سلة غذاء البطاقة التموينية تعتبر من البرامج المساندة لدعم الحالة المعيشية للعراقيين وخاصة للعوائل الفقيرة من ناحية توفير المواد الغذائية الرئيسية، ولكن بسبب فساد السلطة تعرضت هذه السلة خلال السنوات من 2003 الى 2010 الى السرقة والنهب من قبل وزراء ومسؤولين في الحكومات السابقة وبفضل السياسة quot;الرشيدةquot; لتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي تقلصت النفقات السنوية المخصصة للبرنامج على التوالي إبتداءا من سنة 2005 حتى وصل حجم التقليص في 2008 الى حافة التلاشي فأزيل مواد كثيرة من السلة دون مراعاة لحاجات الشعب ودون مراعاة للعوائل الفقيرة التي تقدر أعدادها بعشرات الملايين، وهي بحاجة الى لقمة العيش في ظل الفساد الرهيب والظروف العصيبة التي يمر بها البلاد، واستمر تقلص النفقات السنوية للبطاقة التموينية ضمن ميزانية الحكومة حتى وصل في عام 2011 الى 4 مليار دولار امريكي، وهو تخصيص قليل مقارنة بما يحتاجه الاغلبية الفقيرة من الشعب العراقي.
ونتيجة الارهاب والفساد الرهيب والنهب العريض لاموال الشعب، تعرض برنامج السلة الغذائية الى وضع مأساوي نتج عنه مخاطر كثيرة على حياة العراقيين، اضافة للخوف والرعب والترهيب والهجرة والترحيل التي تعرضت لها العوائل العراقية مع ترك بيوتهم وحوائجهم من منطقة الى منطقة أخرى بحثا لانقاذ حياة الأطفال والنساء وفي ظل ظروف عصيبة ومفتقرة الى تأمين المواد الغذائية الأساسية وخاصة في السنوات التي تلت سنة الفين وثلاثة، وفي ظل هذه السنوات القاسية للعراقيين قامت الحكومة بتقليص المواد الغذائية للبطاقة التموينية بحجة تقليص المصروفات العامة واتباع سياسة السوق الحر التي تطبق في كل اجزاء العراق بشهية شريرة وبفرعنة شرسة ومن قبل نفوس لا تتسم الا بالقلوب الشيطانية.
والمشكلة لم تنحصر في مسألة تقليص المواد من سلة الغذاء بل أخذت عملية التأمين وتوزيع المواد تعاني من شحة وفقدان لمدد طويلة، فلم تكن تصل المواد الى المواطنين الا بعد شهور وبنقص كبير وشديد، وكن التوزيع مسألة مزاجية يلعب بها المسؤول الاول في وزارة التجارة في الحكومات السابقة، فلم يكن معلوما لماذا التأخير حاصل ولماذا يحصل حجب لمواد كبيرة من السلة؟.
وفوق هذا عانى برنامج البطاقة التموينية من إهمال متقصد من الوزراة المعنية ومن الحكومة، وكان وراء هذا الاهمال المتقصد نية متعمدة للتلاعب بأسعار المواد الغذائية في الأسواق لزيادة اسعارها والربح على حساب المواطن العراقي، وعلى سبيل المثال سجل سعر اللتر الواحد من الزيت ارتفاعا ناريا من 1500 الى 3000 دينارا، وكذلك الحال للمواد الغذائية الأخرى، فأصبح حال المواطن واقعا بين نارين، نار الأسعار، ونار فساد المسؤولين على البرنامج وقصور واهمال الحكومة للجوانب المعيشية للحياة.
والحمدلله، بفضل الكفاءة التي يتميز بها وزير التجارة العراقي الحالي تمكن من اخراج البطاقة التموينية من الفساد الرهيب التي عاشته في ظل السلطة بالسنوات السابقة، وتمكن من تحسين مفرداتها الغذائية بالرغم من قلتها، وبفضل المراقبة والمتابعة المتواصلة تمكن من تنظيم عملية توزيعها واستقرار ايصالها الى كل مواطن شهريا، ومن المؤمل تعبئة السلة الغذائية برزمة واحدة في الفترة القادمة لتسهيل وضمان ايصالها الى العائلة العراقية.
ولا شك ان عمل الوزير يأتي في ظل ظروف معقدة وضغوطات شديدة يتعرض لها الوزير من مسؤولين وتجار كبار واحزاب سياسية لتمرير صفقات تجارية فاسدة لنهب أموال البرنامج والاضرار بصحة المواطن العراقي، ولكن بفضل الشفافية والمتابعة وبذل جهود غير عادية تمكن الوزير الجديد من السيطرة على برنامج البطاقة التموينية الذي كان محل سخرية واستخفاف في السنوات الماضية بسبب فساد المسؤول الأول لوزارة التجارة في الاعوام السابقة.
ولكن مع هذا بات على مجلس النواب والحكومة ووزارة التجارة ابداء اهتمام أكبر ببرنامج السلة الغذائية للمواطن العراقي لأهمية مواد هذه السلة للأغلبية العظمى من الشعب وللفقراء والمساكين واليتامى والثكالى، والمقدرة بعشرات الملايين من المواطنين، وعلى الحكومة ان تعير اهتماما كبيرا بهذا البرنامج الحيوي الذي يعتبر شريان الحياة للمواطن الفقير ولمن يمتلك دخلا محدودا، وحان الوقت للتفكير الجدي في تطوير البرنامج لخدمة العراقيين لتوفير مستوى مناسب من القوت لهم، واضافة مواد غذائية أساسية اخرى الى السلة الشهرية، والواقع الراهن الذي يتسم ببطالة عالية وركود اقتصادي يلزم الحكومة بالتفكير جديا للعمل على زيادة المواد الغذائية في البطاقة التموينية التي تعتبر لقمة العيش لعشرات الملايين من المواطنيين.
وبمناسبة تحسين برنامج السلة الغذائية الشهرية للمواطن العراقي في ظل الحكومة الحالية، نتقدم بتحية التقدير الى وزير التجارة الدكتور خيرالله حسن بابكر لدوره الأساسي والفعال في ارساء هذا التحسن لصالح جميع العراقيين ولدوره الوطني في تخليص البرنامج من الفساد الرهيب الذي كان يعيش فيها في السنوات الماضية، وبمناسبة الموقف المسؤول والحريص للسيد الوزير امام السلطات التركية قبل ايام لاعادة جثمان شهيد عراقي الى أرض الوطن نتقدم بتحية عراقية أصيلة لموقفه وحرصه الوطني.
وعسى أن نسمع كلمة طيبة من الحكومة والبرلمان ووزارة التجارة لتطوير برنامج البطاقة التموينية وزيادة مكوناتها الغذائية لضمان الغذاء والصحة الجيدة لكل العراقيين.
كاتب ومحلل سياسي ndash; اقليم كردستان العراق
[email protected]
التعليقات