدم تعود إلى 4500 عام قبل الميلاد أما في مصر الفراعنة فقد وجد العلماء بقايا quot;كراتquot; توحي بأن الفراعنة كانت لديهم تسلية ما أثناء فترات الراحة مابين بناء هرم وأخر.
أما جيراننا الرومان فقد كان جنودهم يتسلون بركل رؤوس خصومهم (بعد قطعها) بأرجلهم والتباري في قذفها بعيدا. ولعل لهم يرجع الفضل في قاعدة عدم لمس الكرة (أو الرأس) باليد أثناء اللعب.
منعت ببريطانيا.....
لا شك أن كرة القدم بشكلها الحديث قد ترعرعت ونمت ببريطانيا حيث مارس عليها الإنجليز هواياتهم المفضلة في سن القوانين وكتابة اللوائح وتحديد الغرامات وسبل الطرد والفصل... و كيفية نيل الجوائز. ولكن القليل منا يعلم أن لهم أيضا السبق في منع لعبة كرة القدم، أو على الأقل محاولة ذلك. ففي عهد الملك ادوارد الثالث الذي حكم بريطانيا ما بين العامين (1312 ndash; 1377) كانت الساحرة المستديرة قد رسخت سلطاتها في شوارع العاصمة ليمارسها العامة في الشوارع أثناء خروجهم من الحانات مما يثير الهرج والضجيج وأحيانا كثيرة الصخب والعراك ( لم يتغير الانجليز بعد..!!) إلى الحد الذي قضى بعمدة لندن quot;نيكولاس دي فرنادونquot; إلى إصدار قراره عام 1314 بمنع ممارسة اللعبة في شوارع العاصمة التي تسبب فوضى شيطانية كما جاء في نص القرار.
أما الملك الشهير إدوارد الثالث فقد أصدر عام 1363 فرمانا quot;سلطانياquot; بمنع مزاولة كرة القدم وكرة اليد والهوكي....وصراع الديوك. هذا وقد أصدر الحكام الانجليز المتعاقبين أكثر من 120 قراراً لمنع اللعبة. وغني عن القول أن عشق الناس لهذه المستديرة كان أقوي من كل هذه القرارات.
حرب القدمhellip;hellip;.
أرتبط أسم كرة القدم بأشياء عديدة ولكن اغرب ما ارتبط باسمها هو الحرب التي نشبت بين دولتين في أمريكا الوسطى (الهندوراس والسلفادور) في عام 1969. حيث كانت الدولتان تتنافسان من اجل الوصول إلى نهائيات كاس العالم بالمكسيك.
بدأ الحدث يوم 8 يونيه 1969 حين وصل منتخب السلفادور إلى الهندوراس واستقر بالفندق المخصص له في انتظار مباراة الغد. وطبقا للتقاليد الكروية في أمريكا الوسطى تمت محاصرة الفندق من قبل الآلاف من أبناء الهندوراس الذين قذفوا زجاج الفندق بالحجارة وأصدروا من الضجيج ما يكفي لحرمان المنتخب الضيف من إي لحظة راحة أو نوم. وبالطبع انتهت المباراة بخسارة السلفادور للمباراة 1 ndash; صفر.
وكان يمكن للأمر أن ينتهي عند هذا الحد لولا أن الفتاة السلفادوريه quot;أميليا بولانيوسquot; التي تألمت لخسارة منتخب بلادها فسرقت مسدس أبيها وأطلقت الرصاص على قلبها لتتحول إلى شهيدة وطنية وتُحفى بجنازة وطنية هائلة مشى في صفوفها مئات الآلاف على رأسهم رئيس الجمهورية والوزراء وكبار ضباط الجيش.
وعندما حضر منتخب الهندوراس إلى السلفادور كان الشغب في انتظاره بحيث عاش الفريق لحظات خوف وقلق هائلتين طوال الليل وفي الصباح تم اصطحابهم إلى الملعب في عربات مدرعة بصحبة جنود مدججين بالسلاح لحمايتهم من الجمهور الغاضب. وقام المشرفون على الملعب بحرق علم الهندوراس أمام اللاعبين واستبداله بقطعة قماش قذرة على صاري العلم بالملعب. وكانت النتيجة خسارة الهندوراس بثلاثة ndash; صفر.
وتم سحب اللاعبين على عجل من الملعب إلى المطار ليعودوا إلى بلادهم أما مشجعيهم فقد كانت حظهم أكثر سوء حيث تمت مطاردتهم في الشوارع والاعتداء عيهم وقتل وجرح بعض منهم. على آثر ذلك تم إغلاق الحدود بين البلدين وارتفعت وتيرة الاتهامات والتهديدات لتتحول إلى حرب دامية بين الطرفين استمرت مائة ساعة واستخدمت فيها أسلحة المدفعية والطيران والدبابات ولتسفر عن موت 6,000 شخص وجرح حوالي 15,000 ولتضيف كلمة الحرب إلى جوار اسم المستديرة الساحرة ولتبرهن على استحالة فصل السياسة عن كرة القدم...على الأقل في أمريكا اللاتينية.
التعليقات