حزب الوفد حزب عريق وصاحب تاريخ وطني متميز، ليس علي مستوي مصر فقط بل علي مستوي منطقة الشرق الأوسط، يعتبر سعد زغلول ومصطفي النحاس ومكرم عبيد من أبرز قيادات الحزب في تاريخه، تميز حزب الوفد ومنذ نشأته بأنه حزب الوحدة الوطنية فهو الحزب الذي جمع بين المصريين في ثورة 1919 الخالدة وهو الحزب الذي كانت قياداته دائما قيادة وطنية لا تميز بين المصريين بحسب انتمائهم الديني، وهو الحزب الذي أسس وقاد أجمل فترة ليبرالية في تاريخ مصر في النصف الأول من القرن الماضي، وفي العشرين سنة الأخيرة تقهقر حزب الوفد وتتضاءل دورة في الحياة السياسية لمصر، ولكن مع بداية تولي السيد البدوي للرئاسة الحزب وبعد انتخابات ديمقراطية مشرفة للجمعية العمومية يحسب لخروج الانتخابات بهذه الصورة لمحمود أباظة الرئيس السابق للوفد تدفق نجوم رموز المجتمع المصري للانضمام لحزب الوفد.
الشئ الملفت للنظر هو عودة الحزب ليكون حزب الوحدة الوطنية من جديد وظهر ذلك في مسارعة العديد من الأقباط للانضمام للحزب كرامي لكح الملياردير المصري المعروف، ودعوة قيادات الحزب لنجيب ساويرس للانضمام للحزب، بل وعرضوا علي quot;ساويرسquot; الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة ممثلا لحزب الوفد، كل ذلك جعلني أشعر أن المجتمع الوفدي تحرر من عقدة الانتماء الديني التي سيطرت علي المجتمع المصري عقب ثورة العسكر والتي هي السبب في معظم مشاكلنا.
قد يقول البعض أن نمو حزب الوفد جاء بعد اتفاق بين النظام والحزب علي أن تمثل الأحزاب دور المعارضة بدلا من الأخوان المسلمين، الذي لعب بهم النظام كورقة في وجهة ضغوط الإدارة الأمريكية السابقة في عهد بوش بتطبيق الإصلاح في مصر وتوفير جو ديمقراطي، فقابلهم النظام بورقة الأخوان ليخيرهم ما بين النظام أو الأخوان، وبعد تغيير الإدارة الأمريكية كان لابد للبحث عمن يلعب دور المعارضة وركن الأخوان علي الرف. والحقيقة في هذا الكلام قدر كبير من الصدق، ولكن وليكن هو إتفاق ما بين النظام والأحزاب بقيادة الوفد فلماذا لا نستفيد من هذه الفترة كما استفاد الأخوان المسلمين الذين أصبح لهم 88 نائب وأصبحوا نجوم وضيوف دائمين علي صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون وأجهزة الإعلام واستطاعوا التأثير في الشارع المصري بشكل لا يستهان به ربما حققوا مالم يكن يحلموا بتحقيقه في عشرات السنين بالاتفاق مع النظام. هذا من ناحية أما الناحية الثانية فأننا سنري قيادات وفدية تمارس السياسة من مقاعد المعارضة ممارسة فعلية وستفرز هذه المرحلة قيادات وكفاءات سيكون لها دور كبير في المرحلة القادمة، فمصر لن تتحول لبلد ديمقراطي في سنة أو عشرة فيجب النظر لهذه المرحلة كبداية للإعداد لمراحل أخري قادمة واستثمار الفرصة بقدر استطاعتنا.
وفي النهاية قد تكون هذه المرحلة هي نهاية لمرحلة اختزال الأقباط في الكنيسة واختزال الكنيسة في شخصية البابا، وهي الخطة الخبيثة التي نفذت بعد الثورة بهدف السيطرة علي الأقباط من ناحية، ومن ناحية أخري ضرب الأقباط في الكنيسة من خلال الزج بالكنيسة في أمور سياسية، وجعل الكنيسة هي المصدر للقيادات القبطية المدنية فيتم اختيار المعينين في مجلس الشعب والشوري من داخل الكنيسة، والحقيقة هناك فرق كبير بين العمل التطوعي quot; الخدمةquot; داخل الكنيسة والعمل السياسي والتجربة أثبتت فشلها، فعلي مدار ستين سنة لم تخرج شخصية سياسية واحدة تعبر عن هموم الأقباط وتطالب بحقوقهم غير شخصية الدكتورة جورجيت قليني، أما المرحلة الجديدة سيتم اختيار القيادات القبطية من خلال المطبخ السياسي،ومن خلال العمل الحزبي ولتكسب هذه القيادات خبرات العمل السياسي الحقيقي ولتفرز لنا المرحلة القادمة قيادات مدنية قادرة علي تحمل المسئولية وقادرة علي تمثيل الأقباط تمثيل مدني وترفع العبء عن الكنيسة التي تحملته بعد الثورة التي فرغت المجتمع القبطي من قياداته المدنية وأجبرتهم علي الرحيل الأمر الذي جعل الكنيسة مجبرة علي لعب دور سياسي من اجل حقوق أبنائها، أنني أحلم بعودة الحياة الليبرالية لمصر كما كانت في النصف الأول من القرن الماضي فهل تحلم وتعمل معي؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات